نجحت القمتان الطارئتان، لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وجامعة الدول العربية، في ترسيخ وحدة الصف العربي ضد التدخلات الخارجية والأخطار المحيطة بالمنطقة، وبلورة موقف موحد ضد التهديدات الخارجية، وعلى رأسها التهديدات الإيرانية وتدخلاتها في شؤون دول المنطقة، في وقت رحبت الولايات المتحدة بمبادرة السعودية لاستضافة قمتي مجلس التعاون والجامعة العربية لمناقشة التهديدات الإيرانية في المنطقة. وقال مسؤول في الخارجية الأمريكية: «إن الولايات المتحدة ترحب بمشاركة الرئيس العراقي برهم صالح في القمة العربية بمكة المكرمة». وأضاف المسؤول: «رسالتنا لإيران ثابتة، نتوقع منها احترام سيادة العراق ودول المنطقة الأخرى احتراماً كاملاً، والكفّ عن الأنشطة المزعزعة للاستقرار في المنطقة، والامتناع عن السلوكيات التي تثير التوترات الطائفية أو تمكن المتطرفين». واستضافت مدينة مكة المكرمة الجمعة قمتين: إحداهما لدول مجلس التعاون الخليجي، والأخرى لدول الجامعة العربية، كما استضافت مساء أمس قمة منظمة المؤتمر الإسلامي. وأدان القادة العرب المشاركون في القمة الطارئة التي عُقدت في مكة المكرمة الأعمال التي قامت بها ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران. وشدد البيان الختامي الصادر عن القمة -الذي تلاه الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط- على أن سلوك إيران في المنطقة يهدد الأمن والاستقرار في الإقليم بشكل مباشر. وأكدت القمة العربية حق السعودية في الدفاع عن أراضيها، مستنكرة استمرار إطلاق الصواريخ الباليستية الإيرانية الصنع على السعودية. وجاءت استضافة السعودية للقمتين عقب هجمات استهدفت ناقلات نفط قبالة سواحل الإمارات ومحطتين لضخ النفط في المملكة. واستنكر البيان الختامي للقمة العربية التدخلات الإيرانية المستمرة في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين، ومساندة الإرهاب وتدريب الإرهابيين وتهريب الأسلحة والمتفجرات وإثارة النعرات الطائفية لزعزعة الأمن والنظام والاستقرار. كما أدان استمرار احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث وتأييد الإجراءات والوسائل السلمية كافة التي تتخذها دولة الإمارات العربية المتحدة لاستعادة سيادتها على جزرها المحتلة. ودعا البيان الختامي إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية بين الدول العربية مع الدول والمنظمات الإقليمية والدولية لتسليط الضوء على ممارسات إيران التي تعرض الأمن والسلم في المنطقة للخطر، ومطالبة المجتمع الدولي باتخاذ موقف حازم لمواجهة إيران وأنشطتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة. والوقوف بكل حزم وقوة ضد أي محاولات إيرانية لتهديد أمن الطاقة وحرية وسلامة المنشآت البحرية في الخليج العربي والممرات المائية الأخرى، سواء قامت بها إيران أو عبر أذرعها في المنطقة.الدور العربي وقال خبراء ومحللون عرب لـ«البيان» إن القمتين الخليجية والعربية والحضور اللافت للقادة والمسؤولين العرب يعكس حجم المملكة العربية السعودية في العالمين العربي والإسلامي، كما بيّنت في الوقت ذاته دور السعودية في الدفاع عن قضايا الأمتين العربية والإسلامية. واعتبر مراقبون سياسيون أن القمتين وضعتا إيران أمام مسؤولياتها ووجّهت رسالة شديدة اللهجة للسياسة الإيرانية، بعد أن أوضح البيانان بشكل صريح الدور الإيراني التخريبي في سوريا واليمن ودعمها للميليشيا الحوثية، مؤكدين أن العالم العربي والإسلامي لا غنى له عن دور المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة اللذين يشكّلان حجر الأساس في المنطقة.رسالة حازمة وقال الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم ناظر إن القمتين أوجدتا شكلاً جديداً للوضع السياسي والأمني في المنطقة العربية، خصوصاً أن الرسالة كانت حادة ضد النظام الإيراني، مشيراً إلى أن إيران بدت معزولة تماماً. وأضاف ناظر: «من الآن فصاعداً عرفت إيران حدود مشاكستها في المنطقة وأنها لن تعود كما كانت في السابق من استغلال أوضاع المنطقة»، موضحاً أن العالم كشف إيران على حقيقتها ولا بد من ردعها على المستويات كافة. بدوره، أكد المحلل العسكري حاتم الراوي أن القمتين كانتا في الوقت والمكان المناسب، خصوصاً أن السعودية تقود المنطقة في مواجه التدخلات الإيرانية، لافتاً إلى أن الخطر الإيراني لم يعد بالإمكان السكوت عنه بعد كل هذا الخراب. وأضاف أن الضغوط الأمريكية على النظام الإيراني من شأنه أن يرسل رسالة إلى إيران التي بدأت تستجدي الحوار مع الدول الخليجية، وربما سنشهد في الأيام القادمة المزيد من الرضوخ الإيراني، داعياً إلى موقف عربي متصاعد ضد الممارسات الإيرانية.صرخة قوية في السياق، قال الأكاديمي الإيراني المعارض أستاذ علم الاجتماع السياسي، الدكتور حسن هاشميان، لـ«البيان» إن النظام الإيراني على شفا كارثة اقتصادية تفجر الأوضاع الداخلية، على اعتبار أن التطورات الأخيرة تنذر بانتفاضة عارمة ضده. ووصف الاجتماعات واللقاءات التي احتضنتها المملكة العربية السعودية مؤخراً بأنها «صرخة قوية بوجه طهران وتدخلاتها الخارجية». وأفاد هاشميان، في تصريح لـ«البيان»، بأن «إيران الآن في سباق مع الزمن، فكلما مرَّ الوقت دون حدوث اتفاق مع الولايات المتحدة أو دون الدخول في مفاوضات مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سوف يشهد النظام الإيراني كارثة اقتصادية ربما تفجر الأوضاع داخل إيران وتتحول لانتفاضة عارمة ضد نظام الولي الفقيه». وتابع: «لذلك فإن الوقت الآن ليس لصالح الولي الفقيه والنظام الإيراني، إيران راهنت وتراهن على تحرشاتها العسكرية الميليشياوية بدول المنطقة وإمداداتها النفطية، لكن التحركات الدبلوماسية الإيرانية الأخيرة وزيارات وزير خارجية طهران محمد جواد ظريف المكوكية لدول عديدة تدل على أن طهران قد استوعبت أن هذه التحرشات فشلت وستكلفها تكلفة باهظة، بخاصة مع المواقف الموحدة في اجتماعات ولقاءات مكة التي تمثل صرخة قوية بوجه تحرشات إيران وتدخلاتها في شؤون دول المنطقة». وتطرق الأكاديمي الإيراني المعارض أستاذ علم الاجتماع السياسي بالحديث عن القرار الصيني الأخير بوقف استيراد النفط الخام من إيران، على رغم أن الصين تعتبر أكبر مستورد للنفط الخام في العالم. وقال: «الآن وبشكل رسمي، فإن إيران وبصورة معلنة منذ أسبوعين أوقفت صادراتها النفطية، لا يوجد هناك تقرير يقول إنه حتى ولو ناقلة واحدة إيرانية خرجت من الموانئ الإيرانية النفطية».طباعةEmailÙيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :