أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود أن المملكة العربية السعودية أدانت كافة أشكال التطرف والعنف والإرهاب، وواجهتها بالفكر والعزم والحسم، وأكدت براءة الإسلام منها، وطالبت بأنّ تسود قيم العدل المجتمعات الإنسانية كافة، وأخذت على عاتقها العمل على نشر السلام والتعايش بين الجميع، وأنشأت لذلك المراكز والمنصات الفكرية العالمية. جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة اليوم في حفل افتتاح المؤتمر الدولي حول ” قيم الوسطية والاعتدال في نصوص الكتاب والسنة”، وإعلان “وثيقة مكة المكرمـة” الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي ، ونقل خلالها تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز راعي المؤتمر. و قال خادم الحرمين في رسالته لقد حالفكم التوفيق والسداد باختياركم ” قيم الوسطية والاعتدال في نصوص الكتاب والسنة” موضوعاً لمؤتمركم الموقر، تلك القيم التي قامت عليها المملكة العربية السعودية، والتي لا تزال تؤكد سلامة هذا المنهج ودوره في حماية بلادنا العزيزة وتحقيق أمنها ورخائها ومنعتها في مواجهة كافة محاولات اختطاف المجتمع _ يميناً أو يساراً_ عن هذا الوسط العدل الذي جاء به ديننا الإسلامي الحنيف، والتأكيد على نقاء الشريعة الإسلامية من كل فكر دخيل عليها، إيماناً بأن الدين شرع مطهر وليس رأياً يرتجل، وأن كل رأي ليس معصوماً في المطلق، مع تقديرنا للاجتهادات المسندة بالأدلة القاطعة لعلماء الأمة ومفكريها التي أثرت العلوم الإسلامية والإنسانية. وتابع، إننا في المملكة العربية السعودية، وانطلاقاً من التزامنا بهدي الشريعة في أفقها الوسطي المعتدل، ومن مسؤوليتنا الإسلامية عن قدسية القبلة الجامعة ومهوى أفئدة المسلمين، نجدد الدعوة إلى إيقاف خطاب العنصرية والكراهية أياً كان مصدره وذريعته، كما ندعو إلى الإصغاء لصوت الحكمة والعقل، وتفعيل مفاهيم التسامح والاعتدال، مع تعزيز ثقافة التوافق والتصالح، والعمل على المشتركات الإسلامية والإنسانية. وبدأ المؤتمر أعماله بالقران الكريم ، ثم ألقى مفتي الجمهورية اللبنانية الدكتور عبداللطيف دريان كلمة أوضح فيها أهمية المشاركَة في المؤتمرِ العالميِّ الذي تنظمُه رابطةُ العالم الإسلامي بعنوان : (قيمُ الوسطيةِ والاعتدالِ في نصوصِ الكتابِ والسنة) ، برعايةٍ كريمةٍ من خادمِ الحرمين الشريفين الملكِ سلمان بن عبد العزيز، حفظه اللهُ . وبين أن هذا المؤتمر العالمي يأتي انعقاده في رحابِ مكةَ المكرمة وفيها قِبلةُ العربِ والمسلمين ، ومن أرضِ المملكة العربية السعودية مملكةِ الحزمِ والعزمِ والخيرِ والعطاءِ ، الحريصةِ والمؤتمنةِ على القضايا العربيةِ والإسلاميةِ المحقةِ ، بتوجيهٍ كريمٍ ومباشر ، من خادم الحرمين الشريفين ، الحريصِ على رفعةِ وعزِ الأمتين الإسلامية والعربية . وأشاد مفتي الجمهورية اللبنانية بمَا قَامَتْ بِهِ المملكة العربية السعودية والدول الإسلامية في مُكَافَحَةِ التَّطَرُّفِ العَنِيف مبينا أن الجميع مُحتَاجُون ، وَبِمُقْتَضَى سَبِيلِ الأُمَّةِ الوِسِط ، إلى التَّأَهُّلِ وَالتَّأْهِيل ، وَهُمَا أَمْرَانِ يَقْتَضِيهِمَا التَّعَارُف فَلا بُدَّ مِنْ أَنْ نَقبَل، وَفي ضَوءِ الفَهْمِ المُتَجَدِّدِ لِلكِتَابِ وَالسُّنَّة ، على مَعرِفَةِ مُجْتَمَعَاتِنَا وَشَبَابِنَا أَكْثَر ، وَعلى مَعرِفَةِ العَالَمِ وَمُتَغَيِّرَاتِهِ أَكْثَر . وقال مفتي الديار المصرية الدكتور شوقي علام” إن المقصود بالطائفة المنصورة في الحديث الشريف في أوسع وأرحب وأشمل معانيها ما ذهب إليه الإمام النووي رحمه الله وعبر عنه بقوله ( يحتمل أن تَكُونَ هذه الطائفةً فرقةً من أنواع المؤمنين ممّن يُقيمُ أمر الله تعالى من مُجاهدِ وفقيه ومحدث وزاهدِ وأمر بالمعروف وعَبر ذَلِكَ ) . والحق الذي تحمل رايته هذه الطائفة المنصورة هو ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم من رحمة وخير وسلام وأمن وتعايش للبشرية كلها؛ فالإسلام دين سلام ودين رحمة ودين أمن وأمان”. وأضاف: “كلنا يعلم ما تتعرض له المملكة العربية السعودية قيادة وشعبا بل والمنطقة بأسرها، من حملات إرهابية إجرامية وهجمات مغرضة شرسة على الصعيدين الداخلي والإقليمي وهذه الحملات الإرهابيةً كما يعلم الجميع – تقف وراءها قوى شر متآمرة ، ترفع راية الشر والدمار والإرهاب وتدعم تلك الجماعات الإرهابية بالمال والسلاح ، لذلك فإن الوقوف إلى جانب الحق والخير والوسطية الذي ترفع رايته المملكة العربية السعودية إلى جانب مصر وكافة دول المنطقة التي لم تتورط في دعم الإرهاب لهو فرض عين وواجب على كل مسلم وهو أيضا واجب أخلاقي ومبدأ إنساني ، تدعمه دول المجتمع الدولي بموجب المواثيق والعهود الدولية الداعمة والمؤيدة للخير والسلام”. وألقي رئيس مجلس الإفتاء بدولة الإمارات العربية المتحدة رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة الشيخ عبد الله بن بيه كلمة عبر فيها عن شكره للمملكة على تنظيم هذا المؤتمر، مبينا أن الأُمَّةِ الوَسَط هي أمة بعيدة عن الإفراط والتفريط وتتميز بالاعتدال في المنهج وبعيدة كل البعد عن الإرهاب بكافة أشكاله وصوره فهي أمة رحمة وعطاء وتضحية وليست أمة تنازع وتنافر، داعيا المجتمعات الإسلامية إلى التمسك بالكتاب والسنة في منهجها الوسطي المعتدل القائم على العدل والحق. وقال الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين كلمة أكد فيها أن هذا المؤتمر يأتي امتداداً واستكمالاً لمواقف المملكة الواضحة والثابتة في ترسيخ قيم الوسطية والاعتدال في العالم الإسلامي، ودعمها المتواصل لكل ما يجمع ويوحّد شمل المسلمين، ويبسط الأمن والاستقرار في أوطانهم . وقال:” إن المسلمين ابتلوا بمهددات ومخاطر من داخلهم بسبب الغلو والتطرف والميل عن سبيل الوسطية الذي خطّ سبيل المسلمين طيلة القرون السالفة، ومكّن لهم في الأرض بعد أن وقفت الأمم والشعوب والثقافات على السماحة واللين التي يتسم بها المسلمون أينما حلوا، ولقد أدخل الحيد عن سبيل الوسطية أوطان المسلمين على اختلافها في أتون الخلاف والاختلاف بل وفتح علينا باب العنف والإرهاب الذي عاث في أمننا واستقرارنا فساداً، بعد أن كانت أوطاننا مأوى للآمنين وملجأً للخائفين، ومضرب مثل للاستقرار والأمن والأمان. عقب ذلك ألقى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى كلمة قال فيها: “إن الأطروحات حول قيم الوسطية والاعتدال كثرت لكنها كانت ولا تزال بحاجة إلى إبرازها ببيان علمي, يستعرض النصوص ويوضح دلالاتها, ويكشف أوهام أو تعمُّدَ اجتزائها, و يُبيَّنُ الأخطاء والمزاعم والشبهاتِ في تأويلها أو التقولَّ عليها. وأفاد أنه تم حصر أكثر من ثمانمائة مادة لجماعة إرهابية واحدة أرسلتها عبر مئات الآلاف من الرسائل تلقاها كل مستهدف بها عبر وسائل التواصل و الاتصال, وهي مع ضعفها كما هو حال بنيان التطرف والإرهاب إلا أنها ستكون خطرة عندما تصادف عقولاً غضة لا تملك سوى العاطفة الدينية المجردة عن الوعي في ظل فراغ ملموس في الاضطلاع بواجب التحصين المتكامل حول العالم في سنين مضت, وحاجة المجتمعات المسلمة في البلدان غير المسلمة لهذا أكثر من غيرها”، مشددا على أن الفكر الإرهابيً كما لم يقم على قوة عسكرية, بل على أيديلوجية متطرفة, استغلت المشاعرَ الدينيةَ غيرَ المحصنة فكان من أثر شرورها ومجازفاتها ما أصبح محل اهتمام العالم بأسره. وأوضح المفتي العام للمملكة العربية السعودية رئيس هيئة كبار العلماء الرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ أن من خصائص هذا الدين الحق أن يكون ديناً وسطاً بين الغلو والجفاء ، ديناً عدلاً لا ظلم فيه ولا إجحاف ، تتصف جميع أحكامه وتشريعاته بالاعتدال والتيسير بعيداً عن الغلو والعنت والمشقة والحرج. وأكد أن الأمة التي تدين بهذا الدين حقاً هي أمة وسط خيار ليس فيهم إفراط ولا تفريط . وقد تظافرت نصوص الكتاب والسنة على تقرير مبدأ الوسطية والاعتدال في هذا الدين الذي جاء لهداية البشرية جميعاً ، وأنه سيبقى ديناً صالحاً للتطبيق في حياة الناس إلى يوم القيامة ، وأن الأمة التي تؤمن بهذا الدين تتصف بوصف الوسطية والاعتدال من بين الأمم . وأشار الشيخ عبدالعزيز ال الشيخ إلى أنه كان هناك من حاد عن هذا المنهج الوسط قديماً وحديثاً فإنما هم من المتنطعين الذين أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم هم الهالكون والمنحرفون عن الجادة المستقيمة إما بغلوهم وإفراطهم أو بتفريطهم وتقصيرهم، وقد جاء هذا المؤتمر المبارك بعنوان ( قيم الوسطية والاعتدال في الكتاب والسنة ) لتجلية هذا الأمر المهم وبيانه وتسليط الضوء على خفاياه وتفاصيلها ، سائلا الله تعالى أن يجزي خادم الحرمين الشريفين ، وسمو ولي عهده الأمين خير الجزاء على رعايتهما لهذا المؤتمر ، وأن يجعلهما ذخراً للإسلام والمسلمين . وألقى رئيس جمهورية الشيشان الرئيس رمضان احمدوفيتش قديروف كلمة قال فيها :” إنَّ الْمُمْلَكَةً العربية السعوديّهُ تَحَت قيادة الملك سلمان بن عَبْدِ العزيز تعمل على توحيد المُسلمينَ وَلَمّ شملهم كما تُرُفع رايَهُ مُحارّبّة التّطرّف والإرهاب , وَتَعَمل جاهدة لنشر القيم الإسلاميّة الصحيحَة وقد كانت المملكة ومازالت وستبقى ـ إن شاء الله ـ حاضنَهُ للمُسلمين وقبلتهم. ودعا المسلمين في العالم إلى الوقوف صفا واحدا مَعَ الْمُمْلَكَةِ العَرَبِيّة السعودية , وَإلى نبذ الخصومات والنّزاعات وأسباب التُفرّق والتّباغض.
مشاركة :