«إسكندرية الصبية، جنية امبارح، عروسة بحرها المالح، يا بنت بحرى يا ساكنة فى قلبى وعنيه».. هكذا يتغزل عشاق الإسكندرية فى بحرها ومبانيها التراثية وجوها البديع، والتى يقصدونها بشغف آتين من أرجاء مصر وخارجها، ولعل منطقة «بحري» من أجمل المناطق السياحية بها، التى تضم قلعة قايتباي، وتُعتبر القلعة واحدة من أكبر القلاع المصريّة، التى ظلت إلى اليوم آثرا للعهد المملوكي، وكانت أحد أهم الوسائل الدفاعية آنذاك، وتتميز بكونها تطل على ساحل البحر، فيقصدها المواطنون للتمتع بأجواء العيد ونسيمه.وعلى بعد أمتار من قلعة «قايتباي» تجد عوامل جذب للسياح، أبرز ما يميزها بساطتها وتكلفتها الزهيدة، فتجد شبابا يجلبون رزقهم، بعوامل بسيطة تسعد السياح، أبرزها الخيول، الرمال الملونة، وبائعى الأصداف والهدايا الفرعونية، كل هؤلاء تجدهم بالقرب من ساحل البحر، يتواجدون بكثرة فى موسم الصيف، إلى جانب رسامة الحنة التى توثق للفتيات رحلتهن بجوار القلعة بنقشة. «الرزق فى الحنة».. هكذا تقول ياسمين التى تخرج فى العاشرة صباحا، قاصدة مكانها إلى جوار البحر، تجلس مستظلة بشمسيتها من لهيب أشعة الشمس، تجلب رزقها بنقش الحنة، على بشرة الفتيات، مقابل عشرة جنيهات، وتزداد التكلفة بزيادة حجم الرسمة، هى «ياسمين عاطف»، ٢٤ سنة، فتاة إسكندرانية، آثرت «نقش الحنة» على عملها كمعلمة بإحدى المدارس الخاصة.تقول: بعدما تزوجت وجدت مهنتى مجهودا بدون مقابل مادي، فقررت أستغل موهبتى اللى دعمتها بدراستى للفنون التطبيقية، فتمكنت من الرسم بأشكال مختلفة، تعجب الفتيات، فيقبلن عليها بشكل ملحوظ، وممكن أرسم بحر وشمس، وكل الرسومات اللى بتحبها البنات، والرسمة آخرها ٢٠ جنيها، تجلب لى دخل كويس آخر الشهر، بساعد به زوجى وأكفى احتياجات البيت، وأرجع آخر النهار قبل ما يرجع من شغله لأمارس أعمال المنزل، لأستعد فى اليوم التالى للنزول إلى جوار البحر، لأن الصيف موسم السنة». أما عن «الرمل الملون» فيأتى «محمود عابد» شاب ثلاثيني، برماله الملونة خارج أسوار قلعة قايتباي، فتجده يشكل الزجاجات بالرمال الملونة مكتوبا داخلها أسماء الزبائن بالصمغ متخذة شكل الرمال.يقول «محمود»: بقالى ٢٠ سنة فى الشغلانة دي، اتعلمتها من أخويا الكبير، ولأنه كان عايش فى الأردن، كانت مشهورة هناك ولها زباينها، بعمل الزجاجة بـ٣٠ جنيها، والزبون بيدفع فيها لأنه مقدر قيمتها، وأعتبرها فنًا وعلشان كدا مش أى حد يعملها، وبعمل كل خطواتها، من أول تجهيز الرمل وصبغه بالألوان الفوسفورية، وتعبئته التى تحتاج فنا، ويتابع: بشتغل هنا بقالى ٢٠ سنة، والشغل بيزيد فى الصيف، وعلينا إقبال كبير، وأكثر الزبائن من العرب والأوروبيين».وعن الأصداف والهدايا الفرعونية، فيتقنها مسعود فتحى ٣٣ سنة، الذى جاء من الصعيد، يحمل فى قسمات وجهه ملامح النوبيين، تخرج من جامعة الأزهر بالقاهرة، لم يرق له العمل بشهادته، فقرر بيع التحف الفرعونية والهدايا وكذا الأصداف، خاصة أن لديه خبرة كبيرة فى التجارة بجوار البحر، منذ كان عمره ١١ عاما، فأقام فى الإسكندرية، لبيع منتجات خان الخليلي، التحف الفرعونية والأصداف.يقول: السياح الغرب الأكثر إقبالا، والروسيون تحديدًا، الذين يتهافتون على التحف الفرعونية، كما أن المصريين يفضلون شراء الإكسسوارات المشغولة من قواقع البحر، ويرى أن عمله موسميا، لذا يكثف جهده وساعات عمله خلاله، لجلب الرزق قدر المستطاع، كما أقبل زوار القلعة على شراء منتجات المحميات البحرية، من الهياكل ومنتجات الأسماك البحرية المحنطة «المجففة»، والمحرم اصطحابها خارج مصر من قبل السياح».بينما يتسابق الشباب بجوار ساحل البحر خارج أسوار القلعة، فى عرض خيولهم المسنة، على زوار البحر والقلعة، بخمسة جنيهات لـ«اللفة»، يقول «إبراهيم فتحي» أحد أقدم أصحاب الخيول، والذى غادر بلدته بصعيد مصر منذ كان طفلا ابن ٦ سنوات مع والده إلى الإسكندرية، لم يجد سوى عمل والده الذى احترفه فى طفولته، وهو التجول بالخيل، والأكثر إقبالا على امتطاء الخيول هم الأطفال الصغار وكذا الشباب، اللى بيقدروا يشوفوا القلعة والبحر كويس، والأجر على قد وقت اللفة.
مشاركة :