اتسعت تحديات شركة هواوي الصينية لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإعلانها أمس عن تقديم طلب للقضاء الأميركي لإبطال تشريع “متسلط” يمنع الوكالات الفيدرالية الأميركية من شراء منتجاتها. وأكدت أنها قدّمت طلبها لدى المحكمة باللجوء إلى القضاء المستعجل، ما يعني أنّ الحكم في هذه القضية سوف يصدر عن قاض منفرد وبالتالي لن تضطر هواوي لخوض محاكمة كاملة. ولم تذهب هواوي إلى مواجهة الحظر الأخير على تعامل الشركات الأميركية معها، واختارت محاولة إبطال جذر المشكلة وهو القانون الأميركي الذي صدر العام الماضي، والذي يمنع الوكالات الاتحادية الأميركية من شراء معدات وخدمات من هواوي أو التعامل مع زبائنها. وكانت الشركة، التي تتهمها واشنطن بالتجسس لصالح بكين، قد تقدمت بشكوى أخرى في مارس الماضي في ولاية تكساس ضد ذلك القانون بدعوى أن الكونغرس فشل في تقديم أي دليل يبرر القيود “غير الدستورية” التي تستهدف الشركة. وقال المسؤول القانوني في الشركة سونغ ليوبينغ الأربعاء إن “الإدارة الأميركية لم تقدم أي دليل يظهر أن هواوي تمثل تهديدا للأمن. ليس هناك لا سلاح ولا دخان. فقط افتراضات”. وأضاف في تصريحات للصحافيين أمس في مقرّ الشركة في شينزين جنوب الصين أن “النظام القضائي هو الملجأ الأخير لتحقيق العدالة. هواوي لديها ثقة باستقلالية ونزاهة النظام القضائي الأميركي”. وأعلنت شركة غوغل حرمان هواوي من بعض برامجها، وانضمت شركتا إنتل وكوالكوم وهما من بين أهم الشركات المصنعة للرقائق الإلكترونية، بتأكيد وقف التعامل مع الشركة الصينية، بعد مهلة وقف التنفيذ لتسعين يوما التي منحها البيت الأبيض. ورغم ذلك التصعيد لا يزال ترامب يؤكد إمكانية التوصل إلى اتفاق تجاري يضم ملف هواوي، الأمر الذي يشير إلى أن هذا التصعيد يرتبط بالقضايا العالقة في المفاوضات بين البلدين. ويعود استهداف واشنطن لشركة هواوي إلى العام الماضي. وتزعم إدارة ترامب دون إعطاء أدلة، بأن الشركة تسمح لأجهزة الاستخبارات الصينية باستخدام بياناتها بهدف التجسس على الاتصالات عبر الشبكات النقالة في العالم. وتنقسم الآراء بشأن فرص هواوي في كسب المعركة القضائية، لكنها قد تستفيد من تصاعد تذمر الشركات الأميركية من تداعيات المواجهة، التي أدت إلى انحدار أسهم الكثير من الشركات التي تتعامل مع هواوي. في هذه الأثناء حذرت بكين بلهجة قوية عبر صحف حكومية صينية من أنها مستعدة لاستخدام المعادن النادرة كسلاح للرد على الولايات المتحدة في حربهما التجارية، في خطوة تنقل المواجهة بين أكبر اقتصادين في العالم إلى مستويات خطيرة. وأثارت زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ لمصنع للمعادن النادرة الأسبوع الماضي تكهنات بأن الصين سوف تستخدم مركزها المهيمن باعتبارها مصدرا للمعادن النادرة إلى الولايات المتحدة كورقة ضغط في الحرب التجارية. وتستخدم المعادن النادرة وهي 17 عنصرا في كل شيء من الإلكترونيات الاستهلاكية ذات التكنولوجيا الفائقة إلى المعدات العسكرية. وأدى احتمال ارتفاع قيمتها نتيجة الحرب التجارية إلى ارتفاعات حادة لأسعار أسهم منتجيها وبضمنها الشركة التي زارها الرئيس الصيني. ولم تعلن الصين بشكل رسمي وصريح أنها ستقيد مبيعات المعادن النادرة إلى الولايات المتحدة، واختارت التلويح بذلك من خلال الزيارة والصحف الحكومية التي تعبر عن رأيها. وأشارت صحيفة الشعب اليومية الرسمية في تعليق تحت عنوان “الولايات المتحدة: لا تستهيني بقدرة الصين على الرد” إلى اعتماد الولايات المتحدة “الحرج” على المعادن النادرة الصينية. وقالت “هل ستصبح المعادن الأرضية النادرة سلاحا مضادا ترد به الصين على الضغط الذي تفرضه الولايات المتحدة دون سبب على الإطلاق؟ الإجابة ليست صعبة”. وأضافت الصحيفة الناطقة باسم الحزب الشيوعي الحاكم “دون شك، يريد الجانب الأميركي استخدام المنتجات المصنعة من المعادن الأرضية النادرة التي تصدرها الصين في كبح التنمية الصينية. والشعب الصيني لن يقبل هذا أبدا”. ووجهت نصيحة بلهجة شديدة إلى “الجانب الأميركي بألا يستهين بقدرة الجانب الصيني على حماية مصالحه وحقوقه في التنمية. لا تقولوا إننا لم نحذركم”. وفي مقالة افتتاحية في صحيفة غلوبال تايمز الصينية أمس قالت إن فرض حظر على تصدير المعادن النادرة “سلاح قوي إذا اُستخدم في الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة”. لكنها أكدت أن الصين تستخدمه إلا في الدفاع عن مصالحها. وأشارت إلى أنه رغم أن الصين قد تتكبد خسائر جراء حظر الصادرات، إلا أن معاناة الولايات المتحدة ستكون أكبر. وقال رئيس تحرير الصحيفة على تويتر إن بكين “تدرس بجدية” تقييد صادرات المعادن النادرة إلى الولايات المتحدة. ولا يستبعد محللون إمكانية حدوث ذلك، بسبب استخدام الصين في الماضي لمبيعات المعادن النادرة في ممارسة الضغط في نزاعات سابقة. وتستأثر الصين بنسبة 80 بالمئة من واردات الولايات المتحدة من المعادن النادرة خلال السنوات الماضية. وتتضح أهميتها في استثناء واشنطن لتلك المعادن من الرسوم الجمركية التي فرضتها في الآونة الأخيرة على بعض المعادن الصينية الأخرى مثل الحديد والألمنيوم.
مشاركة :