لعلي اليوم أثني على ما قاله الأستاذ خلف الحربي يوم الأربعاء الماضي عن اتسام مجلس الوزراء الجديد بالسرعة في حسم القضايا العالقة التي ظلت سنوات بلا بت في أمرها، ومن أبرز تلك القضايا قضية فرض رسوم على الأراضي البيضاء، التي ظل كثيرون يطالبون بها على أمل أن تحل مشكلتهم المستعصية في تعذر العثور على أرض يقيمون فوقها سكنا لهم. وحين أصدر مجلس الوزراء قراره بالموافقة على فرض الرسوم على الأراضي البيضاء، جاء ذلك في سرعة مفاجئة ومفرحة لكثير منهم. لكن هذه السرعة الملفتة في اتخاذ القرارات والبت فيما كان راكدا زمنا طويلا، هي في حاجة إلى ما يسندها من سرعة مماثلة في تنفيذ ما يتخذ منها، فالأثر الفعلي لأي قرار لا يمكن أن تظهر جدواه ما لم يصير مطبقا على أرض الواقع. ما يبعث على التفاؤل والاطمئنان إلى سرعة التنفيذ هو أن وضع الآليات والتنظيمات المطلوبة لتنفيذ ذلك القرار، أسندت إلى مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وهو مجلس أنشئ حديثا برئاسة الأمير محمد بن سلمان وهو شاب تملؤه الحماسة والتوقد للإنجاز السريع، لذلك فإن المتوقع أن يكون الإنجاز سريعا رغم ما يتطلبه الأمر من عرض على مجلس الشورى أو غيره من المجالس. وهناك بضعة اعتبارات لا أظنها تغيب عن البال، ولا أدري كيف سيكون التعامل معها، مثل الأراضي الصغيرة، التي اشتراها أصحابها في الأصل لبنائها سكنا لهم، لكنهم لا يملكون المال الكافي لذلك، فيضطرون إلى تركها طويلا في انتظار أن يتوفر لديهم المال اللازم للبناء؟ أو الأراضي المملوكة لقصر، التي أحيانا لا يمكن التصرف فيها حتى يكبروا، وكذلك الأراضي المتنازع على ملكيتها، وهي أيضا لا يمكن التصرف فيها بالبيع أو الإعمار حتى يحل النزاع. وهناك أيضا الأراضي ذات المساحات الكبيرة التي قد يلجأ ملاكها إلى التحايل والالتفاف على القرار للهرب من الالتزام به؟ إضافة إلى مسألة اختيار المعيار الذي يصلح لأن يعتمد في تحديد الرسوم؟ فالأراضي تتفاوت في مواقعها ومساحاتها وأسعارها، ومن المهم اختيار معيار عادل لذلك؟ فما المعيار المناسب، هل يكون بناء على موقع الأرض، أو مساحتها، أو سعر مترها، أو يكون موحدا مع الأراضي كلها بصرف النظر عن الاختلافات فيها؟ أخيرا، فرض الرسوم سيوفر دخلا كبيرا، فهل يذهب كاملا لخزينة الدولة؟ أم يستفاد منه في تطوير الأراضي واستصلاحها لطرح المزيد منها في السوق؟ إن كل هذه القضايا في حاجة إلى دراسة متأنية ودقيقة، لضمان تطبيق القرار والتمتع بثمرته الطيبة، دون الإضرار بأحد.