ليون زويدار*قد تلجأ شركات تقنية عملاقة لتصعيد المنافسة على حقوق البث المباشر للألعاب خلال الأشهر المقبلة. وهذا سيمنح مايكروسوفت ميزات إضافية كونها تملك إرثاً ضخماً بفضل أعمالها الخاصة بمنصة «إكس بوكس»تتزاحم أقدام عمالقة التقنية على سوق ألعاب الفيديو العالمي، الذي تبلغ قيمته 180 مليار دولار. فقد أعلنت شركة «أبل»، مؤخراً، عن إطلاق خدمة اشتراك تُدعى «آركيد»؛ حيث تتيح للناس ممارسة ألعاب عالية الجودة عبر الإنترنت، بدلاً من الاضطرار إلى إنفاق مئات الدولارات على وحدة تحكم قائمة بذاتها أو أكثر على جهاز كمبيوتر متطور مخصص لممارسة تلك الألعاب، وسوف يحصل المستخدمون على ما يصل إلى 100 لعبة حصرية، مقابل رسم شهري. وتم كشف النقاب عن «آركيد» بعد أيام قليلة من إعلان «جوجل» عن خدمة مماثلة اسمها «ستاديا». وإذا انتقل التنافس إلى ميدان إطلاق الألعاب السحابية، فقد يكون هذا أكبر تغيير في قطاع ألعاب الفيديو منذ أن طرحت شركة «نينتندو» تطبيقات غرفة المعيشة «ماريو أند لويجي» في الثمانينات.ولا يقتصر التنافس على كل من «جوجل» و«أبل». فقد بدأت شركة «مايكروسوفت» بتطوير خدمة ألعاب خاصة بها، ستكون متاحة للجمهور بحلول نهاية العام. وتحضر شركة «أمازون» لإطلاق منتج مشابه قريباً. وترى الشركات التي تدير منصات على شبكة الإنترنت أن ألعاب الفيديو، مثلها مثل عروض الفيديو والموسيقى، تعد ضمن ميدان أنشطتها. إلا أن البث المباشر لألعاب الفيديو يتطلب مراكز بيانات باهظة الكُلفة؛ لمعالجة تدفق البيانات عبر الإنترنت عالية السرعة، ونقلها حول العالم في اللحظة. ومثل هذه الطاقة الرقمية لا يملكها سوى عمالقة التقنية فقط.وقد تراجعت أسهم شركات تصنيع منصات ألعاب الفيديو المخضرمة؛ مثل: «نينتندو» و«سوني»؛ بعد إعلان «جوجل». وحافظت تلك الشركات ومعها «مايكروسوفت» على قدرتها على المنافسة؛ من خلال إنشاء أو شراء حقوق الألعاب الحصرية، ثم منح مئات الآلاف من الدولارات؛ لإغراء مصممي الألعاب، ودفعهم لإنتاج المزيد منها؛ بحيث تستمر تلك المنصات التي تسوقها الشركات في العمل بلا توقف. ومن المؤكد أن توفير خدمة حوسبة سحابية على غرار خدمة «نتفلكس» سوف يؤدي بمنصات الألعاب إلى نفس المصير الذي لقيته الأقراص المدمجة، كما يهدد منتجي وناشري الألعاب الذين أنفقوا ملايين الدولارات على مدى سنوات عديدة لتطويرها مراهنين على سعر يصل إلى 80 دولاراً للعبة الواحدة.لكن شركة «أمازون» ومعها «جوجل» و«أبل»، لا تزال تفتقر إلى وقود تلك المغامرة ألا وهي الألعاب نفسها. فمنصة «ستاديا» التي أعلنت «جوجل» عنها، لا تتضمن أي فروع لإنتاج الألعاب كما أن منصة «أبل» ستعتمد كلياً على ناشرين من أمثال: «إلكترونيك آرتس» و«أكتفيشن بليزارد». ولا يزال القطاع تحت رحمة هذه الاستوديوهات حتى هذه اللحظة. ولتوضيح مدى هيمنة هذه الاستوديوهات على المحتوى الخاص بالألعاب تكفي الإشارة إلى أن لعبة «ريد ديد ريدامبشن» وهي نموذج لأعمال العنف في الغرب الأمريكي، جمعت 725 مليون دولار خلال أسبوع واحد من توزيعها.ولم تعلن «أبل» بعد عن رسم الاشتراك الشهري في منصة «آركيد»، وكذلك «جوجل» في «ستاديا»، لكن الكثير من المراقبين يتوقعون نوعاً من خطة الاشتراك، أو حتى خدمة مجانية تدعمها الإعلانات أو اعتماد خطط شراء من داخل اللعبة، وهو النموذج الذي أصبح مؤخراً يعد جزءاً أساسياً من استراتيجيات مطوري الألعاب على مدار العقد الماضي. حتى لعبة الرماية «فورت نايت» التي طورتها شركة «إيبيك جيمز» والتي حققت إيرادات تجاوزت 2.4 مليار دولار، هي لعبة مجانية. إلا أن اللاعبين يضطرون لشراء أدوات ومتممات خاصة باللعبة عند كل مرحلة مثل ملابس لللاعبين التي تسمى «جلود».ومن المرجح أن تلجأ بعض شركات التقنية العملاقة إلى تصعيد المنافسة على حقوق البث المباشر للألعاب التي تصنف على رأس قائمة طلب اللاعبين خلال الأشهر القليلة المقبلة. وهذا سيمنح شركة «مايكروسوفت» ميزات إضافية؛ كونها تملك إرثاً ضخماً في ممارسة الألعاب؛ بفضل أعمالها الخاصة بمنصة ألعاب «إكس بوكس» التي زاد عمرها على 20 عاماً؛ حيث دخلت السوق في أوائل عام 2000. وقد سربت الشركة معلومات على لسان رئيس قسم الألعاب في يونيو/حزيران الماضي تفيد بأن القسم يستعد لإطلاق مفاجأة كبرى.ولدى «مايكروسوفت» مراكز البيانات والبنية التحتية الجاهزة؛ لتنافس «أمازون» و«جوجل»، كما أنها تملك عنصراً أهم لا تملكه تلك الشركات؛ وهو برمجيات الألعاب. فقد دأبت الشركة على شراء شركات تطوير الألعاب الناشئة منذ سنين، وكدست عدداً من حقوق النشر فضلاً عن امتلاكها اللعبة الأكثر شعبية في العالم «ماين كرافت» التي حصلت عليها بموجب استحواذها على شركة «موجانغ» السويدية عام 2014، لقاء 2.5 مليار دولار.لكن منافساتها تملك المال الكثير الذي يمكنها من اللحاق بالركب، وهو ما أعلنت عنه «جوجل» مؤخراً؛ بمناسبة إطلاق «ستاديا»؛ حيث أكد ديفيد بوس رئيس قسم الألعاب أن الشركة التي هيمنت على «يوتيوب» والحوسبة السحابية وأدواتها، عازمة على البذل بسخاء؛ لإنجاح تجربة الألعاب مهما كلف الثمن.* بلومبيرج
مشاركة :