باريس - أ ف ب - أعلنت "رينو" اليوم الاثنين أنها ستدرس "باهتمام" اقتراح "فيات كرايسلر" للاندماج بالمناصفة، في اتفاق بإمكانه إعادة رسم المشهد في عالم صناعة السيارات، بينما تنظر المجموعة الفرنسية في خياراتها بعد توقيف رئيسها التنفيذي كارلوس غصن في اليابان. وربطت "رينو" استراتيجيتها على مدى سنوات بشراكتها مع مجموعة "نيسان" اليابانية، لكن توقيف غصن وإقالته لاحقاً من المجموعتين أثار أسئلة بشأن هذه الشراكة. وبعد اجتماع لمجلس إدارتها لمناقشة ما وصفته بالعرض "الودّي"، أفادت "رينو" بأنها ستدخل في محادثات بشأن عملية الاندماج التي بإمكانها أن تمنحها قيمة إضافية وتعزز بصمتها الصناعية. وانعكس تأييد المستثمرين لهذا الاحتمال في أسواق البورصة إذ قفز سهم "رينو" أكثر من 15 في المئة في تداولات باريس، بينما سجّل سهم "فيات كرايسلر" ارتفاعاً بأكثر من 10 في المئة في ميلانو. وستعني الشراكة إنشاء ثالث أكبر مجموعة عالمية لصناعة السيارات وستمنح "فيات" قدرة على الوصول إلى تكنولوجيا "رينو" للسيارات الكهربائية. أما "رينو"، فستتمكن من الوصول إلى عمليات "فيات كرايسلر" الواسعة في الولايات المتحدة وخبرتها في مجال الشاحنات والسيارات الرياضية متعددة الأغراض. وحظيت الفكرة بدعم الحكومة الفرنسية التي تمتلك حصة في "رينو" نسبتها 15 في المئة، بعدما أكدت "فيات" أن الاندماج لن يتسبب بإغلاق أي معامل إنتاج. وقالت الناطقة باسم الحكومة الفرنسية سيبيت ندياي اليوم الاثنين إن "الحكومة تؤيّد الاقتراح، لكن على شروط عملية الاندماج هذه أن تدعم التطوير الاقتصادي لرينو وبالطبع موظفيها". وأضافت في تصريحات أدلت بها لقناة "بي اف ام" التلفزيونية: "لدينا شركات كبيرة للغاية، عملاقة، تقام خارج أوروبا ونحتاج اليوم إلى عمالقة في أوروبا". وذكرت أن رئيس مجلس إدارة "رينو" جان-دومينيك سينار أبلغ وزير المال الفرنسي برونو لومير بالمحادثات الأسبوع الماضي. ودعت "الكونفدرالية العامة للعمل" (سي جي تي)، ثاني أكبر نقابة عمالية في "رينو"، الحكومة إلى الحفاظ على أقلية معطّلة بعد أي اتفاق، إذ قد يتسبب الاندماج بالتخفيف من قيمة حصة الدولة في المجموعة الجديدة إذا تشكلت. وسادت "رينو" حالة من الإرباك في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي مع توقيف السلطات اليابانية غصن، الذي كان كذلك رئيس شريكتها اليابانية "نيسان". ويبيع التحالف، الذي يضم كذلك "ميتسوبيشي"، نحو 10.8 مليون سيارة سنوياً مقارنة بـ"فولكسفاغن" الألمانية و"تويوتا" اليابانية، إذ تبيع كل منهما نحو 10.6 مليون مركبة. لكن تسري شكوك بشأن مستقبل المجموعة بعد إقالة غصن من "رينو" و"نيسان"، بينما تبدو طوكيو منزعجة من ضغوط الجانب الفرنسي لتعميق التكامل. وتملك "رينو" حصة نسبتها 43 في المئة في "نيسان"، التي تملك بدورها 15 في المئة في شريكتها الفرنسية. وعلى رغم تعهدات الطرفين بالحفاظ على التحالف، إلا أن محللين يشيرون إلى أن التوترات قد تدفع "رينو" إلى البحث عن بدائل. وأفادت "فيات كرايسلر" بأن مشروعها المقترح لـ"رينو" قد يثمر عن "مجموعة صناعة سيارات دولية مميزة" بإمكانها بيع 8.7 مليون سيارة سنوياً. وذكرت أن الملف التعريفي لعلامتي المجموعتين التجاريتين سيكون "واسع النطاق ومتكاملاً، وسيوفر تغطية كاملة للسوق انطلاقًا من الفخامة ووصولاً إلى المركبات واسعة الانتشار". وستتم الشراكة كعملية دمج تحت شركة هولندية بينما سيتم إدراج أسهم المجموعة الجديدة في بورصات باريس وميلانو ونيويورك. وينظر إلى "فيات كرايسلر" بشكل واسع على أنها تأخرت في الوصول إلى سوق المركبات الكهربائية، لكن أداءها يعد جيداً في قطاعي الشاحنات والسيارات الرياضية متعددة الأغراض في الولايات المتحدة. بدروها، حققت "رينو" تقدماً في مجال السيارات الكهربائية، لكنها لا تزال ضعيفة نسبياً في أميركا الشمالية. ولذا، يبدو أن الشركتين قد تناسبان بعضهما البعض. وأعلنت "فيات كرايزلر" أن الاندماج سيضع المجموعة الجديدة "في موقع قوي في ما يتعلق بالتحول التكنولوجي نحو المركبات الكهربائية وتلك ذاتية القيادة". وتوقعت "فيات كرايسلر" أن الاندماج سيدرّ أكثر من 5 بلايين يورو (5.6 بليون دولار) عبر توفير التكاليف وغيرها من أنماط التكامل، إلى جانب الميّزات من تحالف "رينو نيسان ميتسوبيشي". وفي المجموع، مع أخذ "نيسان" و"ميتسوبيشي" في الحسبان، قد يثمر الاندماج مع "فيات كرايسلر" عن إنتاج نحو 16 مليون مركبة، ما يعني التفوّق على "فولكسفاغن" و"تويوتا".
مشاركة :