تزخر مدينة جدة بالعديد من المواقع الأثرية التي يمتد تاريخها إلى مئات السنين، وتميز منها بيت نصيف الذي أقام فيه الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – رحمه الله – عام 1344هـ وهو من البيوت الأثرية التي بنيت في قلب جدة التاريخية قبل أكثر من 145 عامًا، حسبما رجحت العديد من الروايات على مساحة 900 متر مربع، كتحفة معمارية متفردة عن بقية بيوت جدة التي تضاهيه في العمر، ويتكون من أربعة طوابق، صمم لها سلالم منخفضة حتى يتم الصعود من خلالها إلى مختلف الأدوار دون مشقة. وشيّد بيت نصيف بتصميم معماري يحمل سمات وعناصر العمارة في منطقة الحجاز، وروعي فيها توافر العناصر الجمالية، وكل احتياجات السكن بما في ذلك توزيع طوابقه وغرفه، ومواقع النوافذ والأبواب وما يعرف بالرواشين، وضم البيت أكثر من 40 غرفة تختلف مساحاتها من غرفة إلى أخرى، وحمام بخار تسخّن فيه المياه عن طريق الفحم، وفي أسفله صهريج كانت تتجمع فيه مياه الأمطار عند سقوطها ويستخدمه سكان البيت لأغراض الغسيل طوال العام. واتخذ الملك عبد العزيز من بيت نصيف مقراً لسكناه مدة تصل إلى أكثر من 10 أعوام، وكان – رحمه الله – يستقبل في القاعة الكبيرة كبار ضيوف الدولة، ويجلس فيها لسماع مطالب المواطنين. ووقع الملك عبدالعزيز في ذلك البيت الأثري الكثير من الاتفاقيات مع سفراء ومندوبي مختلف البلدان، وزاره في البيت الكثير من الرؤساء والشخصيات المهمة، والعلماء والمفكرين والأدباء. وضمّ مكتبة احتوت على آلاف العناوين في مختلف العلوم الإنسانية تم إهداؤها بعد وفاة الشيخ عمر نصيف – رحمه الله – لجامعة الملك عبد العزيز. ويحظى بيت نصيف باهتمام الدولة حيث لا يزال يجرى فيه أعمال ترميم للمحافظة عليه بما لا يغيّر ذلك من معالمه الأصلية، وبمحاذاته برحة نصيف، وبالقرب منه يوجد مواقع تاريخية لا تقل أهمية عنه مثل: عين فرج يسر وبيت المتبولي، والمسجد الشافعي في السوق، الذي يعد أقدم مساجد جدة ويعود لأكثر من 1400 عام، ويتميز بعمارته ووسطه المكشوف، ومسجد المعمار الأموي والمملوكي والعثماني. وجاء الإعلان عن انضمام منطقة جدة التاريخية لقائمة التراث العالمي التابعة لليونسكو بتاريخ 23 شعبان 1435هـ الموافق 21 يونيو 2014م، ليتوج الجهود الكبيرة للدولة في حماية وتطوير تراث هذه المنطقة مثل غيرها من مناطق المملكة.
مشاركة :