محاولة فضّ الاعتصام.. تُشعل السودان

  • 6/3/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

دخل السودان، أمس، مرحلة تصعيد خطيرة، حيث سقط تسعة قتلى وأصيب عشرات آخرون بجروح، برصاص استهدف محيط الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش في الخرطوم. وأكدت «لجنة أطباء السودان المركزية» في بيان «مقتل 13 من المحتجين، جراء استخدام القوة من قبل السلطات، لفض الاعتصام» أمام مقر الجيش في العاصمة الخرطوم، الذي استمر نحو شهرين، مستخدمة في ذلك الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع، وفقاً لشهود عيان. وذكرت اللجنة أن قوات الأمن وقوات الدعم السريع اقتحمت مستشفى «رويال كير» قرب مكان الاعتصام. وناشدت اللجنة أطباء منظمات الصليب الأحمر والهلال الأحمر وأطباء بلا حدود، التدخل الفوري من أجل إجلاء الجرحى والمصابين والكوادر الطبية من ميدان الاعتصام. وتحدث ناشطون عن بدء قوى الأمن والدعم السريع عملية لفض الاعتصام، وأظهرت تسجيلات مصورة بثوها إطلاق قوى الأمن النار بكثافة في محيط الاعتصام، واعتداء بالضرب على محتجين وهم يغادرون. وقبيل هذا التطور، قال الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي إن الحوادث التي تجري على هامش الاعتصام تهدد «تماسك الدولة وأمنها الوطني»، ووعد بالتحرّك «بحزم» إزاء هذا الوضع بعد مقتل عدد من الأشخاص في المناطق المحيطة بمكان التجمع.متظاهرة ترصف الأحجار لقطع الطريق.. وتبدو الإطارات المشتعلة احتجاجا على فض الاعتصام | أ.ف.ب سخاء حقود من جانبه، أفاد تحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير»، الممثل للحراك الشعبي، في بيانات متتالية بأن المجلس العسكري «غدر فجر اليوم (الإثنين) بالآلاف من المعتصمات والمعتصمين من أبناء وبنات شعبنا الثوار بمحيط القيادة العامة للجيش، مطلقاً الرصاص بسخاء حقود». وتحدث عن «محاولة لفض الاعتصام بالقوة من قبل المجلس العسكري»، واصفا ما يتعرض له المعتصمون بـ«مجزرة دموية». ودعا التحالف إلى «العمل على إسقاط المجلس العسكري» و«تنظيم التصعيد الثوري السلمي» عن طريق «تترييس كل الشوارع بالعاصمة والأقاليم فورا، والخروج في مسيرات سلمية ومواكب بالأحياء والمدن والقرى». كما دعا إلى «إعلان العصيان المدني الشامل لإسقاط المجلس العسكري الغادر القاتل». وأعلن التحالف وقف كل الاتصالات والمفاوضات مع المجلس العسكري. في سياق متصل، أعلن تحالف «التجمع الاتحادي المعارض» (عضو قوى الحرية والتغيير) وقف التفاوض بصورة نهائية مع المجلس العسكري. وأدان «الهجوم البربري على المعتصمين السلميين. ونحمّل المجلس العسكري المسؤولية الكاملة». ودعا الشعب إلى الخروج في كل مدن وقرى السودان. مجزرة دموية أما «تجمع المهنيين»، الجماعة الرئيسة المنظمة للاحتجاج، فأوضح في بيان: «يقوم المجلس العسكري الانقلابي الآن بإبراز وجهه القميء من خلال إحضاره قوات نظامية بعدد ضخم جدا لميدان الاعتصام للقيام بعملية فض ممنهج لاعتصامنا الباسل أمام القيادة العامة». وأضاف: «يتعرض الثوار المعتصمون الآن إلى مجزرة دموية، في محاولة غادرة لفض الاعتصام، تم حشد أعداد كبيرة من الميليشيات المأجورة لتنفيذها، باستخدام الرصاص الحي والقوة المفرطة». وناشد التجمّع «الشرفاء في قوات شعبنا المسلحة الاضطلاع بمهامهم بالتصدي لميليشيات المجلس العسكري وحماية الثوار والمواطنين، وهذا هو قسم الجندية الذي أدوه من أجل شعبنا العظيم». كذلك، طالب «تجمّع المهنيين» بـ«الخروج إلى الشوارع وتسيير المواكب وإغلاق الشوارع والجسور والمنافذ» و«إعلان العصيان المدني الشامل لإسقاط المجلس العسكري الغادر القاتل واستكمال ثورتنا»، وفق تعبيره. وأكد التجمع أن «أي نقطة دم تسيل سيتحاسب عليها كل أفراد المجلس العسكري، وإن لنا خطواتنا الثورية السلمية في مواجهة هذا التصعيد الذي يستهدف إجهاض الثورة وتمييع أهدافها». في المقابل، نفى المجلس العسكري دوره في محاولة فض الاعتصام، وقال الناطق باسمه شمس الدين كباشي إن الأمن دخل الميدان بعد دخول مجموعة كبيرة من المخالفين إليه، موضحا أن فارين من منطقة كولومبيا دخلوا مكان الاعتصام، ما اضطر الأمن لمطاردتهم. وزاد: «نحن لم نفضّ الاعتصام بالقوة، استهدفنا فقط منطقة كولمبيا الخطرة». وعن التسجيلات المصوّرة عن الفض والعنف ضد المتظاهرين وإطلاق النار، أوضح كباشي: «الشباب يتحركون بحرية، ولا وجود عسكري في منطقة الاعتصام». ووسط كل التطورات في ساحة الاعتصام، ودعوة «قوى التغيير» و«تجمّع المهنيين» إلى إسقاط المجلس العسكري، إلا أن الكباشي قال إنه «يتوقع استئناف المحادثات في شأن الانتقال المدني للسلطة اليوم». عصيان مدني وعقب هذا التصعيد، أعلن تجمع الطيارين السودانيين (عضو تجمع المهنيين) العصيان المدني الشامل، حيث قال في بيان: «تابعتم دون شك تطورات وتداعيات العنف المفرط والمجزرة التي تمت لفض اعتصام القيادة العامة، كما تعلمون أن تجمع المهنيين السودانيين قد أعلن التصعيد إلى العصيان المدني الشامل». وأضاف: «تجمع الطيارين السودانيين كأحد أعمدة تجمع المهنيين يعلن دون أي ريبة أو مواربة العصيان المدني الشامل دون أي استثناء لأي رحلات كائنة ما كانت». وفي مدينة أم درمان، قالت وكالة رويترز إن آلاف المحتجين أغلقوا طرقا بالحجارة والإطارات المشتعلة. ونقلت عن شهود عيان أنه ليست هناك قوات أمن في المنطقة، حيث أغلق رجال ونساء الشوارع الرئيسة والجانبية في أنحاء المدينة. كما فضت قوات حكومية اعتصاما في مدينة النهود بولاية غربي كردفان. ويعتصم مواطنو النهود أمام مقر إدارية المدينة منذ 20 إبريل الماضي، لمطالبة المجلس العسكري بتسليم السلطة للمدنيين. وقال حزب المؤتمر: «تم فض الاعتصام في مدينة النهود وقلعت الخيام في ميدان الاعتصام». وأضاف أن قوات الدعم السريع والجيش تمركزت في ساحة الاعتصام. وفي السياق ذاته، أفاد بيان الحزب بأن المتظاهرين خرجوا إلى الشوارع في مدينة عطبرة، وهي المدينة التي انطلقت منها الاحتجاجات في 19 ديسمبر الماضي. وأضاف أن المتظاهرين أغلقوا شوارع المدينة احتجاجا على فض الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش في الخرطوم. (رويترز، أ ف ب، الأناضول) أبرز المحطات خلال الاحتجاجات يشهد السودان منذ أكثر من خمسة أشهر احتجاجات، بدأت ضد ارتفاع أسعار الخبز وأفضت إلى الإطاحة بالرئيس عمر البشير، الذي حكم البلاد بقبضة من حديد لمدة 30 عاماً، وتولي مجلس عسكري الحكم في البلاد. وفي ما يلي تذكير بأبرز محطات هذه الاحتجاجات:19 ديسمبر 2018 تظاهر مئات السودانيين في مدن عدة إثر قرار الحكومة رفع أسعار الخبز ثلاثة أضعاف. وتزامنت التظاهرات مع عودة المعارض الصادق المهدي إلى البلاد، بعد غياب لمدة عام. والمهدي هو زعيم حزب الأمة وكان رئيساً للحكومة عام 1989 حين أزاحه عن السلطة انقلاب عمر البشير.20 ديسمبر هتف المتظاهرون «حرية» و«الشعب يريد إسقاط النظام». وقُتل ثمانية منهم في مواجهات مع القوات الأمنية. وفي 9 يناير، أطلقت قوات مكافحة الشغب الرصاص الحي داخل مستشفى أثناء مطاردة أشخاص أصيبوا خلال تظاهرات في أم درمان، وفقاً لمنظمة العفو الدولية.22 فبراير أعلن الرئيس السوداني حالة الطوارئ وأقال الحكومة. وفي 6 أبريل، تجددت التعبئة بين المتظاهرين الذين تجمعوا بكثافة أمام مقرّ قيادة الجيش في الخرطوم، للمرة الأولى.8 أبريل طالب المحتجون بـ«تواصل مباشر» مع الجيش من أجل «تيسير عملية الانتقال السلمي للسلطة». واندلعت مواجهات دامية مع قوات الأمن، وأكد الجيش الذي لا يشارك في عملية القمع التي كان يديرها جهاز الاستخبارات النافذ وشرطة مكافحة الشغب، أنه «لن يسمح بانزلاق البلاد نحو الفوضى».11 أبريل في اليوم السادس للاعتصام، أعلن وزير الدفاع عوض بن عوف اقتلاع نظام الرئيس عمر البشير واحتجاز الرئيس في مكان آمن. كما أعلن تشكيل مجلس عسكري انتقالي يتولى إدارة حكم البلاد لفترة انتقالية تبلغ مدتها عامين». ورغم إعلان حظر تجول، دعا منظمو الاحتجاجات إلى مواصلة الاعتصام أمام مقر الجيش، معبرين عن رفضهم ما اعتبروه انقلاباً. ودعت دول عدة بينها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي العسكريين إلى إشراك المدنيين في العملية الانتقالية. ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إلى انتقال يحترم «التطلعات الديموقراطية» للسودانيين.12 أبريل في خطوة مفاجئة، أعلن رئيس المجلس العسكري الانتقالي عوض بن عوف تخليه عن منصبه وتعيين عسكري آخر هو الفريق الركن عبدالفتاح البرهان مكانه. وفي اليوم التالي، رفع البرهان حظر التجول وأعلن الإفراج عن المتظاهرين الموقوفين. وفي 13 أبريل، استقال رئيس جهاز الأمن والمخابرات الوطني صلاح عبدالله محمد صالح المعروف باسم صلاح قوش. وبعد 17أبريل، نُقل البشير إلى سجن في الخرطوم.28 مايو جرى إضراب عام بدعوة من قادة الاحتجاجات لزيادة الضغط على الجيش. لكن حزب الأمّة القومي بزعامة الصادق المهدي والمنضوي ضمن تحالف قوى الحرية والتغيير، رفض هذا التحرك، معتبراً أنه «سلاح علينا استخدامه باتّفاق الجميع، وعلينا تجنُّب الإجراءات التي ليس عليها اتفاق». وفي 3 يونيو، تعرّض الاعتصام لمحاولة فض، وقتل وجرح العشرات. (أ.ف.ب) حزب المؤتمر المعارِض: «الانقلابي» ارتكب مجزرةقال حزب المؤتمر المعارض: إن المجلس العسكري «الانقلابي ارتكب مجزرة في ساحة الاعتصام»، مضيفا ان «هذه المجزرة تؤكد أنه لم ينحز إلى إرادة الشعب». وفي بيان له، ذكر الحزب: «لقد استباح المجلس الانقلابي ساحة الاعتصام أمام قيادة الجيش بواسطة قوات الدعم السريع والأمن والشرطة، وارتكب مجزرة بحق المعتصمين السلميين أدت إلى مقتل وإصابة عدد مجهول حتى الآن». وتابع: «بهذا السلوك وضعنا المجلس الانقلابي أمام خيار واحد، وهو مواصلة الثورة من أجل إسقاط النظام». الحركة الشعبية: جريمة لن تمضي من دون عقابقالت «الحركة الشعبية/ شمال» إن فض الاعتصام بالقوة جريمة لن تمضي من دون عقاب. وفي بيان صادر عن نائب رئيس الحركة ياسر عرمان، أفاد بأن «الهجوم الذي قامت به القوات النظامية أحدث انقلابا نوعيا وأدخل البلاد في مواجهة شاملة بين قوى الثورة والثورة المضادة». وتابع: «نحن ندعم حق شعبنا في مواصلة ثورته والدخول في عصيان مدني شامل ولم يترك له خيار سوى ذلك، وعلى قوى الحرية والتغيير التحلي بأعلى درجات الوحدة وفي الوحدة يكمن الانتصار». ودعا عرمان الجماهير إلى النزول للشارع ومواصلة الثورة وإعلان العصيان المدني الشامل وتحويل ميادين البلاد لميادين اعتصام. وأردف: «على االقوات المسلحة أن تنحاز للثورة لأن الانقلاب عليها سيدخل بلادنا في ما لا يحمد عقباه». مصر للطرفين: عودا إلى طاولة المفاوضاتطالبت وزارة الخارجية المصرية، أمس، الأطراف السودانية باستئناف الحوار في شأن الفترة الانتقالية، بعد ساعات من محاولة فض اعتصام أمام مقر الجيش في الخرطوم. وقالت في بيان: «تؤكد مصر على أهمية التزام كل الأطراف السودانية الهدوء وضبط النفس والعودة إلى مائدة المفاوضات والحوار بهدف تحقيق تطلعات الشعب السوداني». (أ ف ب) سفارتا واشنطن ولندن تُدينانأعلنت السفارة الأميركية في السودان، أمس، أن الهجمات التي يقوم بها المجلس العسكري على المتظاهرين «يجب أن تتوقف»، معتبرة أن المجلس لا يمكنه «قيادة شعب السودان بشكل مسؤول». واعتبرت أن «المسؤولية تقع على المجلس العسكري الانتقالي. المجلس لا يمكنه أن يقود شعب السودان بشكل مسؤول». من جهة ثانية، غرّد السفير البريطاني في الخرطوم عرفان صديق: «يساورني قلق إزاء التقارير التي تفيد بمهاجمة القوات السودانية موقع الاعتصام». وأضاف: «لا مبرر لأي هجوم من هذا القبيل، وهذا يجب أن يتوقف الآن». وأدانت الناطقة الإقليمية باسم الحكومة البريطانية عملية الفض: «ندين الهجوم على المتظاهرين السلميين من جانب القوات السودانية.. المجلس الدولي سيحاسب المجلس العسكري على تصرفاته العنيفة». الاتحاد الأوروبي يدعو إلى تحول ديموقراطي دعا الاتحاد الأوروبي قيادات الجيش السوداني للسماح بالاحتجاج السلمي وحث على انتقال السلطة سريعا لقوى مدنية. وقالت ناطقة باسم الاتحاد: «نتابع تطورات الوضع عن كثب بما في ذلك هجمات اليوم (أمس) على المحتجين المدنيين وندعو المجلس العسكري الانتقالي للعمل بشكل مسؤول واحترام حق الناس في التعبير عن قلقهم». وأضافت: «أي قرار بتكثيف استخدام القوة لن يكون من شأنه سوى إخراج العملية السياسية عن مسارها… أولوية الاتحاد الأوروبي ما زالت هي نقل السلطة سريعا إلى سلطة مدنية».(رويترز)

مشاركة :