الحج فرصة مناسبة للتدريب على قوة التحمل ومعايشة ظروف الحياة، واكتساب الخبرات والتجارب المتعددة، من خلال الاحتكاك المباشر بالعديد من الجنسيات، والثقافات، وزملاء أتوا من كافة مناطق المملكة لخدمة ضيوف الرحمن. وتحمل التجربة الأولى انطباعاً خاصاً، وذكرى غالية؛ حين تبقى رصيداً للعمل والإنجاز، وأكثر من ذلك أجراً وغنيمة، ومع كل ما تحقق تكون النفس راضية، منتشية؛ لأن خدمة الحاج "شرف الدهر". ومن أجمل التجارب التي يكون لها صدى إيجابي ما تكون في أوساط الشباب، حيث تجدهم في مواقع العمل والمسؤولية في الكشافة، أو العمل التطوعي في الجمعيات الخيرية، أو حتى الطلاب الذين لم يحن بعد موسم تخرجهم من الكليات الجامعية، أو كلية الملك فهد الأمنية، أو مدن التدريب العام. "الرياض" ترصد في هذا التحقيق التجربة الأولى لشباب الوطن في خدمة ضيوف الرحمن. جهود الكشافة تشارك الكشافة في خدمة حجاج بيت الله الحرام، حيث ألحقت العناصر المستجدة في دورات تدريبية خاصة بالإسعافات الأولية، والتعامل مع الحجاج في حالات الطوارئ، مثل حالات الحريق وغيرها، إلى جانب تقديم الخدمات المساندة المتعلقة بإرشاد التائهين، وخدمة المراجعين للمرافق الصحية التابعة لوزارة الصحة بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة والمدينة المنورة. كما تشارك المدارس والجامعات بعدد من الطلاب المشاركين بفريق الكشافة في الحج، حيث شاركت جامعة الملك خالد ممثلة في خمسة وثلاثين طالباً من كلية الطب في خدمة ضيوف الرحمن لهذا العام انطلاقاً من رؤية الجامعة الرامية إلى الحضور المستمر والفاعل في جميع البرامج والأنشطة المجتمعية. وقال "أ. د. عبدالله بن سعيد عسيري" -عميد كلية الطب بجامعة الملك خالد- إن الكلية تشارك ضمن الفرق التطوعية العاملة خلال حج هذا العام بحوالي خمسة وثلاثين طالباً متطوعاً من طلاب الكلية، وذلك بالتنسيق مع هيئة الهلال الأحمر السعودي، كما سيساهم وفد الكلية في تقديم خدمات العناية الطبية للحجاج في مختلف المشاعر المقدسة. وأضاف:"على الرغم من صغر سن هؤلاء الكشافة لكنهم يقدمون خدمات مساندة جيدة لمراجعي تلك المرافق الصحية من الحجاج، من حيث تنظيم صفوفهم أمام العيادات وإرشادهم للصيدليات وإيصال التائهين منهم إلى أماكن سكناهم"، مشيراً إلى أن هؤلاء الكشافة يتميزون بالتعامل الطيب مع ضيوف الرحمن، مظهرين بذلك صورة مشرّفة للكشاف السعودي وحبه لخدمة ضيوف الرحمن. وأوضح الطالب "فيصل الوادعي" أن هذه أول مشاركة له في الحج، وأن توجيهه للعمل لم يكن بطلب منه، وإنما جاء برغبة من رؤسائه، مشيراً إلى أن عمله يتيح له فرصة جيدة للاطلاع بشكل مباشر على بيئة العمل بالمشاعر وطبيعة الوظائف الطبية بها وكيفية التعامل مع المرضى من الحجاج، مبيناً أنه تم تدريبه وزملائه على الإسعافات الأولية والتعامل الجيد مع الآخرين، وأخذ دورات سابقة في التصرف في حالات حدوث الحرائق، مبدياً فرحته الكبيرة لمشاركته في الحج لخدمة ضيوف الرحمن؛ طلبًا لرضا الله تعالى قبل كل شيء. وبيّن الأستاذ "عبدالعزيز العلي" -رئيس شعبة النشاط الكشفي- أن الفرق الكشفية تضطلع بأدوار مهمة تجاه ضيوف الرحمن وتقدم الدعم والمساندة للأجهزة الحكومية والمؤسسات العاملة في المشاعر المقدسة عبر قنوات متعددة، مثل أعمال المسح الإحصائي وتنظيم حركة السير وإرشاد التائهين ومساعدة كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة وغيرها من المهام التي يؤديها أفراد الفرق الكشفية؛ اتساقاً مع رسالتهم السامية وأهدافها النبيلة، كما يؤكدون من خلالها الصورة المشرقة للشباب السعودي وما يتحلى به من روح إيجابية وأخلاق عالية. وقال إن الكشافة تغرس في النشء الخصال الحميدة وتصقل مواهبه وتبني شخصيته حتى يكون مواطناً صالحاً يسهم في بناء وطنه، وقادراً على مواجهة أعباء الحياة وتحمل تبعاتها ومسؤوليتها، مؤكداً على أن معسكرات الخدمة في الحج تغرس روح العمل التطوعي وحب العمل وخدمة الآخرين. وأبدى الطالب "عبدالرحمن بن أحمد الصويلح" سعادته بتجربته الأولى في خدمة ضيوف الرحمن مع الكشافة، مشيراً إلى أنها محل اعتزاز في نفسه، وثقة في إمكاناته، ورغبة في خدمة وطنه في أهم وأكبر مناسبة ترعاها المملكة سنوياً، وتسخّر لها كافة الطاقات المادية والمعنوية لتخرج بتكاتف أبناء الوطن في صورة مشرّفة؛ نبتغي فيها الأجر أولاً من الله، ثم تأدية الواجب الذي نتحمله حكومة وشعباً لخدمة الحجاج من "كل فجٍ عميق". وقال:"أنا سعيد بتواجدي في الخدمات الصحية للحجاج، حيث نؤدي مهمتنا في الاستقبال والتوجيه والمرافقة والعناية والتوديع"، مشيداً بجهود رؤسائه في العمل الكشفي، حيث كان لهم الدور الأكبر في تهيئته، وتدريبه، موجهاً شكره لوالديه اللذين منحاه هذه الفرصة؛ ليكون قريباً منهم في قلبه، وبعيداً عنهم في تحمل المسؤولية، وأداء الواجب الديني والوطني. الأمن العام وفي هذه المهمة يشارك طلبة مدينة تدريب الأمن العام مع زملائهم في مدن التدريب بالمملكة، بالمساندة في توفير الأمن وتنفيذ عدد من المهام الأمنية مع القوات المشاركة من أجهزة الدولة في الخطة الأمنية لحج هذا العام. وقال الطالب "محمد الراشد" إننا نؤدي أعظم الأعمال وأكثرها أجراً وهي حفظ الأمن ومساعدة حجاج بيت الله الحرام؛ لتأدية مناسكهم بكل يسر، وفق التوجيهات من المسؤولين والمشرفين على أمن وسلامة الحجاج، وأدعو الله أن يوفقنا لخدمة ضيوفه، مشيراً إلى أن مشاركته لم تأت إلاّ بعد فترة تدريب قاربت الشهرين، حيث تدربوا على تحمل كافة الظروف، وتعلموا كيفية مساعدة الحجاج، والأخلاقيات والمهام الوظيفية التي يجب أن تتوافر بكل رجل أمن. وذكر الجندي "محمد الهالك" أنه يشارك بموسم الحج للمرة الأولى، وحرص خلال التدريب أن يستمع لتجارب زملائه الذين سبقوه للميدان، ومعرفة الصعوبات التي قد تواجههم وكيفية التعامل معها، مبيناً أنه وزملاءه المستجدين تلقوا تدريبات مكثفة لتحمل الضغط النفسي والبدني خلال أيام التشريق، وأيضاً كيفية التعامل مع الحجاج بكل يسر وسهولة. كلية الملك فهد الأمنية وقال اللواء "د. فهد بن أحمد الشعلان" -مدير عام كلية الملك فهد الأمنية- في حديث سابق أن الكلية نظمت البرنامج السنوي للسير الطويل الأول للعام الدراسي الحالي 34-1435ه داخل حرم الكلية استعداداً للمشاركة في مهمة الحج، مضيفاً أن مثل هذه البرامج من شأنها رفع المستوى التدريبي والنفسي عند منسوبي الكلية من ضباط وطلبة، وتعويدهم على تحمل المشاق وطوارئ العمل الذي هو جزء من طبيعة الرجل العسكري، مشيراً إلى ظهور مشروع السير الطويل لهذا العام بشكل لافت من جانب ارتفاع اللياقة البدنية، كما واصل الجميع المسير بخطى يملؤها الاعتزاز بالنفس وتحملها الثقة بالقدرات، وتقويها العزيمة الصادقة لخدمة الوطن. وقد انتشر عدد كبير من الطلبة الجامعيين بكلية الملك فهد الأمنية بساحات مشعر منى منذ ساعات الصباح الأولى يوم أمس؛ للعمل جنباً إلى جنب مع الجهات الأمنية الأخرى في خدمة ضيوف الرحمن. ويؤدي الطلاب المشاركين الأعمال والأدوار المناطة بهم في خدمة الحجاج، من خلال إرشاد التائهين إلى مقار خيامهم، والحفاظ على الأمن، وتنظيم حركة الحشود، ومنع التدافع والافتراش. وأبدى طلاب الكلية فخرهم وسعادتهم الكبيرة للمشاركة في خدمة ضيوف الرحمن، مؤكدين على أن خدمتهم شرف لكل مواطن ووسام فخر واعتزاز وواجب وطني. وأشاد الطالب "نايف العتيبي" بدور طلبة كلية الملك فهد الأمنية -الإعدادي والنهائي- خلال موسم الحج، مشيراً إلى تواجدهم في مواقع الشرف وتحمل المسؤولية بصبر وثبات وعزم. وقال إن الكلية تستعد مبكراً قبل موسم الحج، حيث يتم إلقاء محاضرات توجيهية، وعمل ندوات وورش عمل ميدانية تزيد من خبراتنا وتوعينا أكثر بكيفية التعامل مع الحجاج، مشيراً إلى أن مهمتنا تنحصر في تنظيم السير، وفك خناق الازدحام في الطرق الرئيسة داخل المشاعر، وتحديداً في نهاية مزدلفة وبداية منى، حيث تم توزيعنا على شارع الملك عبدالعزيز حتى بداية المركز الثالث بعد مسجد الخيف والجمرات، موضحاً أن أكثر ما يواجهنا هو اصرار الحجاج أو السائق على الدخول من بين الحواجز الحديدية التي خُصصت لإغلاق المداخل الوسطى بين الطرق، ولكننا نقابلها بتوجيه مرن. الجهات التطوعية وتشارك في موسم الحج قطاعات كثيرة منها التطوعية والجمعيات الخيرية، وغالبيتهم يوزعون الوجبات المجانية والمشروبات، والبعض يجهز عربات خاصة لكبار السن، وغيرها من الأعمال التي يتعامل فيها مع الحاج باحتراف ووعي، وينم عن تدريب متواصل ورقي بالتعامل مع ضيوف الرحمن. وقال "مسعود الرافدي" -متطوع- أكوّن فريقاً تطوعياً كل عام للذهاب لخدمة ضيوف الرحمن، ونحرص على أن ينضم معنا أشخاص لم يؤدوا هذا العمل لكسب المزيد من الخبرات، مشيداً بجهود الشباب في التعامل مع كافة الأطياف والجنسيات المختلفة، وأيضاً منع التزاحم والتدافع، لافتاً إلى أنهم يتلقون العديد من الدورات التي تقيمها الجمعيات الخيرية، موضحاً أن أعضاء الفريق يعودون وقد اكتسبوا خبرات جديدة عن العام الذي قبله، مؤكداً على أن الحج تدريب وتهذيب.
مشاركة :