أعلنت "رينو" أنها ستدرس "باهتمام" اقتراح "فيات كرايسلر" للاندماج بالمناصفة، في اتفاق بإمكانه إعادة رسم المشهد في عالم صناعة السيارات بينما تنظر المجموعة الفرنسية في خياراتها بعد توقيف رئيسها التنفيذي كارلوس غصن في اليابان. ووفقا لـ"الفرنسية"، توقعت "فيات كرايسلر"، أن الاندماج سيدر أكثر من خمسة مليارات يورو (5.6 مليار دولار) عبر توفير التكاليف وغيرها من أنماط التكامل، إلى جانب الميزات من تحالف "رينو"، و"نيسان" و"ميتسوبيشي". وفي المجموع (مع أخذ نيسان وميتسوبيشي في الحسبان)، قد يثمر الاندماج مع "فيات كرايسلر" عن إنتاج ما يقارب من 16 مليون مركبة، وهو ما يعني التفوق على "فولكسفاجن" و"تويوتا". وربطت رينو استراتيجيتها على مدى سنوات بشراكتها مع مجموعة "نيسان" اليابانية لكن توقيف غصن وإقالته لاحقا من المجموعتين أثار أسئلة بشأن هذه الشراكة. وبعد اجتماع لمجلس إدارتها لمناقشة ما وصفته بالعرض "الودي"، أفادت رينو أنها ستدخل في محادثات بشأن عملية الاندماج التي بإمكانها أن تمنحها قيمة إضافية وتعزز بصمتها الصناعية. وانعكس تأييد المستثمرين لهذا الاحتمال في أسواق البورصة إذ قفز سهم رينو بأكثر من 15 في المائة في تداولات منتصف يوم أمس في باريس بينما سجل سهم فيات كرايسلر ارتفاعا بأكثر من 10 في المائة في ميلانو. وستعني الشراكة إنشاء ثالث أكبر مجموعة عالمية لصناعة السيارات وستمنح فيات قدرة على الوصول إلى تكنولوجيا رينو للسيارات الكهربائية. وأما "رينو"، فستتمكن من الوصول إلى عمليات فيات كرايسلر الواسعة في الولايات المتحدة وخبرتها في مجال الشاحنات والسيارات الرياضية متعددة الأغراض. وحظيت الفكرة بدعم الحكومة الفرنسية التي تمتلك حصة في "رينو" تبلغ نسبتها 15 في المائة، بعدما أكدت "فيات" أن الاندماج لن يتسبب بإغلاق أي معامل إنتاج. وقالت سيبيت ندياي المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية، إن "الحكومة تؤيد الاقتراح، لكن على شروط عملية الاندماج هذه أن تدعم التطوير الاقتصادي لرينو وبالطبع موظفيها". وأضافت، "لدينا شركات كبيرة للغاية، عملاقة، تقام خارج أوروبا ونحتاج اليوم إلى عمالقة في أوروبا". وذكرت ندياي، أن رئيس مجلس إدارة "رينو" جان دومينيك سينار، أبلغ وزير المالية الفرنسي برونو لومير بالمحادثات الأسبوع الماضي. ودعت الكونفدرالية العامة للعمل (سي جي تي)، ثاني أكبر نقابة عمالية في "رينو"، الحكومة للمحافظة على أقلية معطلة بعد أي اتفاق إذ قد يتسبب الاندماج بالتخفيف من قيمة حصة الدولة في المجموعة الجديدة إذا تشكلت. وسادت "رينو" حالة من الإرباك في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي مع توقيف السلطات اليابانية لغصن، الذي كان كذلك رئيس شريكتها اليابانية نيسان. ويبيع التحالف، الذي يضم كذلك "ميتسوبيشي"، ما مجموعه نحو 10.8 مليون سيارة كل عام مقارنة بـ"فولكسفاجن" الألمانية و"تويوتا" اليابانية إذ تبيع كل منهما نحو 10.6 مليون مركبة. لكن تسري شكوك بشأن مستقبل المجموعة بعد إقالة غصن من "رينو" و"نيسان"، بينما تبدو طوكيو منزعجة من ضغوط الجانب الفرنسي لتعميق التكامل. وتملك "رينو" حصة نسبتها 43 في المائة في "نيسان"، التي تملك بدورها 15 في المائة في شريكتها الفرنسية. ورغم تعهدات الطرفين بالمحافظة على التحالف، إلا أن محللين يشيرون إلى أن التوترات قد تدفع "رينو" للبحث عن بدائل. وأفادت "فيات كرايسلر" بأن مشروعها المقترح لـ"رينو" قد يثمر عن "مجموعة صناعة سيارات دولية متميزة" بإمكانها بيع 8.7 مليون سيارة سنويا. وذكرت، أن الملف التعريفي لعلامتي المجموعتين التجاريتين سيكون "واسع النطاق ومتكاملا، وسيوفر تغطية كاملة للسوق انطلاقا من الفخامة ووصولا إلى (المركبات) واسعة الانتشار". وستتم الشراكة كعملية دمج تحت شركة هولندية بينما سيتم إدراج أسهم المجموعة الجديدة في بورصات باريس وميلانو ونيويورك. وتعرضت "فيات كرايسلر" لضغوط في أوروبا، ما أثار تكهنات بأنها تبحث عن شريك في وقت يواجه القطاع ضغوطا لتعزيز وضعه في وجه تراجع الطلب والتحول المكلف للسيارات الكهربائية. وينظر إلى "فيات كرايسلر" بشكل واسع على أنها تأخرت في الوصول إلى سوق المركبات الكهربائية، لكن أداءها يعد جيدا في قطاعي الشاحنات والسيارات الرياضية متعددة الأغراض في الولايات المتحدة. بدروها، حققت رينو تقدما في مجال السيارات الكهربائية لكنها لا تزال ضعيفة نسبيا في أمريكا الشمالية. ولذا، يبدو أن الشركتين قد تناسبان بعضهما بعضا. وقالت "فيات كرايسلر"، إن الاندماج سيضع المجموعة الجديدة "في موقع قوي في ما يتعلق بالتحول التكنولوجي" نحو المركبات الكهربائية وتلك ذاتية القيادة. وفي وقت سابق هذا العام، سرت شائعات بأن رينو مهتمة بفيات كرايسلر بعدما فقدت الأمل بالاندماج بشكل كامل مع نيسان أو حتى منافستها الفرنسية "بي إس أيه".
مشاركة :