البيان الختامي للقمة الإسلامية في مكة المكرمة وثيقة تاريخية لا بد من الاحتفاظ بها لما لها من مدلولات تاريخية في المنطقة العربية والإسلامية، ففي هذه القمة تم عزل الشياطين تماما عن المشهد الإسلامي، فكانت إيران الخطر الأول بعيدة عن الحضور الإسلامي.ليس هذا فحسب، بل شكل الانسحاب القطري حسبما تداول البعض ظاهرة جديدة لكنها على ما يبدو مسار إستراتيجي وصفة من صفات السياسة القطرية على المستوى العربي والإسلامي. وقد حدث ذلك في القمة العربية في تونس الشهر الماضي، وتكرر قبل ذلك من خلال دفاع المندوب القطري عن إيران أمام الجامعة العربية ووصفها بـ«الشريفة»، وهذه المرة الأولى التي تشهد فيها الحالة العربية اصطفافات من هذا النوع.وهناك أمر آخر؛ أن هذه القمة وجهت رسالة حادة وقاسية إلى نظام الملالي الذي لا يزال يتذاكى على العالم، وتفيد هذه الرسالة أن الحزم والصرامة هما الحل الوحيد أمام التحايل الإيراني، وقد تبين حجم الانبطاح الإيراني ومحوره حين تحركت الولايات المتحدة الأمريكية.القمة الإسلامية شكلت فرزا واضحا وحقيقيا لوضع العالم الإسلامي، وكما يقال رب ضارة نافعة، ففي الوقت الذي انسحب فيه ممثل قطر من أكبر تجمع إسلامي فيما اعترضت بغداد على إدانة السياسة الإيرانية العدوانية في المنطقة، انضمت بقية الدول إلى البيان الختامي الذي حمل طهران مسؤولية عدم استقرار المنطقة، وهذه معرفة جديدة للمعسكرات السياسية في المنطقة التي تقودها إيران وتوزع الأدوار حسب الطلب.بكل تأكيد خرجت القمة الإسلامية بشكل لائق، وكذبت هذه القمة كل الادعاءات حول التغير في الأجندة السعودية، خصوصا في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، التي لا يمكن لأحد أن يزايد السعودية عليها.ما خرجت به القمة الإسلامية في مكة المكرمة يكفي لإسكات كل الأبواق التي حاولت تحريف المسار العربي والإسلامي في العامين الماضيين، ويكفي أيضا لإسكات مجموعة طويلة عريضة جعلت من المملكة العربية السعودية هدفا بلا أسباب سوى أنها تابعة لأجندات بعيدة عن مصالح العرب والمسلمين.كان البعض يترقب فرصة الانقضاض على القمة الإسلامية من أجل النيل من السعودية، إلا أن البيان الختامي بين حجم الحرص السعودي على المنظومة الإسلامية، خصوصا أن القضية المركزية لا تزال على الأجندة العربية والإسلامية رغم تنامي التهديدات والمخاطر الإيرانية على هذه القضية نفسها، إلا أن فلسطين التي كانت ولا تزال في الصدارة.انتهت القمة ورسمت مسارا جديدا قديما قائما على أمن واستقرار المنطقة وعدم المساومة على القضايا التاريخية. السعودية هي حامل لواء قضايا الأمة العربية والإسلامية ولا يمكن النيل منها بأساليب البلطجة السياسية.
مشاركة :