يستطيع السعوديون اليوم أن يفرحوا بهذا الإنجاز العظيم لكونهم لا يأكلون إلا الأطعمة الغنية بالدهون والسكريات، بعد نتائج الدراسات التي كشفتها شركة "إيبسوس" العالمية للأبحاث. عدا عن ذلك تفشي الأمراض المزمنة تليه التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالوراثة، ثم تليه العادات الغذائية السيئة وما لم يطرأ علينا من تغيرات في عاداتنا الغذائية واستهلاكنا للوجبات السريعة مما سبب في اختلال هرمنا الغذائي السليم، وما رافقها من قلة النشاط البدني. على رغم أن السعودية واحدة من الدول التي تحتل نسبة تفشي الأمراض المزمنة مثل السمنة والسكر الأعلى في العالم، فيما انشغلت المدراس والعائلات بتقديم الوجبات الدسمة للطلاب، ونتيجة ذلك أصبحت السمنة والأجسام المتهدلة واحدة من سمات أفراد المجتمع عندما تجول في الشوارع لا تجد من حولك إلا مطاعم الوجبات السريعة، فهي غزت حياتنا اليومية بشكل متعجرف، فبعد ما كانت الكبسة تحتل القائمة المفضلة لدينا من الأطعمة، أصبحت وجبة البرجر والبطاطس والمشروبات وجبتنا الرئيسة، فهي بالنسبة لنا تباع بسعر زهيد ولا يكلف ذلك الأسر السعودية الكثير من الأموال، إضافة إلى سرعة تحضيرها. لم تولد لدينا في مجتمعنا السعودي ثقافة تناول الأكل الصحي، فمنذ بواكير الطفولة ونحن تربينا على المقليات والحلويات والمعجنات والمشروبات الغازية ذات السعرات الحرارية، وكذلك هي حال المؤسسات التعليمية، فقد أسهمت أيضا في تعزيز ثقافة الوجبات السريعة الغنية بالدهون والسكريات، فهي توزع كيس البطاطس المقلي وعلبة العصير المكونة من مواد حافظة. أنا شخصيا من خلال تجربتي أثناء الفسحة كانت المدرسة لا تقدم إلا الوجبات السريعة، ما جعلني أكتسب عادات غذائية سيئة وجعلني أبتعد كليا عن الطعام الصحي الذي من المفترض أن تتغذى عليها أجسامنا، بدل أن تكلف المدرسة نفسها في التوعية عن الأكل الصحي عند الطالب ومخاطر الوجبات السريعة تقوم ببيع جميع أنواع الأطعمة الدسمة، ما أصاب العديد من الأجسام بالأمراض المزمنة. جهل المجتمع في ما هو الطعام الصحي خلق جيلا كاملا ذا بدانة عالية غير نشيط بدنيا، جعل الأغلبية تبتعد عن الهرم الغذائي الصحي. تقول الإحصاءات أن أكثر من ٧٠ في المئة من السعوديين مصابون بالبدانة، وعلى رغم كل الحملات التوعوية التي يقوم المجتمع الصحي بها تجد عددا كبيرا من الشباب يذهبون إلى المطاعم ويأكلون البرجر والبطاطس المقلية ويشربون من علبة الغازيات ومن ثم يأكلون الشوكلاته ويجلسون طوال اليوم أمام التلفاز بلا حركة ونشاط بدني. في الإمارات، قامت بلدية دبي في إطار جهودها لمكافحة السمنة بإطلاق حملة "وزنك ذهب"، بحيث تكافئ كل مواطن يفقد كيلوغرامين من وزنه خلال شهر مقدار كيلوغرام واحد من الذهب، في حين أن أبناءنا متعلقون بالكبسة والبيتزا والبرجر والسكريات، ونقول لهم "اذهبوا وتناولوا من المطاعم التي ترونها رخيصة وسريعة التحضير وليست ألذ من أكل البيت"، ولا يكترث الأهل بالسعرات الحرارية العالية التي تحويها الأطعمة الدسمة. لا تجد أحد من المعلمين يحذر الطلاب من تناول الوجبات السريعة ومخاطرها على الصحة الجسدية والنفسية. فالمعلم يجتهد فقط من حفظ وتلقين الطالب المناهج على حساب الحصص الرياضية للاستعداد للامتحانات وكأن كل حياة الطالب مبنية على الامتحانات والحصول على أعلى درجات التفوق. الكسل انتصر على الرياضة، فنحن لا نمارس الرياضة، بل نحن محترفون فقط في مشاهدتها وتقييم اللاعبين والأندية. هكذا نضيع كل يومنا في تحليل خسر فريقنا المفضل الدوري ولماذا لم يكن بالمستوى المطلوب. فشلنا في محاربة السمنة ووضع الحلول الناجعة لتقليل نسبتها، فقد أصبح معظم الأطفال يتهافتون ويفرحون بأكل البرجر وشرب الغازيات ولسان حالنا يقول: "الجوع كافر".
مشاركة :