ممارسة الرياضة ضرورية لجميع مراحل العمر

  • 6/6/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

قال النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: (اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل). تعوذ النبي (ص) في دعائه من العجز والكسل وكلاهما داء وبيل ومرض قاتل للحياة الروحية والاجتماعية، فإذا كان العجز عدم قدرة المرء على فعل الشيء لأنه قد لا يملك أدواته ومن ثم فإنه لا يلام عليه ولا يذم، فإن الكسل آفة قلبية معقدة وعائق نفسي شديد يوهن الهمة ويضعف العزيمة ويقتل الإرادة ويقود إلى الفتور، وإنه بذلك يظهر لمن حوله أنه ضعيف وحياته راكنة إلى الراحة والدعة والخمول. (رواه مسلم). ولهذا يدعو نبينا محمد (ص) إلى القوة في حديثه الشريف: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير). ويذكر العلماء المسلمون أن في عهد الإسلام اهتم المسلمون بالنواحي الصحية والبدنية بناء على تعاليم الدين وأحكامه وأحاديث الرسول (ص)، وقد دعت الحروب والمعارك وقلة عدد المسلمين في فجر الإسلام الاهتمام بالإعداد البدني للياقة الحربية كما جاء تحديد بعض الفعاليات الرياضية التي تعنى بتربية الجسد وتهيئته لعمليات الكر والفر، بالإضافة إلى القول المؤثر (علموا أبناءكم السباحة والرماية وركوب الخيل). وذكر التاريخ أن ممارسة الرياضة ليست حديثة بل قديمة قدم الإنسان، فقد كانت هذه الأنشطة في نظام أعمالهم اليومية وأن قسوة الحياة والبيئة الطبيعية تجبر الإنسان البدائي على أن يمتاز بالقوة البدنية للحفاظ على مقدرته لتنمية جسم يوفر له إمكانية تحمل شدة العراء والأعباء الملقاة عليه، ثم التصدي للأعداء المحيطين به، والقيام بتوفير غذائه من خلال حملات الصيد. وكانت التربية عملية يتولاها الوالدان، وعلى الطفل أن يقلد والده في رمي الحربة وتعلم بعض النشاطات البدنية التي تؤهله لمقاومة ظروف الحياة وصعوبتها وعلى الرغم من هذا كانت الطبيعة هي المدرسة الوحيدة لتربية المجتمع الأول، وكل مجتمع له ظروفه الخاصة من الأحداث التاريخية لمفهوم الرياضة. ويشير المؤرخون إلى أن التربية البدنية عند الإغريق كانت جزءا حيويا من نظام التربية الإغريقية والتي تهدف إلى تنمية قوى الفرد من جميع النواحي لكي يصبح الفرد مواطنا مستعدا لخدمة أمته، ومن هنا كانت التربية البدنية الإغريقية عاملا مهما في لياقة الشعب وحيويته، كما كانت النساء أيضا مطالبات بأن يكن في لياقة بدنية مناسبة، فكان المعتقد أن الأم التي تمتلك صحة جيدة تلد أطفالا أصحاء أقوياء مما يعمل بدوره على تقوية الدولة. ولقد قال أفلاطون الفيلسوف الإغريقي وأحد أبطال الألعاب الأولمبية القديمة: (الرياضة توصل المرء إلى دور الكمال الأدبي)، وكذلك أوصى أفلاطون بوضع الرجل الصالح في مكانه الصحيح فلا يتولى الحكم الحمقى من غير ذوي الاستعداد للحياة العقلية والبدنية. ومن هذا يتضح لنا أن أفلاطون أعطى اهتماما كبيرا لقائد الدولة الذي يجب أن يمتاز بلياقة بدنية ممتازة كي يتمكنوا من إدارة البلاد بحيوية ونشاط وكما قال إن الدولة قد سارت قبل كل شيء في العناية بالطفولة لأن مستقبل الأمة يقوم على أكتاف الطفل القوي الذي ينشأ نشأة صحيحة من كل وجه. أما الآن فلو نظرنا إلى عصرنا الحاضر الذي شاهد تطورا علميا وتكنولوجيا بصورة لم تعرفها البشرية في تاريخها من قبل وقد ساهمت الرياضة مساهمة فعالة في هذا التطور العلمي والتكنولوجي. ومن جانب آخر فإن التطور والتكنولوجيا الذي سهل حياة الإنسان بأحدث الابتكارات والاختراعات التي تسرع عمل الإنسان، وتخدم حاجاته اليومية كالسيارة والمصعد الكهربائي والكمبيوتر والريموت وغيرها من الوسائل التي تمنع الإنسان من الحركة وبذل المجهود أثر سلبا على صحته ولياقته ونفسيته أحيانا. فالرياضة باتت حاجة ملحة في يومنا هذا نظرًا إلى تغيير نمط وسلوك الحياة. ولقد أثبتت البحوث والدراسات التي أقيمت في مجال أهمية الرياضة أن مزاولة التمارين الرياضية بانتظام وبحسب العمر والقدرة فإنها تقضي على الخمول والكسل وتعود الجسم على النشاط والحركة. فعلى الإنسان ألا يتقاعس عن ممارسة الرياضة وأن التوقف عنها هو أسوأ شيء يمكن القيام به للتأثير سلبا على الصحة، ومن الأفضل أن يبدأ بها منذ الولادة وتكون مستمرة أي من المهد إلى اللحد. فالأطباء ينصحون المرأة الحامل بممارسة بعض التمارين الخفيفة المناسبة خلال فترة الحمل لأنها تحافظ على لياقة الجسم وتساعدها على تسهيل عملية الولادة، كما أنها بحاجة إلى ذلك في فترة النفاس أي ما بعد الولادة لتستعيد نشاطها وقوتها. فالتمارين الرياضية والحركات البدنية مهمة لجميع الأعمار من دون تمييز، تشمل الأطفال حتى الرضع منهم، فالطفل الحديث الولادة يحتاج للمزيد من الرعاية والاهتمام لسلامة وصحة نموه، فبإمكان الأم أن تبدأ معه من الأشهر الأولى من حياته بحركات بسيطة وبشكل منتظم عوضا عن بقائه في حضنها أو الاستلقاء في سريره طوال اليوم، على أن تكون بتوجيهات من الطبيب المشرف على حالة الطفل الصحية. فهناك العديد من الألعاب والحركات التي تناسب جسم الطفل لتقوية عضلاته. ويقول علماء النفس والاجتماع إن النشاط الرياضي يعتبر عاملا إيجابيا في اكتساب الطفل خبرات اجتماعية ونفسية وذهنية كثيرة، ولهذا وجب على الوالدين تنمية روح حب الرياضة لدى الطفل منذ الصغر والاهتمام به وتشجيعه، وكلما كبر الطفل تكبر معه هذه الموهبة العظيمة حتى تصبح الرياضة له عادة وروتينا يوميا وأسلوبا في نمط حياته، وبالممارسة والمتابعة المنظمة تخلق لديه مهارة الإبداع وتجعله متمرسا ومتمكنا في شبابه وقد يصبح محترفا رياضيا يفيد نفسه ويفيد المجتمع. والإنسان كلما كبر وتقدم في العمر أصبح جسمه ضعيفا، فإذا كان من هؤلاء الذين يمارسون الرياضة منذ الصغر ويحافظون على صحتهم ويتابعون إلى جانب الرياضة نظاما غذائيا صحيا يكون مستمتعا بصحة جيدة وعليه مواصلة ذلك حتى يحافظ على الشيخوخة الصحية ويستمتع بحياة هنيئة سعيدة. وحتى هؤلاء الذين لم يعتادوا على ممارسة الرياضة في وقت سابق عليهم البدء بها واكتساب فوائدها على أن تكون تحت إشراف أحد خبراء التربية البدنية ليضع لهم برنامجا تدريبيا يتناسب مع حالتهم الصحية. إن مزاولة التمارين الرياضية والتدريب عليها والتفوق فيها ليس مقصورة على الرجال، فالرياضة حق من حقوق المرأة كحقها في التعليم والقضايا المهمة التي تخدم المجتمع، فالمرأة هي الأم وهي مربية الأجيال الصاعدة ولقد قال عنها الشاعر الكبير حافظ إبراهيم في قصيدة تسمى العلم والأخلاق (الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق)، فالشاعر ربط بناء الشعب بإعداد الأم إعدادا سليما وتنشئة صحيحة. وبما أن غالبية النساء لا يدركن أهمية الرياضة وأنهن بحاجة إلى نشر الوعي الرياضي وإتاحة الفرصة للانضمام إلى مجال الرياضة، وتوفير دورات خاصة للبنات لإعداد مدربات لياقة بدنية داخل الصالات الرياضية وأن تتضمن هذه الدورات أساسيات اللياقة البدنية والتعريف بها وكيفية إقامة حصة. وكما نعلم أن الاتحاد الرياضي العالمي ومقره واشنطن يعلن وبالتعاون مع فرعه الإقليمي في الشرق الأوسط تنظيم دورة إعداد مدربات في مختلف أنواع الرياضة وتدريب داخل الصالات الرياضية الاحترافية في البحرين والدورة تعتمد على التدريب العالي الشدة واستخدام ثقل الجسم بناء على سرعة الموسيقى حيث تصبح المدربة قادرة على تدريب حصص عديدة بين التمارين الهوائية والتمارين الأرضية وقيادة مجموعات رياضية في النوادي والمدارس والجامعات بشهادات الدورة الصادرة من الاتحاد في واشنطن ومعترف بها عالميا، والدورة تكون بإشراف الماستر نرمين قطناني والماستر فاطمة البورشيد. وأنا شخصيا إحدى المنضمات إلى هذه الدورة واستفدت منها كثيرا، حقا إنها دورات عظيمة وسوف تستفيد كل امرأة وتحصل على شهادات معترف بها عالميا عند التحاقها بهذه الدورات. إن ممارسة النشاط البدني باتت من المتطلبات الأساسية التي تعين الإنسان على الحفاظ على صحته ولسعادته وإسعاد من حوله، وكشفت الدراسات الطبية الحديثة أن ممارسة التدريبات الرياضية في الصغر تفيد الصحة في الكبر كما تظهر أهميتها في الوقاية من بعض الأمراض كأمراض المفاصل وهشاشة العظام وتقوية عضلات الجسم والتقليل من احتمال الإصابة بأمراض القلب والسكري وارتفاع ضغط الدم والكثير من الأمراض الأخرى. ولهذا وانطلاقا من القول المأثور (العقل السليم في الجسم السليم) أمنيتنا هي توسيع قاعدة الممارسين للرياضة رجالا ونساء باعتبارها نشاطا صحيا حتى يصبح مجتمعنا ممارسا للأنشطة الرياضية والبدنية وهذه مسؤولية الدولة في أي مجتمع سكاني.

مشاركة :