قام الأرشيف الوطني بتوثيق طقوس العيد وعاداته في الإمارات قديماً، جاء ذلك في إطار مهام التاريخ الشفاهي الذي لا يتوقف الخبراء والمختصون فيه عن إجراء المقابلات مع الرواة المعمرين، الذين تُعدّ ذاكرتهم مرجعاً تاريخياً وقاعدة معلومات ثرية تذخر بالأحداث التاريخية، وأساليب الحياة، ويوثق الأرشيف الوطني في مقابلات التاريخ الشفاهي الروايات الشفوية التي جاءت تكملة للوثائق التاريخية المتنوعة التي تثري ذاكرة الوطن بمآثر الآباء والأجداد، وبعادات أبناء الإمارات وتقاليدهم لتبقى زاداً للأجيال الناشئة وإثراءً للتنمية الثقافية، وتعزيزاً للهوية الوطنية. وتستحق طقوس العيد وعاداته هذا الاهتمام من الأرشيف الوطني، فقد كان يوم العيد ومازال من أهم المناسبات الدينية والاجتماعية التي تُدخلُ البهجة والسرور إلى قلوب الناس، وكانت له في الإمارات طقوس ثرية، فهو مناسبة مفرحة تقوي الروابط والتلاحم الاجتماعي. ويقول سيف عيسى المنصوري، من أبوظبي: «كان كبار السن هم من يحسبون لأيام رمضان والعيد، وإذا رأى الهلال أحد من الساكنين بعيداً فإنه يثور (يطلق الرصاص) من التفق (البندقية)، وبذلك نعرف أنهم قد رأوا الهلال، فيبدأ الصوم، وكذلك الحال في العيد». وعن اللباس، تقول الراوية: «لم يكن هناك خياطون، فقد كنا نخيط الملابس بأيدينا على ضوء الفنر (الفانوس) في الليل، ونبدأ بتفصيل الثوب قبلها بفترة تصل إلى شهر لكي يكون الثوب جاهزاً في يوم العيد». وتقول شيخة عبيد الظاهري، من العين: «كنا نفرح كثيراً بالعيد، وكنا نسعى للحصول على العيدية، ونزور بيوت الحارة، ويعطوننا العيدية روبية أو نصف روبية، وكانت لها قيمتها، وكنا نذهب إلى السوق للشراء، فنشترى الكراش والفانتا (مشروبات غازية)، واللبان الأحمر المكور». ويقول علي راشد محمد النيادي، من العين: «في عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كانت تقام حفلات العيالة في المربعة (وسط مدينة العين)». وتؤكد ذلك الراوية محبة حمد راشد الظاهري، من العين، فتقول: «كنا نستمتع بمشاهدة العيالة، وتُؤدى العيالة بالشعر والنشيد المغنى مصحوباً بقرع الطبول والدفوف». ويقول مبارك محمد بن جرش الخيلي، من العين: «في صباح العيد كل واحد يُلبِسُ أبناءه أفضل ما يتوافر لديهم، ويتجمع الرجال، ثم يبحثون عن مكان مرتفع، فيؤمهم أحد الجيران من حفظة القرآن، فيصلي بهم في الصباح الباكر، وتصلي النسوة خلف الرجال، وبعد الصلاة يهنئ كل شخص رفيقه، ويعود كل إلى بيته وهو يحمل فوالة العيد (وجبة خفيفة تقدم للضيوف)». وفي كتاب «ذاكرتهم تاريخنا»، الصادر عن الأرشيف الوطني، يتذكر سعيد أحمد ناصر بن لوتاه، من دبي، العيد فيقول: «في المناسبات الاجتماعية التي كانت تمر علينا، أذكر أن النساء كن يتحدين بعضهن عند طبخ الهريس، وهو من الأكلات الشعبية الشائعة، ومن الأكلات الرئيسة في رمضان، وفي الأعياد كنا نصنع المريحانة (الأرجوحة)، إذ نقوم بربط حبال قوية بين نخلتين قويتين كي تتحمل وزن البنات. ولتأدية صلاة العيد كانت النساء تقف خلف الرجال، ثم يتجمعن للحديث، في حين تلعب البنات على المريحانة، ويتضاحكن تعبيراً عن سعادتهن وفرحتهن بالعيد».طباعةفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :