عشية إنطلاق جلسات لجنة المال والموازنة المخصصة لمناقشة الموازنة، شن رئيس حزب "الكتائب اللبنانية" النائب سامي الجميل هجوما عنيفا على الحكومة والموازنة التي أقرها مجلس الوزراء الأسبوع الفائت، معتبرا أنها تحمل "مخالفة صارخة للدستور"، ومحذرا من أنها "ستؤدي إلى عواقب اقتصادية وخيمة أبرزها الغلاء المعيشي وضرب القدرة الشرائية الضعيفة أصلا للمواطنين اللبنانيين وتشجيع التهريب عبر المعابر غير الشرعية، مطالبا الحكومة بوضع خطة واضحة تفضل الطريق الأسلم للنهوض بالبلاد وخلق فرص العمل". وفي مؤتمر صحافي عقده في بيت الكتائب المركزي في الصيفي، لفت الجميل إلى أن "لبنان بلد صغير، وبقدر ما نستطيع تدميره بسرعة، نستطيع إنقاذه بسرعة أيضا"، مشددا على "أن هذا لا يتطلب إلا بعض الارادة ونحن قادرون على النهوض بالبلد والاقتصاد بسرعة قصوى. لذلك، نحن نشعر بالقهر عندما نرى أن لا شيء يجري لانقاذ البلد من واقعه الاقتصادي، فيما تبدو خطوات صغيرة لكن جريئة تستطيع قلب المشهد لينتقل البلد من الركود إلى النهوض". وذكّر الجميل الحكومة بأن "المحاكم مقفلة منذ شهر وهناك أناس ينتظرون أحكاما والقضاة مضربون"، مرجحا أن تكون الحكومة لا تعرف أن طلاب الجامعة اللبنانية يجهلون مصيرهم وينتظرون شهادتهم ليقدموا طلبات الانتساب إلى جامعات الخارج ولا يستطيعون، لأن الجامعة اللبنانية تشهد إضرابا. لا أعرف إذا كانت الحكومة تعي هذه الأمور لكن الأكيد أننا لا نرى معالجات. فيما أهم قطاعين يؤديان إلى بناء دولة، القضاء والجامعة اللبنانية معطلان، ما يعني أن حياتنا ومستقبل شبابنا معطلان أيضا". وفي ملف الموازنة، أكد الجميل أن ما يهمنا يكمن في أن يسمع الشعب الحقيقة منا لأن التشويه واخفاء الوقائع من قبل أفرقاء السلطة، كبيران إلى حد أن هناك تضليلا للناس، ومن واجباتنا كمعارضة تصحيح المساروكشف الحقيقة للناس". واضاف: "في الشكل، هناك انتهاك صارخ للدستور في إقرار الموازنة أولا من ناحية المهل التي ليست خيارا بل إلزامية وهي لو احتُرمت لوضعنا موازنة لعام كامل، لا لستة شهور. وعندما يضع الدستور مهلا، فهذا يعني أن هذه هي الطريقة الأفضل لتأمين الانتظام المالي العام للدولة". "موازنة نظرية" ونبه إلى أن المخالفة الثانية للدستور تكمن في قطع الحساب الذي من المفترض أن يصل إلى النواب قبل الموازنة ليتسنى للنواب الاطلاع عليه لمعرفة أين صرفت أموال اللبنانيين، بدلا من الاكتفاء بموازنة تمت مخالفتها بالكامل العام الفائت"، معتبرا أن "هذا المشهد يتيح القول إننا أمام موازنة نظرية، فيما لا نعرف الواقع الذي يقدمه قطع الحساب، وهو ما لا نملكه". أما في الأرقام، فأعلن الجميل أن "كل الأرقام في الموازنة مغلوطة لأنها تمتد على سنة فيما بقي من 2019، 6 شهور، معتبرا أن اللافت أن النفقات بقيت على سنة، لكن في المقابل، كل ما يمكن تسميته إجراءات جديدة ستكون مدته ستة شهور" . وأضاف: "هناك غش في الأرقام. أنهم يقدرون العجز بـ 7.59 في المئة. لكن كل شركات التصنيف العالمية كذبت هذه الأرقام، بعدما قدرت العجز بنسب بلغت 8.5 إلى 9.5 في المئة. وهذا يعني أننا لم نتعلم أن زيادة الضرائب تخفض الايرادات، وهذا ما أثبتته تجربة العام الماضي، ما يرفع لدينا علامات الاستفهام إزاء هذه التقديرات. وشكنا هذا أكدته وكالات التصنيف العالمية". وتابع رئيس الكتائب: "في الوقائع وفي ما يخص نفقات الدولة، يجب أن يعرف اللبنانيون حجم النفقات المقدر في الموازنة أقل ببعض مئات الملايين من نفقات موازنة 2018. أي أن لا شيئ جذريا في النفقات"، مشيرا إلى أن "الخطوة الوحيدة التي اتخذتها الحكومة هي فرض رسم 1 في المئة على بعض الحسابات بين المصارف. وهذا الخفض البسيط هو تدبير موقت اتخذ بالقوة، ولا اتفاق في المصارف في شأنه" وذكر بأن هناك تدابير كان يمكن اتخاذها لكن ذلك لم يحصل ولا نعرف الأسباب، كما هي حال موازنات السفر. فالجميع يسأل: كيف يسمح المسؤولون لأنفسهم، في بلد كلبنان، أن يسافروا بأعداد كبيرة وفي درجة رجال الأعمال، علما أنهم في بعض الحالات ذاهبون لطلب الأموال. كنا نتوقع، في أمور كهذه أن تتخذ خطوات معينة". وأضاف مخاطبا الحكومة: "لا تذهبوا عندما لا تكونون مجبرين، هناك سفراء في كل دول العالم يستطيعون أن يمثلوكم في المؤتمرات الدولية. وإذا كنتم مجبرين، لا حاجة إلى الوفود الكبيرة". "السلة تطال كل االطبقات" أما في ما يتعلق بالايرادات، فلفت إلى أنهم (أي الحكومة) عوضوا النفقات بالايرادات وفرضوا على الشعب سلة ضريبية ستقلص القدرة الشرائية للناس وتؤدي إلى غلاء معيشي"، منبها إلى أن" هذه السلة تطال كل االطبقات الاجتماعية بينها زيادة رسم خروج على المسافرين وهذا يطال اللبنانيين والأجانب وحرمان الناس من حقهم في قضاء عطلهم، ما يعني رفع سعر التذاكر الذي يفرضه أيضا رفع الرسوم على الطائرات التي تهبط في لبنان، إضافة إلى زيادات على جواز السفر، اقتطاع شهري من رواتب العسكريين المتقاعدين لزوم الطبابة، ورفع الضريبة على فوائد المصارف من 7 إلى 10 في المئة، وهذا سيطال الناس لا المصارف ويقلص القدرة الشرائية". ونبه إلى أن في الموازنة، ومع كل الضرائب الخطرة التي فرضت لا سيما 2 في المئة على الاستيراد لا دراسة لأي أثر اقتصادي لدراسة النتائج على السوق والبطالة والاستثمار والتضخم وسواها من المؤشرات، كما لو أن هناك من يريد الوصول إلى رقم معين يرضي مانحي مؤتمر سيدر للحصول على الأموال الموعودة، وإن كنا لن نصل إليه واقعيا". "التهريب سيزيد ويخفض مدخول الدولة" وفصّل الجميل النتائج التي ترتبها هذه الموازنة، فأعلن أنها تبدأ أولا بالغلاء المعيشي وضرب القدرة الشرائية المنخفضة أصلا، ما يجمد الحركة الاقتصادية وكذلك الاستثمارات، فيما الضرائب على الشركات ستخلق إنكماشا يخفض مداخيل الدولة. كل هذا هذا يؤدي إلى الجمود الاقتصادي وخفض الاستثمار، اي عدم خلق فرص عمل، ما يخفض الاستهلاك، ويأخذ الدورة الاقتصادية إلى تراجع. وتاليا، كل التقديرات عن نمو اقتصادي غير ممكنة في ظل موازنة انكماشية". وقال: "النتيجة الثالثة تكمن في تشجيع التهرب والتهريب لأن رفع الضرائب على السلع المستوردة سيؤدي حكما إلى غلاء أسعارها، ما يعني زيادة التهريب عبر المعابر غير الشرعية. علما أن لا خطة لضبط المعابر غير الشرعية المعروف مكانها وهويتها كما أن لا خطة لمكافحة التهريب عبر المرفأ والمطار، فإن التهريب سيزيد ويخفض مدخول الدولة". واعتبر أن "عمليا، نحن نعاقب الناس الذين يلتزمون بالقانون ويمرر البضائع بشكل قانوني ويدفعون ضرائبهم، في مقابل مكافأة المهربين وتشجيعهم. وكذلك، نساوي الموظف الذي يعمل بعرق جبينه ليطعم عائلته ويستحق الراتب والسلسلة وكل التقديمات الأخرى، والموظف الوهمي الذي يتقاضى الراتب من دون أن يعمل، وكل ذلك من دون أي تقدير للكفاءات فيما كان المطلوب مكافأة العاملين الجديين ومعاقبة هؤلاء، أو فسخ العقود معهم لأنهم لا يقومون بعملهم ويقبضون راتبا لا يستحقونه. وبذلك نكون أعطينا قيمة للأوادم في هذا البلد". وأكد أن "الموازنة، بشكلها الحالي، مخالفة للدستور وأرقامها غير صحيحة وليس هناك اجراءات تؤدي إلى نهوض اقتصادي، وستؤدي إلى جمود اقتصادي وانخفاض القدرة الشرائية وتشجيع التهريب". "لتعديل الموازنة" وشدد على "أننا قادرون على تغيير هذا الواقع وانقاذ البلد"، داعيا إلى التهريب سيزيد ويخفض مدخول الدولة لوضع الأمور على السكة الصحيحة، والذهاب إلى خطة اقتصادية لتوضيح أهداف الموازنة، والبحث في كيفية خلق فرص العمل، وتحفيز الاستثمارات، على أن يتم توفير الأموال بعيدا من الناس، وهذا يعد حاجة ملحة للدولة إنطلاقا من ضبط الحدود والمعابر غير الشرعية التخلص من الوظائف الوهمية التي تثقل على الدولة الرواتب التي تدفعها من غير وجه حق، بفعل الاستغلال الانتخابي الذي تمارسه أحزاب السلطة"، محذرا من أن "الموازنة تلحظ تدابير تمس القطاع السياحي فيما هوز القطاع الحيوي للاقتصاد اللبناني، ويجب الرهان عليه بدلا من تعطيله"، ومشددا على "أننا سنتابع هذا الملف وقد برهنا سابقا أننا كنا نرى الأمور بشكل صحيح ونجد الثغرات، وسنتابع في هذا المسار لتفادي الوقوع في المحظور بعد إقرار الموازنة".
مشاركة :