بعد مغازلة متكررة، اقترحت شركة «فيات -كرايسلر» لصناعة السيارات اندماجاً مع شركة «رينو» الفرنسية في صفقة تهدف إلى تعزيز القدرات التنافسية لكليهما على مستوى العالم. لكن من نافلة القول أن هذا الارتباط، مثله مثل العديد من القرارات التي تجتاح قطاع الأعمال في الوقت الحاضر، مدفوع إلى حد كبير باعتبارات سياسية.سوف ينتج الائتلاف حوالي تسعة ملايين سيارة سنوياً، ما يجعله ثالث أكبر كيان لصناعة السيارات في العالم. ويأمل ائتلاف «فيات- كرايسلر -رينو» في أن يخفض هذا الكم الكبير من الإنتاج من تكاليف الامتثال للقوانين الحكومية التي تطالب بزيادة عدد السيارات الكهربائية في خطط الإنتاج وتطوير تكنولوجيا البطاريات.والامتثال لكلا الطلبين باهظ التكاليف. وقد شكلت العديد من شركات صناعة السيارات ائتلافات بهدف زيادة الاستثمار في السيارات ذاتية القيادة والسيارات الكهربائية. فهناك تعاون بين «تويوتا» و«سوزوكي»، وشراكة بين «فولكس واجن» و«فورد»، التي تستثمر أيضاً في شركة «ريفيان» الخاصة بتصنيع الشاحنات الكهربائية. أما «رينو» وهي الشركة الرائدة في مجال تصنيع السيارات الكهربائية في أوروبا، فهي محط اهتمام «فيات- كرايسلر» التي تخلفت عن الركب الكهربائي. وقد رفض الرئيس التنفيذي السابق لفيات -كرايسلر، سيرجيو مارشيوني، الامتثال لطلب هيئة تنظيم القطاع، وركز على إنتاج الشاحنات وسيارات الدفع الرباعي ذات هامش الربح المرتفع، والتي تشكل حالياً ثلثي مبيعات السيارات في الولايات المتحدة. ويقول مارشيوني إن الشركة خسرت 20 ألف دولار في كل سيارة كهربائية أنتجتها.لقد كان رهانه على سيارات الدفع الرباعي والشاحنات مربحاً إلى حد كبير، لكن حسابات شركة «فيات -كرايسلر» التجارية قد تتغير في ظل فورة الطلب الحكومي على توسيع دائرة صناعة السيارات الكهربائية في كاليفورنيا وأوروبا والصين. وتدفع الشركة ملياري دولار ثمناً لحصة شركة «تيسلا» من الكربون في أوروبا، وسيؤدي الاندماج إلى إلغاء تكاليف الامتثال الأخضر هذه.ماذا ستكتسب رينو؟ على رأس جدول المكاسب دخول سوق الولايات المتحدة. وفي الوقت الذي تتراجع مبيعات السيارات في أوروبا وسط تباطؤ النمو الاقتصادي، حافظت المبيعات على وتيرة نموها في الولايات المتحدة. ولكي تتمكن رينو من دخول السوق الأمريكية منفردة وعلى نفقتها لا بد لها من إنفاق مليارات الدولارات، ناهيك عن السنوات التي تضيعها في بناء شبكة علاقات ووكلاء وشركاء.أما عملية الدمج، فتتيح لشركة رينو تسويق السيارات في صالات عرض فيات -كرايسلر. كما يمكن أن تتجنب التعريفة الجمركية بنسبة 25% على السيارات الأجنبية التي هدد بها الرئيس ترامب في وقت سابق من هذا الشهر، حيث اعتبرت وزارة التجارة الأمريكية أن شركات تصنيع السيارات المملوكة للأجانب تهديد للأمن القومي، لكن رينو ستصبح أمريكية جزئياً، على الأقل من حيث التسمية.يبقى الإشارة إلى أن الحكومات على جانبي الأطلسي ربما تعرقل الصفقة. فالحكومة الفرنسية تملك حصة بنسبة15% من رينو، وسيتم خفض الحصة نتيجة عملية الاندماج. ومن المؤكد أن نقابات العمال في باريس سوف تفرض شروطاً متشددة للحفاظ على الوظائف المحلية التي من شأنها أن تحد من إمكانية خفض التكاليف التي هي واحد من أهم أهداف الاندماج.كما يمكن أن يطالب عمال السيارات في الولايات المتحدة أيضاً بضمانات خاصة بالوظائف خلال مفاوضات عقود العمل في هذا الخريف، ويمكن أن يحصلوا على الدعم من الرئيس ترامب الذي ينتقده الديمقراطيون فيما يخص عمليات تسريح العمال من شركة «جنرال موتورز» في لوردستاون، أوهايو. وقد حاول ترامب في كثير من الأحيان توجيه صناعة السيارات من خلال تغريداته على تويتر. وبما أن اندماج «رينو» مع «فيات -كرايسلر» سيتم تحت الضغط، نقول لهم إن التوجيه السياسي نادراً ما ينفع الشركات في تعزيز قدراتها التنافسية.* وول ستريت جورنال
مشاركة :