تمّ الأربعاء في السعودية إقرار وثيقة تحث على التعايش وترفض التدخّل في شؤون الدول. وأقرّت الوثيقة التي حملت اسم “وثيقة مكة المكرمة” ونصّت أيضا على مناهضة الإسلاموفوبيا من قبل 1200 شخصية إسلامية من 139 دولة يمثلون 27 مكونا إسلاميا من مختلف المذاهب والطوائف مشاركين في أعمال مؤتمر رابطة العالم الإسلامي الدولي حول قيم الوسطية والاعتدال، والذي اختتم الأربعاء. وتزامن المؤتمر مع احتضان المملكة العربية السعودية لحراك إقليمي كثيف هادف لتأسيس جدار عربي إسلامي واسع في مواجهة التهديدات الإيرانية لاستقرار المنطقة، حيث تحتضن مدينة مكّة المكرّمة قمّة خليجية وأخرى عربية طارئة، إضافة إلى قمّة إسلامية عادية. وأوضحت وكالة الأنباء السعودية “واس” أن وثيقة مكّة جاءت لتكون “دستورا تاريخيا لإرساء قيم التعايش بين أتباع الأديان والثقافات والأعراق والمذاهب في البلدان الإسلامية من جهة، وتحقيق السلم والوئام بين مكونات المجتمع الإنساني كافة من جهة ثانية”. كما أوصت الوثيقة بعدم التدخل في شؤون الدول مهما تكن ذرائعه، معتبرة إياه “اختراقا مرفوضا لاسيما أساليب الهيمنة السياسية بمطامعها الاقتصادية وغيرها، أو تسويق الأفكار الطائفية، أو محاولة فرض الفتاوى على ظرفيتها المكانية، وأحوالها، وأعرافها الخاصة، إلاّ بمسوّغ رسمي لمصلحة راجحة”. وينطبق هذا البند الأخير على إيران التي تمارس منذ سقوط نظام الشاه قبل أربعين عاما التدخّل في شؤون جيرانها تطبيقا لشعار “تصدير الثورة”، وقد عملت تبعا لذلك على إحياء النعرات الطائفية التي وصلت حدّ الصدام بين مكونات المجتمع الواحد كما هي الحال في العراق. وإضافة إلى تدخّلها الماثل على أرض الواقع في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن، بذلت إيران عدّة محاولات لاختراق المنطقة الخليجية من خلال تحريك جماعات طائفية تابعة لها في البحرين ما أدى إلى إثارة اضطرابات في البلد تمكّنت المنامة من إخمادها بمساعدة خليجية فاعلة.وتتعرّض إيران في الوقت الحالي لضغط غير مسبوق من قبل الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية، بهدف تحجيم نفوذهها ووقف تدخلاتها في بلدان الإقليم. وتتّجه الأنظار صوب قمم مكّة الثلاث التي ينتظر أن تضع أوسع أرضية لموقف خليجي عربي إسلامي موحّد من السياسات الإيرانية، وسبل مواجهتها. وتعقد الخميس القمتان الخليجية والعربية الطارئتان، فيما تُعقد القمة العادية الرابعة عشرة لمنظمة التعاون الإسلامي الجمعة تحت شعار “قمة مكة.. يدا بيد نحو المستقبل”. وتفتح القمّة ملفّات الوضع في فلسطين، والتدخلات الإيرانية في شؤون دول المنطقة بالإضافة إلى التطورات في سوريا وليبيا واليمن وأزمة مسلمي الروهينغا في ميانمار. وشددت وثيقة مكّة على أنّ “التنوع الديني والثقافي في المجتمعات الإنسانية لا يُبرر الصراع والصدام”، كما شددت على “رفض الربط بين الدين والممارسات السياسية الخاطئة لأي من المنتسبين إليه”. وشملت الوثيقة أيضا “الدعوة إلى الحوار الحضاري بصفته أفضل السبل، وسنّ التشريعات الرادعة لمروجي الكراهية”. وأكدت على أنّ “التعرف الحقيقي على الإسلام يستدعي الرؤية الموضوعية التي تتخلص من الأفكار المسبقة، لتفهمه بتدبر أصوله ومبادئه، لا بالتشبث بممارسات شاذة يرتكبها المنتحلون لاسمه، ومجازفات ينسبونها زورا إلى شرائعه”.
مشاركة :