الخرطوم – الوكالات: بدأ امس في السودان إضراب عام يستمر يومين، بناء على دعوة قادة حركة الاحتجاج بهدف زيادة الضغوط على المجلس العسكري الحاكم لنقل السلطة إلى المدنيين يشارك فيه آلاف المواطنين. وعلق مئات الركاب في مطار الخرطوم الدولي وكذلك في محطة الحافلات الرئيسية في العاصمة إثر انضمام العديد من الموظفين إلى الإضراب. كما توقف موظفون في مكاتب حكومية وفي شركات خاصة عن العمل. وتعثرت المحادثات بين تحالف «إعلان قوى الحرية والتغيير» الذي يمثّل المحتجّين وضبّاط الجيش الذين تولوا السلطة عقب الإطاحة بعمر البشير في أبريل الماضي، بعد اختلافهما حول توزيع المناصب بين العسكريين والمدنيين، وحول من يرأس مجلس السيادة الذي سيتولى حكم البلاد في المرحلة الانتقالية التي حددت بثلاث سنوات. وكان تم الاتفاق على أن يعين مجلس السيادة حكومة مدنية انتقالية، ستعدّ بدورها البلاد لأول انتخابات في مرحلة ما بعد البشير. وفي محاولة للضغط على المجلس العسكري الحاكم، دعا «إعلان قوى الحرية والتغيير» إلى إضراب عام يستمر يومين بدأ الثلاثاء. وفي مطار الخرطوم هتف عشرات الموظفين «حكم مدني حكم مدني»، وحمل موظفون آخرون لافتات ووضعوا شارات كتب عليها «أنا مضرب». وعلّقت شركات الطيران السودانية «بدر» و«تاركو» و«نوفا» رحلاتها امس، لكن بعض الرحلات الدولية ظلت على قوائم الوصول والمغادرة. وألغت مصر للطيران رحلاتها امس إلى الخرطوم فيما قالت شركة «فلاي دبي» إنها «تراقب» الموقف. كما عَلِق ركاب في محطة الخرطوم الرئيسية للركاب بسبب مشاركة مئات الموظفين في الإضراب. وحمل بعض الموظفين لافتات تقول «لا حافلات اليوم وغدا. نحن مضربون». وكانت حركة السيارات في الخرطوم عادية، إلا أن ركاب السيارات الخاصة صفقوا تعبيرا عن تضامنهم مع المشاركين في الاضراب. وذكر تجمع المهنيين السودانيين الذي أطلق الحملة ضد الرئيس عمر البشير، أن الجنود يحاولون «إجبار موظفي» البنك المركزي على العمل. وشاهد مراسل فرانس برس عناصر من قوات الدعم السريع شبه العسكرية يحيطون بمبنى البنك المركزي. وقالت المسافرة فطيمة عمر وهي تنتظر مع أطفالها في محطة الحافلات «يجب أن أسافر لمدينة الجضارف لأقضي العيد مع أسرتي، لكنني لست غاضبة لأنني أتفهم سبب الإضراب». وفي بورتسودان، المرفأ الاقتصادي الحيوي، انضم العديد من الموظفين إلى الإضراب. وقال الموظف على رصيف المرفأ عثمان طاهر «نريد حكما مدنيا للتخلص من الفساد في بورتسودان». وقال القيادي في التحالف صديق فاروق «وصلتنا استجابة عالية جدًا لدعوتنا، وهي أكثر من توقعاتنا. هناك قطاعات لم نكن نتوقّع مشاركتها وصلتنا منها استجابات». وأضاف «الإضراب لمدة يومين يريد إرسال رسالة واضحة للعالم بأنّ الشعب السوداني يريد تغييرًا حقيقيًا ولن يقبل بأن تظلّ السلطة في يد العسكريين». وقال قادة الاحتجاج إنّ أطباء ومحامين ومدعين في النيابة وموظفين في قطاعات الكهرباء والمياه والنقل العام وشبكة القطارات والاتصالات والطيران المدني شاركوا في الإضراب. وأقدم العسكريون، تحت ضغط الشارع، على إجراء مفاوضات مع ممثلين عن المتظاهرين اجتمعوا ضمن تحالف قوى الحرية والتغيير. وحقّقت المفاوضات اتفاقًا على تشكيل مجالس مختلطة لفترة انتقالية مدّتها ثلاث سنوات، لكنّها اصطدمت بإصرار العسكر على ترؤس مجلس السيادة ورفض التحالف ذلك. وإزاء ذلك، قرّر قادة الاحتجاج اللجوء إلى الإضراب العام. وقالت طبيبة الأسنان هزار مصطفى خلال مشاركتها في مسيرة في وسط الخرطوم من أجل حشد التأييد للمشاركة في «الإضراب العام» و«العصيان المدني»، «نحن هنا لنقول إنّ الحكومة المدنية هي الحل الوحيد للردّ على مطالب الشعب السوداني». وأضافت «نعتبر المجلس العسكري جزءًا من النظام السابق. لا نرى أنّه سيعطينا أيّ حقّ أو أنّه سيقودنا نحو دولة عادلة». ومنذ السادس من أبريل، يتظاهر آلاف السودانيين قرب مقرّ القيادة العامة للقوات المسلحة في وسط الخرطوم. وكانوا يطالبون بتنحي البشير الذي أطاح به الجيش في 11 أبريل وتولّى السلطة مكانه، فتحوّل المحتجون إلى المطالبة بتسليم السلطة إلى المدنيين. والتحرّك الشعبي الاحتجاجي السلمي الحاصل في السودان لا سابق له في تاريخ البلاد.
مشاركة :