المناخ العربي والدولي يدفع باتجاه حل وسط للأزمة في السودان

  • 5/28/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

برزت في الساعات الأخيرة بوادر تغيّر في خطاب الشق الراديكالي داخل قوى الحرية والتغيير المتمثل في تجمع المهنيين، ربطه البعض بالمزاج العربي والدولي الذي يدفع باتجاه حل وسط للأزمة يرفض منطق الإقصاء، خاصة للأطراف التي لعبت دورا رئيسيا في التغيير بالسودان. وعلى خلاف الأيام السابقة فقد أعلن تجمع المهنيين عن إمكانية القبول برئاسة دورية للمجلس السيادي المختلف عليه مع المجلس العسكري وتمثيل المدنيين بـ50 بالمئة زائد واحد. وكان تجمع المهنيين الأكثر تشددا في المفاوضات مع المجلس العسكري الذي أنشئ عقب الإطاحة بالرئيس عمر حسن البشير في أبريل الماضي، وتمسك التجمع على مدار الجولات التفاوضية بسلطة انتقالية مدنية خالصة، وأن ترأس قوى الحرية والتغيير المجلس السيادي مع الحصول على أغلبية بأكثر من الثلثين ومشاركة رمزية للجيش فيه. وقال التجمع الاثنين، إن “التفاوض مع المجلس العسكري الانتقالي في البلاد لم ينقطع إنما توقف توقفا مرهونا بموافقة الأخير على ضرورة أن تكون رئاسة مجلس السيادة دورية بين المدنيين والعسكريين”.وأوضح التجمع في بيان نشره على صفحته الرسمية في فيسبوك، أن “أدنى سقف تفاوضي لقوى إعلان الحرية والتغيير هو الرئاسة الدورية للمجلس السيادي”. وتابع “موقفنا مبني على رغبات الجماهير في مجلس السيادة وهي أغلبية مدنية بداخله، أو أن يكون تمثيل المدنيين فيه متجاوزا لمعادلة 50 في المئة زائد واحد”. وأوضح البيان أن “تمسك قوى الحرية والتغيير بمجلس السيادة رغم أن صلاحياته تشريفية نابع من أن المجلس هو واجهة الدولة ولا نريد له أن يحمل صفة غير مدنية”. وأكد التجمع في بيانه أن “كافة الاتفاقات مع المجلس العسكري المتعلقة بالحكومة التنفيذية والتشريعية ما زالت قائمة”. وتجمع المهنيين هو عبارة عن تحالف لهياكل نقابية لعب الدور الأبرز في الحراك الاحتجاجي الذي انطلق في ديسمبر الماضي ضد حكم الرئيس المعزول عمر البشير وأصبح المكون رقم واحد في تحالف إعلان الحرية والتغيير الذي يضم أيضا أحزاب معارضة ومنظمات حقوقية ومستقلين. وعاب الكثيرون على التجمع تبنيه منطقا متشددا ينحو صوب الإقصاء، وسط مخاوف من أن عدم القراءة الجيدة للمشهد في الداخل والخارج قد يؤدي إلى انتكاسة في مسار التغيير. وفجر الثلاثاء، أخفق المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير، في التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن ترتيبات الفترة الانتقالية في ما يخص نسب التمثيل بالمجلس السيادي ورئاسته. وكان المجلس العسكري، قد اتفق مع قوى إعلان الحرية والتغيير، بشكل كامل على “هياكل وصلاحيات أجهزة السلطة خلال الفترة الانتقالية، وهي: مجلس سيادي، مجلس وزراء ومجلس تشريعي”. ويتمسك المجلس العسكري بأغلبية تمثله في مجلس السيادة ورئاسة عسكرية، لضرورات أمنية فرضتها المرحلة الحالية. وفي خطوة تصعيدية أعلن تجمع المهنيين الجمعة عن إضراب عام الثلاثاء (اليوم) والاربعاء (غدا) في خطوة رفضها حزب الأمة القومي المنضوي ضمن تحالف الحرية والتغيير. وهناك قلق متزايد من أن سياسة التحالف المدني قد تولد ردود فعل عكسية خاصة وأن المجلس العسكري لم يعد يخفي تململه. ولوح الفريق الركن شمس الدين كباشي رئيس اللجنة السياسية والناطق الرسمي باسم المجلس العسكري باتخاذ “الكثير من الخيارات”.ونقلت وكالة السودان للأنباء (سونا) ليل الأحد عن كباشي القول “التفاوض يسير بوتيرة ضعيفة، وإن استمر الحال هكذا ربما يفضي ذلك إلى الكثير من الخيارات التي تراعي مصلحة المواطن السوداني وتحفظ السودان”. وبدأ المجلس العسكري منذ الأسبوع الماضي حراكا دبلوماسيا نشطا لتوضيح موقفه من حل الأزمة السودانية، وأيضا لحشد الدعم لخطواته المقبلة، والتي تتجه لأن تكون أكثر صرامة. وأجرى رئيس المجلس العسكري الفريق عبدالفتاح البرهان، الاثنين، زيارة إلى جوبا حيث التقى رئيس جنوب السودان سلفاكير، في أول زيارة رسمية له للدولة الجارة منذ توليه منصبه في 11 أبريل الماضي. وقالت مصادر حكومية إن سلفاكير والبرهان عقدا اجتماعا مغلقا بالعاصمة جوبا، فور مجيء الأخير من المطار. وطالب كير الأسبوع الماضي المجلس العسكري بضرورة تسليم السلطة لحكومة مدنية ممثلة لقوى الشارع السوداني، كما أبدى ترحيبه بنجاح الثورة السلمية في السودان. وقبل ذهابه إلى جوبا كان البرهان قد أدى زيارة الأحد إلى دولة الإمارات حيث استقبله ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، الذي شدد على دعم بلاده لاستقرار السودان، ولخيارات الشعب السوداني. كما زار رئيس المجلس العسكري السبت مصر حيث اجتمع بالرئيس عبدالفتاح السيسي، وقبله أدى نائبه محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي زيارة الخميس إلى السعودية التقى خلالها بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي تعهد بدعم الخرطوم اقتصاديا بعد انتهاء الأزمة الحالية، وبمساعدته في شطب اسمه من لائحة الدول الداعمة للإرهاب.وكانت كل من الإمارات والسعودية قد قدمتا 500 مليون دولار للبنك المركزي السوداني في إطار حزمة مساعدات تبلغ 3 مليارات دولار لدعم الاستقرار النقدي لهذا البلد، الذي يواجه أزمة اقتصادية خانقة كانت أحد الأسباب الرئيسية في اندلاع الاحتجاجات على البشير. وفي مقابل الحراك الدبلوماسي للمجلس العسكري نشطت قوى الحرية والتغيير اتصالاتها، وأجرى تجمع المهنيين، الأحد، مباحثات منفصلة مع سفيري بريطانيا والسعودية في الخرطوم بشأن مستجدات الأوضاع. وقال التجمع، في بيان، إن “لجنة العلاقات الخارجية التابعة لتجمع المهنيين ناقشت مع السفير البريطاني عرفان صديق الأوضاع في السودان، والدور الذي يمكن أن تلعبه بريطانيا ودول الترويكا (الولايات المتحدة، بريطانيا والنرويج) والاتحاد الأوروبي في دعم الاستقرار في البلاد”. وبحسب البيان التقت لجنة العلاقات الخارجية في التجمع مع السفير السعودي، علي بن حسن جعفر. ودعا التجمع، خلال اللقاء، السفير السعودي إلى “دعم خيارات الشعب السوداني”. وقال التجمع إن هذين اللقاءين يأتيان ضمن جهوده “لعكس رؤيته حول المرحلة المقبلة من تاريخ السودان إلى كافة الأطراف الدولية والإقليمية”. ويرى محللون أن المزاج الغربي وبخاصة العربي يروم حلا وسطا لا يستثني أحد في الفترة الانتقالية يليها نقل كامل للسلطة إلى المدنيين، فخلاف ذلك يعني الإبقاء على الانقسام سيد الموقف، وقد يأخذ البلد إلى متاهات؛ هو والمنطقة في غنى عنها.

مشاركة :