حذّر "صندوق النقد الدولي" الأربعاء، من أن الاقتصاد العالمي لا يزال أمام "منعطف دقيق" بسبب تصاعد التوتر التجاري بين الولايات المتحدة وشركائها، داعياً دول مجموعة العشرين إلى الإبقاء على معدلات فائدة متدنية لدعم اقتصاداتها. وكتبت المديرة العامة للصندوق كريستين لاجارد في مدونة إلكترونية نشرت قبل انعقاد الاجتماع المالي لمجموعة العشرين في نهاية الأسبوع المقبل في اليابان، أن "الأولوية المطلقة هي لتسوية التوترات التجارية مع تسريع عملية تحديث النظام التجاري الدولي". واستأنفت واشنطن وبكين أخيراً، معركة الرسوم الجمركية المتبادلة بينهما بعدما انتهت المحادثات التجارية في الولايات المتحدة بدون اتفاق، مع اتهام الجانب الأميركي المفاوضين الصينيين بالتنصل من التزامات سابقة. ورفعت الولايات المتحدة في 10 مايو إلى 25% الرسوم الجمركية على 200 مليار دولار من البضائع الصينية المستوردة، فردت بكين في الأول من يونيو بزيادة الرسوم الجمركية على سلع أميركية بقيمة 60 مليار دولار. وترافق هذا التصعيد مع تهديد واشنطن بزيادة الرسوم الجمركية على 300 مليار دولار من البضائع الصينية الإضافية، ما يعني أن الرسوم الجمركية المشددة ستطال جميع الواردات من هذا البلد. كما أن البيت الأبيض قد يفرض اعتباراً من الإثنين رسوماً جمركية على جميع الواردات من المكسيك، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق لوقف تدفق المهاجرين غير القانونيين الوافدين إلى الولايات المتحدة عبر الحدود المكسيكية. ورأت لاجارد أن "كل شيء يدلّ على أن الولايات المتحدة والصين والاقتصاد العالمي هي الخاسرة جراء التوترات التجارية الحالية". وقدر صندوق النقد الدولي أن الرسوم الجمركية المشددة التي فرضت أخيراً قد تقتطع من إجمالي الناتج الداخلي العالمي 0.3 نقطة مئوية إضافية، نصفها بسبب تراجع ثقة الشركات وقلق الأسواق التجارية. وكان لفت في وقت سابق إلى أن الرسوم الجمركية المشددة التي تبادلتها واشنطن وبكين في الماضي بما فيها الرسوم المفروضة منذ العام الماضي، قد تقلص إجمالي الناتج الداخلي العالمي بنسبة 0.5 بالمئة عام 2020. وكتبت لاغارد أن "هذا يمثل خسائر بحوالى 455 مليار دولار أميركي، ما يتخطى حجم اقتصاد جنوب إفريقيا". ويتفق خبراء الاقتصاد على أن التدابير الحمائية لا تضر بالنمو والوظائف فحسب، بل تؤدي أيضاً إلى ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية، ما يؤثر بصورة خاصة على الأسر المتدنية الدخل. ودعت لاغارد القوتين الاقتصاديتين الأوليين في العالم إلى إزالة هذا "الأذى الذاتي" الذي ألحقتاه بنفسيهما بأسرع ما يمكن. وحضت دول مجموعة العشرين على التوصل إلى تسوية حول سبل تعزيز قواعد منظمة التجارة العالمية، وخصوصاً تلك المتعلقة بالدعم الحكومي والملكية الفكرية وتجارة الخدمات. وأوضحت أن "الهدف هو إنشاء نظام تجاري أكثر انفتاحاً واستقراراً وشفافية، نظام مسلح بشكل أفضل للاستجابة لحاجات اقتصادات القرن الواحد والعشرين". وفي الأثناء، حض الصندوق صنّاع القرار على تفادي "إي إلغاء متسرع للدعم" المقدم لاقتصادهم، في مذكرة موجهة إلى وزراء المالية وحكام المصارف المركزية الذين يجتمعون السبت والأحد في فوكووكا. وعلى صعيد عملي، طالبت المصارف المركزية بالاستمرار في سياسة الليونة "إلى أن تؤكد المعطيات الجديدة الضغوط التضخمية". كما أوصى الصندوق سلطات الدول العشرين بعدم الاكتفاء بمعدلات نمو للفرد لا تزال بمستويات متدنية عن المعدلات التاريخية في العديد من البلدان. وأضاف أنه في حال كان النمو "مخيباً للأمل بصورة خاصة، فعلى صنّاع القرار أن يبقوا على استعداد للتحرك"، داعياً إلى استخدام كل الأدوات المتوافرة لديهم، من خفض معدلات الفائدة إلى اتخاذ إجراءات غير تقليدية، مروراً بالتدابير المالية. من جهته، أعلن البنك الدولي الثلاثاء، خفض توقعاته للنمو هذه السنة إلى 2.6%، مشيراً إلى استمرار التوتر التجاري وزيادة المديونية العامة وتباطؤ بعض الاقتصادات ومنها اقتصادات منطقة اليورو. كما أعلن الصندوق الأربعاء، خفض توقعاته للنمو الاقتصادي الصيني للعامين 2019 و2020 إلى 6.3 و6.0 في المئة على التوالي على خلفية الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، على أن يصدر الخميس تقريره السنوي حول الاقتصاد الأميركي. وحذّر مساعد مدير قسم آسيا والمحيط الهادئ في صندوق النقد الدولي كينيث كانغ خلال مؤتمر صحافي في بكين بأن "الجميع سيخسر في الحرب التجارية. إن كانت المبادلات التجارية مهددة، أو إن تضررت، فإن النمو سيتأثر بذلك".
مشاركة :