ترأس البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، القداس الإلهي الكبير في إقليم ترانسلفانيا، وتحت المطر الغزير بدأ المؤمنون من ترانسلفانيا التي تطالب بالخصوصية الثقافية والواقعة في وسط غرب البلاد، وكذلك من المجر المجاورة، بالتوافد للمشاركة بالقداس في مزار شوموليو تشوك المريميّ.وفيما يلي النص الكامل لعظة قداسته:أنا موجود معكم اليوم أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، بكلّ فرح وامتنان لله، في هذا المعبد المريمي العزيز، الغنيّ بالتاريخ والإيمان، حيث نأتي كأبناء للقاء أمّنا وللاعتراف بأخوّتنا. إن المعابد، وهي أماكن تكاد أن تكون "مقدّسة" في كنيسة ميدانيّة مضيافة، تحافظ على ذاكرة الشعب المؤمن الذي لا يكلّ، وسط محنه، عن البحث عن مصدر الماء الحيّ حيث يجدّد رجاءه. إنها أماكن أعياد واحتفالات، ودموع وتوسّلات. نأتي عند أقدام الأمّ، دون كثرة كلام، كيما تهدينا، وتقودنا بنظرها إلى الذي هو "الطريق والحقّ والحياة" (يو 14، 6).ولا نأتي إلى هنا بأية حال، بل نحن حجّاج. وأنتم تأتون إلى هنا، حاجّين كلّ عام، يوم سبت العنصرة، من أجل أن تفوا بنذر أسلافكم وتقوّوا إيمانكم بالله وتكريمكم للسيّدة العذراء، الممثّلة بالتمثال الخشبي الضخم. وينتمي هذا الحجّ السنويّ إلى تراث ترانسيلفانيا، لكنه يفي التقاليد الدينيّة الرومانية والهنغارية على حدّ السواء، ويشارك فيه أيضًا مؤمنين من طوائف أخرى، ويرمز للحوار والوحدة والأخوّة؛ إنه نداء لاسترجاع شهادات إيمان أصبحت حياة وحياة أصبحت رجاء. أن نحجّ هو أن ندرك أننا نأتي كشعب إلى بيتنا. هو أن نعيَ إدراكنا بأننا شعب. شعبٌ، ثروته هي تعدّد وجوهه وثقافاته ولغاته وتقاليده؛ شعب الله المؤمن، الذي يذهب بحجّ مع مريم وهو يرنّم بمراحم الربّ.إذا كانت مريم قد توسّطت عند يسوع في قانا الجليل من أجل أن يقوم بالمعجزة الأولى، فهي تسهر وتتوسّط في كلّ معبد، ليس فقط عند ابنها، ولكن أيضًا عند كلّ واحد منّا، حتى لا نسمح للأصوات وللجروح التي تذكي نار التقسيم والتفتيت، بأن تسرق منّا الأخوّة. إن أحداث الماضي المعقّدة والحزينة يجب ألّا تُنسى أو تُنكر، ولكن لا يجب أن تُشكّل عقبة أو سببًا لمنع تعايش أخويّ طال انتظاره. أن نحجّ يعني الشعور بأننا مدعوون ومدفوعون لأن نسير معًا سائلين الربّ نعمة تحويل الأحقاد الماضية والحالية إلى فرص شركة جديدة؛ وهذا يعني التخلص من ضماناتنا وراحتنا ساعين إلى أرض جديدة يريد الربّ أن يمنحها لنا.الحجّ هو التحدّي المتمثّل في اكتشاف ونقل روح العيش معًا، وعدم الخوف من الاختلاط، ومن الالتقاء ومن مساعدة بعضنا البعض. الحجّ يعني المشاركة في هذا الحشد الفوضويّ بعض الشيء الذي يمكن أن يتحوّل إلى تجربة أخوّة حقيقية، وقافلة متّحدة دائما من أجل بناء التاريخ (را. الإرشاد الرسولي فرح الإنجيل، 87). إن الحجّ هو النظر، لا إلى ما كان يمكن أن يكون (ولم يكن)، بل إلى كلّ ما ينتظرنا ولا يمكننا تأجيله. يعني الإيمان بالربّ الآتي، والذي هو في وسطنا، يشجّع ويحفّز التضامن والإخاء والرغبة في الصلاح والحقيقة والعدل (را. نفس المرجع، 71). إنه الالتزام بالنضال من أجل أن يصبح الذين تُركوا يوم أمس بالخلف، روّاد الغد، ومن أجل ألّا يترك روّاد اليوم في الخلف غدًا. وهذا، أيها الإخوة والأخوات، يتطلّب براعة لنسج المستقبل معًا. هذا هو السبب في أننا هنا لنقول معًا: يا أمّنا، علّمينا أن نصمّم المستقبل!الحجّ إلى هذا المعبد يجعلنا نرفع نظرنا نحو مريم ونحو سرّ انتقاء الله. فقد استطاعت، هي فتاة الناصرة، وهي بلدة صغيرة في الجليل، على مشارف الإمبراطورية الرومانية وفي ضواحي إسرائيل أيضًا، عبر قولها "نعم" أن تطلق ثورة الحنان (را. نفس المرجع، 88). إن سرّ انتقاء الله، الذي ينظر إلى الضعفاء ليربك الأقوياء، يدفعنا ويشجّعنا على قول "نعم"، على غرار مريم، كيما نسير في طرق المصالحة. أيها الإخوة والأخوات لا ننسينّ: إن الربّ لا يخيّب مَن يخاطر. دعونا نسير، نسير معًا، نخاطر، جاعلين من الإنجيلُ الخميرَ الذي يضع ختمه على كلّ شيء ويمنح شعوبنا فرح الخلاص، في الوحدة والأخوّة.
مشاركة :