كشفت الباحثة نادية طه عبد الفتاح، مفتشة آثار القاهرة التاريخية، عن أبرز مظاهر احتفالات عيد الفطر في العصر المملوكي، مشيرة إلى أن سلاطين المماليك اهتموا بعيد الفطر المبارك إهتمامًا كبيرًا، حيث كان يستعد له الناس استعدادًا فخما ويسهرون ليلة العيد حتى ساعة متأخرة من الليل في شراء وإعداد الملابس والكعك والحلويات، وتبادل التهاني بالعيد بالإضافة إلى تناول أكل السمك المجفف وهي عادة متوارثة في مصر. وأضافت لـ"صدي البلد"، ويخرجون مع الإمام يكبرون ويهللون، وهم يمسكون بأيديهم القناديل لأداء صلاة العيد في المسجد صباح أول يوم، بعدها يذهب العامة إلى المقابر أو التنزه في المراكب بالنيل، وكانت في الحالتين تحدث مفاسد كثيرة تتعارض مع مبادئ الأخلاق والدين، مما دفع حكومة المماليك إلى المناداة في شوارع القاهرة ليلة العيد بمنع الناس من الخروج لاسيما النساء من الخروج إلى القرافة وركوب المراكب بالنيل طوال فترة العيد،ويهدد من يفعل ذلك بعقوبات كثيرة اختلفت حسب حالة الجرم الذي يتم ارتكابه. وأشارت إلي أنه كانت تُحمل خُلع العيد إلى السلطان ويدخل ليلة العيد العديد من الأمراء على السلطان لتهنئته وتقبيل يديه، وفي الصباح ينزل السلطان إلى البلاط السلطاني(الحوش) وتأدية الصلاة في موكب فخم.وقالت: بعد أن يصلي السلطان صلاة العيد ويسمع الخطبة، يعود إلى الديوان ويمد السماط الفخم، وفيه أنواع عديدة من الأكل والشراب، ثم يخلع السلطان على الأمراء وأصحاب الوظائف، ويفرج عن بعض المساجين بمناسبة عيد الفطر. وتاريخيا فقد قامت دَولَةُ المَمَالِيك أواخر العصر العبَّاسي الثالث،وامتدَّت حُدُودها لاحقًا لِتشمل الشَّام والحجاز، ودام مُلكُها مُنذُ سُقُوط الدولة الأيوبيَّة سنة 648هـ المُوافقة لِسنة 1250م، حتَّى بلغت الدولة العُثمانيَّة ذُروة قُوَّتها وضمَّ السُلطان سليم الأوَّل الديار الشَّاميَّة والمصريَّة إلى دولته بعد هزيمة المماليك في معركة الريدانيَّة سنة 923هـ المُوافقة لِسنة 1517م.وقد ظهر المماليك بِمظهر مُنقذي العالم الإسلامي من الضياع والزوال،وذلك بعد سُقُوط الدولة العبَّاسيَّة علي يد المغول بِقيادة هولاكو خان،حيث سار المغول لِغزو الشَام وهدَّدوا مصر بِمصيرٍ مُشابه لِمصير بغداد كي لا تقوم لِلإسلام قائمة بعد ذلك، فأرسل سُلطانُ المماليك سيفُ الدين قُطُز جيشًا عرمرميًّا إلى فلسطين لِصدِّ التقدُّم المغولي وحماية قلب الديار الإسلاميَّة، فهزم المُسلمون المغول في معركة عين جالوت بِشمال فلسطين سنة 1260م.
مشاركة :