حثّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب، المملكة المتحدة على الخروج من الاتحاد الأوروبي بلا اتفاق وعلى رفض دفع 39 مليار جنيه (50 مليار دولار) متفق عليها كفاتورة الطلاق بين الطرفين، فيما تستعد لندن لتولي متشددين حيال بريكست رئاسة الوزراء. وتأتي تصريحات ترامب لصحيفة “صنداي تايمز” بعد يومين من تأكيده لـصحيفة “ذي صن” الشعبية أنّ وزير الخارجية البريطاني السابق بوريس جونسون سيكون رئيسا “ممتازا” لحكومة بريطانيا خلفا لتيريزا ماي، التي ستستقيل رسميا من منصبها في السابع من يونيو على خلفية فشلها في تمرير اتفاق بريكست في البرلمان. ويقوم ترامب بزيارة دولة إلى المملكة المتحدة بين الثالث والخامس من يونيو الجاري، ومن المقرّر أن يلتقي الرئيس الأميركي الملكة إليزابيث الثانية. وفي مقابلته مع “ذا صنداي تايمز”، حثّ ترامب الحكومة البريطانية على اتباع نهجه التفاوضي في مسألة بريكست. وقال “إذا لم تحصلوا على الاتفاق الذي تريدونه، إذا لم تحصلوا على اتفاق عادل، إذا انسحبوا“. وبخصوص فاتورة الطلاق بين لندن وبروكسل، صرح ترامب للصحيفة “لو كنت في مكانهم، ما كنت لأدفع خمسين مليار دولار. هذا بالنسبة لي. لم أكن لأدفع، هذا مبلغ هائل”. وقال ترامب، الذي يعتز بتأثيره الهدّام على السياسة في بلاده وخارجها، “إنّ السياسي الشعبوي المناهض للاتحاد الأوروبي نايجل فاراج يجب أن يشارك في مفاوضات بلاده للخروج من التكتل الأوروبي”.ورأى الرئيس الأميركي أن فاراج “شخص ذكي للغاية” ويمكنه “تقديم الكثير”، لكنه أقر أن السلطات البريطانية “لن تستعين به”. وصوّت أغلب البريطانيين في استفتاء العام 2016 لمصلحة مغادرة الاتحاد الأوروبي، لكن رفض البرلمان البريطاني المتكرر المصادقة على الاتفاق الذي توصلت إليه ماي والاتحاد الأوروبي في نوفمبر 2018، أدى إلى تأجيل خروج بريطانيا من التكتل من الموعد المبدئي في 29 مارس إلى 12 أبريل ثم إلى 31 أكتوبر 2019. ولا يزال حزب المحافظين الحاكم بقيادة ماي ممزقا ومنقسما حيال أي بريكست يريدون، خروج كامل من الاتحاد الأوروبي أم خروج بعلاقات مقربة ما ينطلي على ضرورة الموافقة على قواعد الاتحاد الأوروبي بخصوص التجارة والهجرة. وبعد عجزها عن تمرير اتفاق بريكست في البرلمان، أجبرت ماي على تقديم استقالتها الأسبوع الفائت. وترشح أكثر من 12 نائبا في حزب المحافظين لتولي زعامة الحزب ورئاسة الحكومة خلفا لها. ويعد جونسون الأوفر حظا بين الطامحين لشغل المنصب. وتأمل بريطانيا في أن تعزز زيارة ترامب طموحها في التوصل إلى اتفاق تجارة حرة مع الولايات المتحدة إذا تضمن الخروج من الاتحاد الأوروبي قدرة لندن على عقد اتفاقات تجارة حرة منفردة. ولمح الرئيس الأميركي في وقت سابق إلى أنه في صورة عدم تعديل اتفاق الانسحاب باتجاه انسحاب قاس فإن ذلك يمكن أن يمنع إبرام اتفاق تجاري جديد بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وهو احتمال يكرره المدافعون عن بريكست. ويشكل دعم ترامب لانفصال بريطانيا تغييرا جذريا في الموقف الأميركي بالمقارنة مع سلفه باراك أوباما الذي كان قد هدد بجعل المملكة المتحدة “في آخر أولوياته” في علاقاته التجارية في حال انسحبت من الاتحاد الأوروبي. وكان الرئيس الديمقراطي وغيره من عدد كبير من الخبراء في السياسة الدولية في تلك الفترة، يرون أن من مصلحة ضفتي المحيط الأطلسي أن تبقى بريطانيا في الاتحاد الأوروبي. ويخشى بعض المحافظين وكذلك حزب العمال الاندفاع نحو الموافقة على اتفاق غير متوازن مع الولايات المتحدة الأكبر بكثير، خصوصا مع تبني ترامب سياسة “أميركا أولا” خلال مفاوضاته لاتفاق تجارة حرة مع كندا والمكسيك واليابان والصين. وفور الإعلان عن زيارة ترامب للندن، سارع الناشطون المعادون لسياسة الرئيس الأميركي إلى الدعوة إلى تظاهرات مناهضة له في العاصمة البريطانية. وقال رئيس بلدية لندن صديق خان في مقال في صحيفة “اوبزرفر” الأحد إنّ الرئيس الأميركي هو “أحد النماذج الفاضحة” لتهديد عالمي متزايد من اليمين المتطرف. وذكر خان أن “سلوك ترامب المثير للانقسام يتعارض مع المبادئ التي أسست الولايات المتحدة عليها المساواة والحرية الدينية”. وتابع أن ترامب والسياسيين من أمثال فاراج ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان “يستخدمون التشبيهات نفسها المثيرة للانقسام للفاشيين في القرن العشرين لحشد الدعم، لكنهم الآن يستخدمون أساليب شريرة جديدة لإيصال رسالتهم”. ومن المنتظر أن ترافق الاحتجاجات الزيارة الرسمية الأولى التي يؤديها الرئيس الأميركي إلى المملكة المتحدة على ما أعلن نشطاء.
مشاركة :