ذكر العقاد فى كتابه «الإسلام دعوة عالمية» أن رمضان وليلة القدر شهر قديم الحرمة فى الجاهلية، وكان من عادات الجاهلية أن يصوموا أياما منها، يبدأنها أحيانا من منتصف شعبان تيمنا بالصيف وتقربا إلى أربابهم أن تجعله موسما من مواسم الخصب والرغد، كما كانوا يسمونه قديما بالناتق أو الناطل، من الناقة الناتق أى كثيرة الولادة أو من الناطل وهو كثير السوائل.ويبين «العقاد» أن البعض زعموا أن رمضان اسم من أسماء الله، وكان حجتهم فى ذلك أنه كلما ذكر قيل شهر رمضان ولم يذكروه فردا بغير إضافة كما يقولون مثلا «شعبان وصفر والمحرم» وسائر الشهور الأخرى.ويضيف أن صاحب كتاب «لسان العرب» يروى عن مجاهد، أنه كان يكره أن يجمع رمضان إذ يجمع على وزن جمع المؤنث السالم وعلى أوزان جموع التكسير، فيقال رمضانات ورماضين وأرمضة وأرمضاء إلى آخره، ثم روى صاحب اللسان عن مجاهد أنه قال «بلغنى أنه اسم من اسماء الله». وأجاز «العقاد» أن رمضان ربما يكون اسما مشتقا من «الرمض»، وهو المطر يأتى قبل الخريف فيجد الأرض حارقة، ولكن الرأى الغالب أنه مشتق من الرمضاء، وأنه كان يأتى مع الرمضاء فى كل سنة، وذلك لأن عرب الجاهلية كانوا يحسبون تاريخهم بسنة قمرية شمسية فيضيفون تسعة أشهر كل أربع وعشرين سنة أو يضيفون سبعة أشهر كل تسع عشرة سنة، أو يضيفون شهرا كل ثلاث سنوات حسب مواقع الشهور.ويضيف العقاد أنه يغلب هذا الحساب متبعا فى مكة دون البادية ومن يسكنها من الأعراب الذين لا يحسنون الحساب، ولكنهم يتبعون فيه أهل مكة بجوار الكعبة هى التى كانت تسن لهم تحريم القتل فى شهور من السنة وإباحته فى سائر الشهور.ويوضح العقاد أن العلامة محمود الفلكى، بحث فى هذه المسألة فى رسالته التى سماها «نتائج الأفهام لتقويم العرب قبل الإسلام» فرجح أن أهل مكة كانوا يستعملون التاريخ القمرى فى مدة الخمسين سنة التى قبل الهجرة» وإنما كان أصحاب الحساب يتصرفون فى التقديم والتأخير إن أرادوا الحرب فى الأشهر الحرم أو أرادوا منعها فى غير هذه الأشهر وفقا لأهوائهم ومنافعهم ومن هنا كان تحريم الإسلام للنسئ لأنهم يحلونه أو يحرمونه كما يشاءون ولا يستقيم الأمر على هذا الحساب بعد فرض الصيام والحج فى أيام معلومات.
مشاركة :