العيد قديماً.. ترابط مجتمعي وأهازيج شعبية

  • 6/5/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

ما أن يحل العيد، حتى ينطلق الصبية في أزقة الفرجان مبشرين ومعلنين لأهالي الفريج رؤية هلال العيد، حيث تنتشي القلوب فرحا، وتبتهج البيوت لاستقبال هذه المناسبة السعيدة، بارتدائها حلة العيد، فتتزين بالجديد وتتطيب برائحة العود والبخور، فتبدو البيوت في حالة استنفار بتحضيرات استقبال هذا الضيف العزيز، في مظهر جميل عاشه الآباء والأجداد قديما، وقلما نشاهده في الوقت الحاضر. الهريس واللقيمات تشير الباحثة مريم راشد قائلة: تلعب النسوة دورا بارزا في الاستعداد للعيد، حيث تقع عليهن مسؤولية تجهيز ملابس العيد وحياكتها أو إعطاء القماش لإحدى النسوة المشهود لهن بمهارة الحياكة، وعادة ما تجهز الحبوب منها حب الجريش وطحن الأرز، ويتم تنظيفها لعمل بعض الأطباق الشعبية كالهريس أو العرسية وبعض الحلويات التقليدية كاللقيمات والخنفروش والبثيث والخبيص، فيما تحمس القهوة وتحفظ، ويجهز المنزل في ليلة العيد بالطيب والبخور. وتتابع مريم قائلة: ربما من المظاهر الجميلة التي كانت تتواجد في الماضي لحظة الإعلان عن العيد، حيث يدوي صوت المدفع فسرعان ما يدب الفرح والرهبة في نفوس الصغار فكانت البيوت قريبة مما كان إيقاعه قويا ومرعبا، لكن سرعان ما يتحول هذا الشعور في قلوب الأهالي إلى الفرحة والسعادة والبهجة بقدوم العيد، الذي يطوق الفرجان القديمة بالألفة والود والمحبة، ليبدأ الأهالي في ممارسة طقوس العيد، بهمة عالية، حيث يتحول الفريج إلى خلية لا تهدأ بتقديم التهاني والتبريكات. وتكتمل فرحتنا وبهجتنا بالعيد ونحن أطفال عند مرافقة الأهل إلى محطة الترفيه والمتعة تحت ظلال شجرة الرولة، التي لها ذكريات جميلة لا تنسى، فلا تكتمل بهجة العيد إلا بتلك المحطة التي يقصدها الناس من كل حدب وصوب، حيث المتعة بكل أنواع الترفيه تحتها، من المراجيح، والمسابقات، والعروض الترفيهية الحية، والأهازيج والرقصات الشعبية، كما يباع تحتها بعض الحلويات والمكسرات وتستمر هذه الاحتفالية طوال أيام العيد. «فوالة العيد» وبالرغم من بساطة الاحتفالات قديما، بحسب مريم راشد، إلا أنها تحمل الكثير من المعاني والقيم الإنسانية الجميلة، من ناحية تقارب القلوب والتراحم الذي كان يطوق أهالي الفريج الواحد، وهذه الروح والمشاعر قلما نجدها في حياتنا المعاصرة، فدائما ما كان يحمل العيد في الماضي لذة فريدة وبساطة متناهية، تبهج الكبير والصغير. وتؤكد مريم: لم تغب ذكريات العيد التي كان يملؤها الترابط والتكاتف المجتمعي بين أهالي وأبناء الفريج، فما يعلمه الجار من خبر مفرح، ينقله لجاره حتى يشاركه الفرحة، وكان الرجال يجتمعون في مجلس خاص بهم، لتبادل التهاني، في حين كان مجلس النسوة يستعد لتجهيز «فوالة العيد» المكونة من الأطباق الشعبية البسيطة، كالهريس والخبيص والفواكه ومنها البرتقال والتفاح، بالإضافة إلى الفواكه المعلبة التي عادة ما تكون حاضرة على سفرة الضيافة، لتبقى هذه الذكريات في وجدان كل من عاصر تلك الحقبة الزمنية الجميلة.

مشاركة :