تساهم 10 تطبيقات رئيسة للذكاء الاصطناعي في تخفيض تكلفة مشاريع البنية التحتية العملاقة بنسب تصل إلى 50%، والتي تعكف أبوظبي على تنفيذها خلال السنوات الخمس المقبلة، بهدف تحويل الإمارة إلى نموذج المدينة الذكية، بالتعاون مع شركات التكنولوجيا العالمية والمكاتب الاستشارية وشركات القطاع الخاص والمقاولات، بحسب لؤي دهمش، رئيس شركة «أوتودسك» الشرق الأوسط. وقال دهمش «إن تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مشروع زايد للمدينة الذكية تتضمن أنظمة متطورة للتحكم في الإضاءة، وصرف مياه الأمطار، وإيجاد مواقف السيارات عبر التطبيقات الذكية»، فضلاً عن تنفيذ ألعاب ذكية في الحدائق والمتنزهات وإدارة شبكات الري والإنارة والصرف فيها عن بعد وبطريقة تلقائية، وكذلك تنفيذ مماشٍ ذكية لرصد إجمالي الخطوات، وأعداد المستخدمين. وأوضح دهمش أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي ونمذجة معلومات المباني ستساهم في تخفيض تكاليف البنية التحتية في المشاريع الجديدة، بنسب تتراوح ما بين 30 و 50%، مؤكداً أن التطبيقات بدأ تنفيذها بالفعل في عدد من المشاريع والمعالم الكبرى في مدينة أبوظبي، ومنها متحف اللوفر أبوظبي وأبراج البحر وقاعة «ياس أرينا»، ومشروع «زايد للمدينة الذكية». وفي سياق متصل، أكدت بلدية أبوظبي مؤخراً أنها تعمل في الوقت الراهن على إعداد مخطط شامل لتحويل مدن إمارة أبوظبي إلى نموذج المدينة الذكية، بالتعاون مع شركات التكنولوجيا العالمية والمكاتب الاستشارية والمقاولين وشركات القطاع الخاص، ليبدأ تنفيذ المخطط، اعتباراً من بداية عام 2020. وبدأت دراسة المخطط الشامل من خلال إعداد قاعدة بيانات شاملة عن المباني والطرق والبنية التحتية بالمدينة، فضلاً عن التعرف إلى التكنولوجيات المتطورة المستخدمة في تحويل المدن إلى مدن ذكية، عبر مواصفات المباني والخرائط وشبكات الطرق ثلاثية الأبعاد المخزن بقاعدة البيانات التابعة لبلدية مدينة أبوظبي. وتعكف بلدية أبوظبي على إطلاق عدد من المبادرات التي تستهدف نمذجة معلومات المباني، وتشمل هذه المبادرات إطلاق نظامي BIM e-Submission وBIM e-review الإلكترونيين، وتمثل هاتان المبادرتان جزءًا من مشروع «زايد للمدينة الذكية»، الذي يطبق خلال السنوات الخمس المقبلة، ليشمل مدينة أبوظبي كاملة في 2022. ومن أهم المشاريع الذكية، المقامة في مدينة أبوظبي، «متحف اللوفر أبوظبي» حيث تم استخدام سحابة «نظام 360» لنمذجة معلومات المباني، وهي عبارة عن تقنية تقوم بعمل نموذج للمعلومات ثنائية الأبعاد بشكلٍ ثلاثي الأبعاد في جميع العمليات المتعلقة بالإنشاءات والعمارة وإدارة التصميم والإنشاء في الفضاء الافتراضي. وبفضل إمكانية التحقق من المعايير التفصيلية وتصحيحها في وقتٍ مبكر وتنفيذ الإنشاء الفعلي، يمكن لهذه التقنية التخلص من الأخطاء والحوادث في موقع الإنشاءات مقدماً، ما يوفر كميات هائلة من الهدر في الأموال والوقت. وساهمت تلك التطبيقات الذكية في إنجاز بناء متحف اللوفر في أبوظبي من دون حدوث أي تأخير وتكبد تكاليف إضافية ضخمة، حيث أتاحت سحابة «نظام 360 لنمذجة معلومات المباني» لأكثر من ألف متخصص وخبير عالمي المساهمة في تنفيذ المشروع عن بُعد، فتمكنوا باستخدام ذلك النظام من دمج الأجزاء التي تخص كل فريق منهم والتعاون مع الفرق الأخرى في الوقت اللحظي، ما وفر في المحصلة الوقت والتكلفة. كما مكنت هذه التقنية في تقوية بنية القبة لكي تحمل وزن 7500 طن مع تطبيق مجموعة قواعد واضحة مرتبطة بقدرات بعض البرامج المتقدمة. وهكذا فإن مشروع اللوفر، من ناحية التصميم والإنشاء والإنتاج والتجميع، معقد وصعب جدًا، إلا أن الوظائف ثلاثية الأبعاد للأدوات البرمجية والبرمجيات الشاملة التي قدمتها هذه القنية، أتاحت للمهندسين تصميم الأسطح والقضبان والعقد والروابط بكفاءة عالية وسهولة ملحوظة. وأما مشروع «أبراج البحر» الذي يتكون من مبنيين حديثين في مدينة أبوظبي، واللذين يقدمان نموذجاً ممتازاً عن كيفية استفادة المباني من أحدث جيل من حساسات الحرارة، حيث بنيت الواجهة الخارجية للبرجين التوأمين من الزجاج، وغطي السطح الخارجي بهيكل واقٍ من المظلات، ويتحكم بهذه الواجهة برنامج يتلقى قياسات أشعة الشمس آنياً، فيفتح المظلات أو يغلقها وفقًا لشدة أشعة الشمس. كما تستشعر الحساسات أيضاً سرعة الرياح ومستويات الإشعاع الشمسي، لضبط الواجهة في حالات الرياح الشديدة أو ظروف الأجواء الغائمة الطويلة. وصُممت الواجهات في مشروع «أبراج البحر» لخفض ارتفاع الحرارة الداخلية بنسبة 50%، مقارنة بالمباني المماثلة لها في الحجم في الشرق الأوسط، وأظهرت الدراسات الأولية أن ذلك يحقق وفورات في تكاليف الطاقة اللازمة لتبريد الأبراج. وأما قاعة «ياس أرينا»، وهي الصالة الداخلية، فالأولى من نوعها في أبوظبي التي تتسع لنحو 18000 متفرج ومصممة لاستضافة الأحداث الخاصة والأحداث العامة الكبيرة، مثل المسابقات الرياضية وفعاليات الشركات والمؤتمرات والعروض الثقافية والحفلات الموسيقية، وغيرها من الأنشطة. وتمثل الصالة عنصراً مهماً من منشآت الواجهة البحرية لخليج ياس التي تمثل جزءاً من مساحة متعددة الاستخدامات، تبلغ مساحتها 14 مليون قدم مربعة، يجري تطويرها في الطرف الجنوبي من جزيرة ياس. التطبيقات الذكية تعزز الأعمال التجارية قال لؤي دهمش رئيس «أوتودسك» الشرق الأوسط: «إن تطبيقات الذكاء الاصطناعي تعمل على تعزيز الأعمال التجارية في المنطقة بأساليب عديدة في مسارها الطبيعي والتطوري»، مؤكداً أن مستقبل الذكاء الاصطناعي في مجال التصنيع والبناء بدأ يأخذ مكانته المناسبة للتوّ مع تطور التكنولوجيا وانخفاض التكاليف. ويعد تبسيط العمليات التجارية، وخفض تكاليف العمالة، وتوفير بيئة عمل أكثر أماناً، والتنبؤ بنتائج سلسلة التوريد بكفاءة أكبر، جميعها تعد من الطرق التي تساهم بفعالية في تطور الأعمال التجارية في المنطقة. وأشار دهمش إلى أن الشركة قدمت الدعم اللازم لعملية التخطيط الطموح لعمليات إنشاء قاعة «ياس أرينا» من خلال تطبيق نظم سير العمل، الهادفة إلى تقديم الحلول، والتي تستطيع إبراز المشكلات الميدانية وإدارتها، واكتشاف الأسباب الجذرية لها أيضاً من خلال التقنيات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي. ووفقاً لتقرير حديث نشرته شركة «برايس ووترهاوس كوبرز» حول نمو انتشار الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط، وجد أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساهم بضخ 320 مليار دولار في اقتصاد الشرق الأوسط بحلول عام 2030، ما يعادل 11% من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة، ومن المرجح أن تشهد دولة الإمارات العربية المتحدة أكبر المكاسب في الناتج المحلي الإجمالي، بمعدّل 13.6% بحلول عام 2030.
مشاركة :