انقلابات تكنولوجية تحوّل وجهة السيارات ذاتية القيادة

  • 5/29/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

انتقلت نقاشات مصنعي السيارات حول مسألة الإفراط في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، والذي بات يهيمن على القطاع بأكمله في الوقت الحالي، إلى مرحلة متقدمة لا يمكن لأحد التكهن كيف ستكون خلال السنوات المقبلة. وبدأت التصورات، التي كانت إلى وقت قريب مجرد أفكار داخل مختبرات معظم الشركات العملاقة، تتحقق فعليا على أرض الواقع دون إبداء أي اكتراث للمشاكل الجانبية المتوقع أن يخلفها استخدام الروبوتات لاسيما في المركبات ذاتية القيادة. ولكن التنافس على كيفية ابتكار حلول ذكية تنسجم مع التنقل النظيف والعمل على الاستفادة من السيارات، التي ستظهر في العقد المقبل بإقحامها في قطاعات تجارية، يعتبر أمرا يثير الكثير من الاهتمام بالفعل. وتقف القرارات، التي يتخذها الذكاء الاصطناعي، وتجاهل أوامر السائقين في السيارات عائقا أمام استخدام التقنيات بشكل كامل لأن التأخر في معالجة المخاطر المحتملة قد يتسبب في كوارث. ويفسر القلق من استخدام هذه التكنولوجيات بكونها لا تستند إلى بيانات تتناسب مع الإدراك البشري باعتبار أن عمليات اتخاذ القرار غير خاضعة للتوقع وتعتمد على الاحتمالات. ومع ذلك كله، يظهر الهوس المتزايد للشركات بالدخول في هذه المعركة، التي باتت توجه دفة القطاع، ومن المتوقع أن تحيل الآلاف من الموظفين على التقاعد الإجباري. وقد بدأت شركات مثل مرسيدس الألمانية وفورد الأميركية ونيسان اليابانية في إظهار مدى إحكام السيطرة على التعامل مع كل السلبيات، التي قد تعترض خططها. قمة الرفاهيةجسد عملاق صناعة السيارات الألمانية الفارهة مرسيدس قمة الرفاهية في رؤيته لمستقبل السلامة والتواصل في الاختبارية إي.أس.أف، التي كشفت عنها الشركة مؤخرا. ونشرت مرسيدس مقطع فيديو دعائي مدته دقيقتان ونصف الدقيقة على موقعها في الإنترنت يظهر هذه النسخة المزودة بأحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا من أنظمة، حيث تؤكد الشركة أنها مستقبل الأمان. وتعرض السيارة، التي يتوقع أن تظهر أمام الجمهور لأول مرة خلال مؤتمر إي.أس.في بمدينة أيندهوفن الهولندية، ثم في معرض فرانكفورت للسيارات، تقنية رائدة لإنقاذ الحياة تتصدى للتحديات التي تطرحها أنظمة دون سائق. ويؤكد المسؤولون في مرسيدس أن السيارة الاختبارية إي.أس.أف، التي تعتمد على الموديل جي.أل.إي، تم تطويرها بهدف تحسين الحماية من الحوادث والتواصل بين مستخدمي الطريق مستقبلا في ظل القيادة الآلية. ونقل موقع هوت كار عن أولا كالينيوس مدير التطوير في الشركة، تأكيده أن السلامة هي جزء أساسي من محور ارتكاز مرسيدس بنز. وأضاف “لقد أوضحنا مرارا أننا لا نفتقر إلى الأفكار في هذا المجال منذ سبعينات القرن الماضي فلطالما كانت لدينا مركبات السلامة التجريبية الخاصة بنا”. وأشارت مرسيدس إلى أن العديد من الحلول، التي تقدمها السيارة إي.أس.في الاختبارية، تقترب من دخول مرحلة الإنتاج القياسي وسيتم تدشينها في سيارات السيدان الفئة أس. وقال كالينيوس إن “هذا النموذج يعكس قابلية التنقل في المستقبل ويقدم مجموعة واسعة من الابتكارات، التي نبحث عنها حاليا ونطورها وأستطيع أن أؤكد أن بعض الوظائف قريبة جدا من مرحلة الإنتاج”. وفي السيارة مجموعة من ميزات الأمان الجديدة، بما في ذلك أحزمة الأمان المدمجة المعاد تصميمها والوسادات الهوائية ذات الجناحين من اليمين واليسار والتي ستطوق ركاب المقعد الأمامي كما لو كانت “أجنحة”. وتستعرض السيارة الجديدة، التي تنتمي إلى فئة الموديلات الرياضية متعددة الأغراض أيضا المنحنى الآمن مسبقا، وهو نظام يسحب طفيفا على حزام الأمان إذا كنت تسرع في الانحناء. وتشتمل مقصورة القيادة على دواسات معاد تصفيفها وعجلة قيادة تنهار في لوحة القيادة عندما يتخلى السائق عن التحكم، فضلا عن الإضاءة الداخلية التي تحافظ على انتباه السائق ووظيفة سلامة الأطفال التي تضخّم حزام المقعد في حالة حدوث تصادم. وتحتوي السيارة على أعمدة عالية خالية من الأضواء المبهرة تتجنب التشديد على سائقي السيارات الآخرين خاصة أثناء القيادة على الطرق السريعة الليلية. وتم تزويد الهيكل الخارجي للأيقونة بنافذة خلفية على شكل شاشة رقمية حتى تتواصل مع المشاة وكذلك السيارات الأخرى للتعرف على وجودهم. وتحاكي الأضواء الزرقاء المائية حول الجزء الخارجي للسيارة ملامسة العين، وتتبع المشاة وهم يعبرون الشارع حتى يعلموا أن السيارة قد رصدتهم. وبإمكان الشاشات الرقمية أن تحذر السائقين الآخرين من الأخطار المحتملة حتى لو كانت السيارة في وضع الانتظار وغير نشطة. وفي حال وقوع حادث أو ما شابه، فإن روبوتا في السيارة سيتحول إلى مثلث تحذير على جانب الطريق بهدف تنبيه سائقي السيارات الآخرين. وإذا تولى قائد السيارة عملية القيادة بنفسه فسيحصل على ما يشبه “دش ضوئي” خلال الرحلات الطويلة من أجل الحفاظ على يقظته. روبوت تجارييبدو أن شركة فورد توصلت إلى حل مشكلة الخطوات الأخيرة بالنسبة للسيارات ذاتية القيادة، التي تعمل في مجال توصيل الطلبيات إلى المنازل. وأظهر مقطع فيديو أطلقه ثاني أكبر مصنع للسيارات في السوق الأميركية في حسابه على موقع يوتيوب اختبار استخدام روبوت يرافق السيارة ذاتية القيادة لنقل الطلبات من السيارة إلى الزبون. ويقول كريغ ستيفنس مدير التحكم والحركة الآلية في إدارة البحوث والهندسة المتقدمة في الشركة “إن فورد تعمل على تشكيل أسطول سيارات ذاتية القيادة لتوصيل الطلبات ونستهدف تطوير روبوتات قادرة على العمل معها”. وأشار موقع أوتوموتيف نيوز الأميركي المتخصص في السيارات إلى أن الروبوت ديجيت، الذي تطوره فورد يعمل بنظام التشغيل أندرويد وهو مزود بكاميرات ووحدات استشعار تتيح له التحرك دون الاصطدام بأي عوائق. وبإمكان هذا الروبوت حمل عشرين كيلوغراما من السلع دون عناء إلى الوجهة التي تحددها له شركة توصيل الطلبيات. ويعتقد كثيرون أن الاستخدام التجاري لمركبات ذاتية القيادة مع إنسان آلي في هذا المضمار ينطوي على فرص نجاح كبيرة للغاية. كما يؤكدون أنه لن يكون هناك ما يدعو إلى القلق مستقبلا على سلامة الركاب البشر الذين يقومون بنقل الطلبات من السيارة إلى باب المنزل. وتأمل فورد في بدء استخدام عامل التوصيل الآلي ديجيت بحلول العام 2021، إلى جانب بدء تشغيل السيارات ذاتية القيادة المخصصة لتوصيل الطلبات إلى المنازل. وتشير التقديرات إلى أن الاستغناء عن السائق وعامل التوصيل، يمكن أن يؤدي إلى انخفاض تكاليف التوصيل إلى المنازل بنسبة 60 بالمئة، وهو ما يعني فعليا للشركات التي ستستخدم هذه الخدمة توفير مليارات الدولارات سنويا. وتعتزم الشركة بالفعل شطب حوالي سبعة آلاف وظيفة بما يعادل 10 بالمئة من إجمالي قوتها العاملة المنتشرة في مصانعها حول العالم، في ظل تزايد الضغوط على شركات السيارات لمسايرة التحولات التكنولوجية التي تشهدها الصناعة. ونسبت وكالة بلومبيرغ الأميركية للأنباء الاقتصادية للرئيس التنفيذي للشركة جيم هاكيت قوله في مذكرة داخلية إن الخطوة ستوفر قرابة 600 مليون دولار سنويا. وكانت فورد قد أعلنت للمرة الأولى في منتصف 2015 أنها ستنضم إلى شركات أخرى في تكثيف الجهود لإطلاق السيارات ذاتية القيادة. وذكرت في ذلك الوقت أنها ستتوسع في تكنولوجيا السلامة، بما في ذلك المكابح الأوتوماتيكية لتشمل خطوط إنتاجها في شتى أنحاء العالم خلال خمس سنوات. وتعد تلك النظم مقدمة للسيارات ذاتية القيادة بالكامل وتمكن قائد السيارة من تشغيلها دون استخدام يديه أحيانا عبر تحويل وظائف أساسية منها التوجيه والمكابح وتخفيف السرعة إلى نظم آلية. وقد تأخرت فورد عن الشركات المنافسة لها وعلى رأسها جنرال موترز وفولكسفاغن وآودي ودايملر ومرسيدس وتيسلا، والتي أعلنت قبلها عن خطط لطرح أنظمة قيادة ذاتية.يشترط منتجو السيارات ذاتية القيادة أن يضع السائق يديه على المقود ليستمر في السيطرة على الطريق رغم أنه لا يتحكم في أي شيء، غير أن المهندسين في نيسان لديهم رأي آخر تماما. وأعلن تيسوا إيدزيما رئيس إدارة أنظمة القيادة الذاكية في الشركة مؤخرا في نشرة على موقع نيسان الإلكتروني عن ظهور الجيل الثاني لنظام بروبيلوت، والذي سيجعل السائق مجرد راكب كغيره من الركاب. وسيكون الجيل القادم من سيارات الشركة، التي تشكل مثلث تحالف رينو الفرنسية وميستوبيشي اليابانية، مزودا بحزمة من التكنولوجيات الحديثة كأول نظام على مستوى العالم أطلق عليه اسم “الأيدي الحرة”. وكانت نيسان قد زودت أكثر من 350 ألف سيارة بالجيل الأول من بروبيلوت عندما طرحته للمرة الأولى في عام 2016. ويتضمن النظام الجديد 5 رادارات و12 مستشعرا ومنظومة للملاحة ذات خرائط ثلاثية الأبعاد، كما أنه لا يلزم السائق بوضع يديه على المقود. وتقول نيسان إن هذا النظام سيعمل، شأنه شأن نظام الجيل الأول، في طرق تم تسجيلها في منظومات الملاحة فقط. وفي ضوء هذه المعضلة، سيضطر السائق إلى مراقبة عمل الأجهزة الإلكترونية حيث تتابع كاميرا خاصة اتجاه نظرته التي يجب أن تكون موجهة نحو الطريق بشكل دائم. الروبوت ديجيت، الذي تطوره فورد يعمل بنظام التشغيل أندرويد وهو مزود بكاميرات ووحدات استشعار تتيح له التحرك دون الاصطدام بأي عوائق وذكر موقع أوتوموتيف أن نيسان تعتزم حقن عشرين موديلا من السيارات التي تصنعها بالنظام الجديد. وكانت الشركة قد كشفت خلال نسخة العام الماضي لمعرض لاس فيغاس للإلكترونيات عن تقنية “من المخ إلى السيارة” تساعد المركبات في قراءة وترجمة إشارات المخ للتنبؤ بما يفكر فيه السائق ومساعدته إذا اقتضت الضرروة. ويتلخص عمل هذه التقنية في أنه بمجرد أن يضع السائق الجهاز في وضع التشغيل فإنه يبدأ قياس نشاط موجات المخ بشكل متناسق، حيث تمكنه معرفة ما إذا كان السائق على وشك القيام بحركة ما. وهذا الجهاز قادر على التنبؤ إذا كان الشخص سيضغط على الفرامل أو سيسلك طريقا معينا بدلا من آخر، ويتم هذا الأمر في غضون خمسة أجزاء من الثانية أو أقل قبل أن يحدث الفعل نفسه. وعند تحديد أن السائق بات مستعدا لتحريك عجلة القيادة أو أنه على وشك التوقف، فإن الجهاز يكون مستعدا لتقديم المساعدة في إتمام الحركة. وقال دانيال سكيلاتشي نائب الرئيس التنفيذي للشركة حينها إنه “عندما يفكر الناس في القيادة الذاتية تصبح لديهم رؤية غير شخصية عن المستقبل، حيث يتخلى البشر عن السيطرة على الآلات، لكن تقنية “بي 2 في” تقوم بالعكس، وذلك باستخدام إشارات الدماغ لمساعدة السائق في القيادة بشكل أسهل وأكثر متعة”.

مشاركة :