يبدو أن سودان ما بعد أحداث ساحة الاعتصام لن يكون كما كان قبله تماما، إذ إن المشهد خلال الـ48 ساعة الماضية ينبئ بتطورات ربما لا نبالغ إذا قلنا إنها ستكون «دراماتيكية» وأكثر تعقيدا، والدخول في مرحلة جديدة من التصعيد وتبادل الاتهامات بين الفرقاء. ويتخوف المراقبون من أن يكون السودان مقبلا على نوع من الفوضى لن يكون في صالح أحد، خصوصا بعدما ألغى المجلس العسكري ما تم التوصل إليه خلال مفاوضات الفترة الماضية مع قوى الاحتجاج بشأن إدارة الفترة الانتقالية وتسلم المدنيين الحكم. ويرى هؤلاء أن عدم الثقة بين تحالف المعارضة والمجلس الانتقالي الحاكم، وعدم وجود رؤية مشتركة لإدارة البلاد خلال مرحلة ما بعد «اقتلاع» البشير ساهما في دفع الأمور إلى حافة الهاوية، لاسيما مع دعوة المعارضة إلى عصيان شامل من شأنه شل البلاد بالكامل، لكن أكثر ما يقلق الجميع هو الدخول في مرحلة المواجهة بين الفرقاء وهو ما لا يتمناه أحد، خصوصا أن السودان لم تندمل جراحه بعد من الحروب الداخلية التي أكلت اليابس والأخضر. لكن الأمل لا يزال قائما في أن يعود السياسيون والعسكريون إلى صوت العقل والحكمة، وأن يتدخل الوسطاء لإقناع الطرفين بأنه لا بديل عن الحوار ومعاودة المفاوضات والتوصل إلى تفاهمات مرضية لجميع الأطراف حفاظا على السودان أرضا وشعبا وتاريخا.