متعة القراءة لا تنتهي، فمع كل كتاب يجد المرء نفسه فى عالم جديد ومختلف، يتنقل عبر العصور والأماكن والأحداث والشخصيات، يرى ما لم يسبق له أن شاهده من قبل، ويتعرف على أناس لم يكن يتخيل وجودهم، ويواجه الكثير من الأفكار التي ربما لم يتخيل أن لها شعبية جارفة. ولأن أولى كلمات القرآن الكريم كانت «أقرأ»، فعلى مدار 30 يومًا تستعرض «البوابة» ثلاثين كتابًا شيقًا، تتنوع ما بين الأعمال الأدبية والسير الذاتية والكتب الفكرية، والتى يُمكنك أن تتصفحها وتنتقل بها إلى عوالم أخرى من المتعة. دائمًا ما يراود المُقدمين على العمل السياسى العديد من الأحلام، تكون أغلبها إما مبادئ مثالية لا تصلح لذلك العالم المُتشابك، أو تكون مطامع شخصية تدفع بصاحبها إلى أعماق ذلك العالم الذى يبدو وكأنه مجارى مُتشابكة، فيترك السياسيون المشاكل ويصنعونها من أجل أن يجدها من يأتون بعدهم؛ وفى النهاية اتفقوا جميعًا على المبدأ المكيافيللى «الغاية تُبرر الوسيلة».الرؤية نفسها يؤكدها الكاتب السلوفاكى يوسف بناش فى كتابه «أغبياء فى السياسة»، والذى ترجمه إلى العربية الدكتور خالد البلتاجي، بعدما التقى خلال سنوات السياسية الأربع بالعديد من السياسيين على الصعيد المحلى والدولي، والذين كانوا ينظرون إلى العالم والسياسة، وحتى إلى أنفسهم بنوع من الترفُّع، وعزا سر نجاحهم إلى هذه النظرة، وأنه سعى خلال رحلته إلى العثور على السياسى المثالى الذى لا تُبنى شخصيته على الكلمات والوعود، بل على الأعمال والفضائل «وحتى لا تضيع جهودى عبثًا قررت أن أكتب ما شاهدته».يرى بناش أن التاريخ ظلم مِكيافيللى واعتبره شيطانًا عندما استن قاعدته السياسية الأشهر واصفًا إياه بأنه لم يقل غير الحقيقة؛ وبدء فى سرد مواصفات السياسى المثالى حسب أحد استطلاعات الرأى العام «شريف، وعفيف، وغير متهور، ومثقف، ويجيد لغات أجنبية، ولديه حياة عائلية ناجحة، خبير فى إدارة المؤسسات، وصادق، ويتمتع بالصحة، وخفيف الظل، ويجيد الاستماع إلى الآخرين، وتقديم العون لهم»، لكنه أكد أنها مواصفات رجل حالم، ولا يصلح للعمل السياسى على الإطلاق؛ مُشيرًا فى سطوره إلى أن من يظل فى السياسة وفيًّا للمبادئ «هو كمَن يُعلم كلبه المشى على قدميه الخلفيتين».واجه الكاتب السلوفاكى ثنائية «السياسة والمأساة، والسياسة والتهريج» بالانحياز إلى النهج الساخر؛ حيث رأى أن تاريخ التهريج يتشابه كثيرًا مع تاريخ السياسة؛ وأن الإنسان الذى يأخذ السياسة مأخذ الجد ليس إنسانًا مرحًا، لا يلقى طُرْفة أو نكتة، لكنه مُثير السخرية، مثله مثل السياسة نفسها؛ كما أكد أن من يُريد أن يكون ناجحًا فى عالم السياسة يجب أن يكون حاضر الذهن، وفى الوقت ذاته يجب أن يكون غبيًا على نحو يجعله لا يعتقد بأنها ذات أهمية، والحقيقة أن القاعدة الوحيدة فى السياسة هى أنها بلا قواعد.
مشاركة :