قالت وكالة الأنباء البحرينية الرسمية إن رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة أصدر قرارا يسمح للشركات الأجنبية بالتملك الكامل لمشاريع استخراج النفط والغاز في البلاد. ويشترط القرار “أن تكون الشركة الأم الأجنبية قد وقعت، أو في المراحل النهائية لتوقيع اتفاقية لاستكشاف وإنتاج النفط والغاز الطبيعي مع حكومة مملكة البحرين”. ويقول الخبراء إن القرار يأتي ضمن محاولات المنامة لتحسين بيئة الأعمال واستقطاب الاستثمارات الأجنبية في وقت تتسارع فيه وتيرة الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية. وتعتبر البحرين من أفقر دول الخليج في امتلاك الموارد النفطية وهي تنتج حاليا نحو 200 ألف برميل من الخام يوميا. ويأتي 50 ألف برميل من حقلها الوحيد، الذي تقدر احتياطاته بمئات الملايين من البراميل فقط، في حين تنتج 150 ألف برميل أخرى من حقل أبوسعفة، الذي تتقاسمه مع السعودية. ويبدو القرار مقدمة لإمكانية تطوير قطاع النفط والغاز بعد الإعلان في أبريل العام الماضي عن تفاصيل أكبر اكتشاف للنفط والغاز في البلاد، والتي تقدر احتياطاته بـ80 مليار برميل. وسارعت الحكومة بعد الإعلان عن الاكتشاف إلى توقيع عقد مع شركة هاليبرتون الأميركية للبدء في عمليات التنقيب، التي يمكن أن تحوّل الدولة الخليجية الصغيرة إلى قوة نفطية. ويمكن أن يشكل ذلك طوق نجاة لاقتصاد البحرين، الذي تضرر كثيرا في السنوات الماضية بسبب تراجع عوائدها النفطية وتباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع ديونها السيادية، الأمر الذي أدى إلى تراجع تصنيفاتها الائتمانية. ودخلت البحرين في أزمة مالية خانقة منتصف العام الماضي حين ارتفعت مضاربات الأسواق المالية الدولية على إمكانية عجزها عن تسديد التزاماتها. وتمكن الدعم الخليجي من ردع المضاربات بتقديم دعم بقيمة 10 مليارات دولار مرتبط بشروط تنفيذ إصلاحات هيكلية لخفض الإنفاق واعتماد إجراءات تقشف لتصحيح الاختلالات المالية المزمنة. وكان من أبرز الإصلاحات تطبيق ضريبة القيمة المضافة منذ بداية العام الحالي لتلتحق بكل من السعودية والإمارات، اللتين انفردتا بفرض الضريبة منذ أواخر عام 2017. وساهم الدعم الخليجي في انخفاض تكلفة اقتراضها واستعادة ثقة الأسواق المالية بأوضاعها الاقتصادية بعد تسريع الإصلاحات في إطار برنامج التوازن المالي. وكانت الدولة الخليجية الصغيرة تتجه صوب أزمة ائتمانية بعد تراكم ديونها لتعويض أثر هبوط أسعار النفط منذ منتصف 2014 على إيراداتها قبل أن تبدأ بالإصلاحات لإطفاء عجز الميزانية بحلول 2022. ورغم تفاؤل المسؤولين، إلا أن خبراء يعتقدون أن الحكومة تواجه عقبات كثيرة في مسار تنفيذ برنامجها الإصلاحي نظرا للخيارات القليلة، التي قد تمكنها من الإفلات سريعا من أزمتها. وبناء على توقعات صندوق النقد الدولي للناتج المحلي الإجمالي البحريني، فإن إيرادات المنامة غير النفطية، وهي مؤشر لمدى نجاحها في تنويع الاقتصاد، ستصل إلى 5.4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام على أن تبلغ 5.7 بالمئة في 2020. وتسابق الحكومة الزمن لإيجاد حلول بديلة لخطة إصلاح نظام الدعم الحكومي، التي تخلت عنها بسبب الجدل السياسي بشأن إجراءات التقشف التي يمكن تنفيذها في البلاد. وتتطلع المنامة لتفعيل حزمة واسعة من المبادرات متسلحة بخطة تشمل القطاعات ذات التنافسية العالية وفي مقدمتها، الخدمات المالية والتكنولوجيا والسياحة والترفيه والصناعة والنقل والخدمات اللوجستية. 80 مليار برميل حجم احتياطات اكتشاف نفطي جديد قد يجذب الاستثمارات الأجنبية وتعمل البحرين منذ 3 سنوات تقريبا على الترويج لنفسها كقاعدة إقليمية للشركات التي تسعى للوصول إلى السوق السعودية، في ظل الإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها الرياض. وسعت المنامة إلى الاستفادة من التحول في السعودية، أكبر الاقتصادات العربية حجما، حيث قامت بتطوير البيئة التنظيمية لجذب الاستثمارات بوتيرة أسرع من أغلب الدول الخليجية الأخرى. وانطوى ذلك على تخفيف القيود الرقابية والتنظيمية للسماح لشركات التكنولوجيا المالية بتجريب برامج جديدة دون إشراف كبير ودون قيود الترخيص. وفي مجالات أخرى، شددت البحرين القواعد التنظيمية، حيث أسست وكالة لتنظيم قطاع العقارات لتضييق الخناق على المخالفات وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية. وتظهر المؤشرات أن السياحة تقود فورة استثمارات متسارعة في البحرين، في وقت يحاول فيه قطاع العقارات انتزاع الصدارة بفضل استراتيجية مجلس التنمية الاقتصادية الهادفة إلى تطوير البيئة التنافسية للأعمال.
مشاركة :