كولفيل سور مير (فرنسا) – الوكالات: وجهت فرنسا والولايات المتحدة أمس تحية إكبار رسمية مؤثرة للباقين على الحياة من قدامى المحاربين الذين شاركوا في إنزال الحلفاء في 6 يونيو 1944 على شواطئ منطقة النورماندي بشمال فرنسا، في إطار إحياء الذكرى الـ75 لهذا الإنزال. وخاطب ماكرون هؤلاء المحاربين باللغة الإنجليزية قائلا «نحن نعرف ما نحن مدينون به لكم يا قدامى المحاربين: الحرية. باسم بلادي أريد أن أقول لكم شكرا»، وذلك قبل منحهم وسام الشرف. وصفق المكرمون المجتمعون في مقبرة أوماها بيتش الأمريكية في بلدة كولفيل-سور-مير بالنورماندي (شمال غرب). من جانبه قال ترامب «أنتم مفخرة بلادنا». وتسبب ذكره لأسماء قتلى الإنزال بانهمار دموع الباقين منهم على قيد الحياة في المنصة الرسمية. وبين هؤلاء جاك ايوالد (84 عاما) الذي نزل في أوماها بيتش وقال إنه لا يمكن أن يغيب عن هذا الاحتفال أبدا لكنه لا يرى نفسه بطلا ويقول «لم نفعل شيئا خارقا. حمينا بعضنا البعض». ولمناسبة هذه الاحتفالات التي بدأت الأربعاء في فرنسا وبريطانيا، كان ترامب وزوجته أول الواصلين إلى مقبرة كولفيل وهي أراض أمريكية في فرنسا. واستقبلا ماكرون وزوجته في هذا الموكب الرسمي الذي طغى عليه التأثر، لكن أيضا حرارة الكلمات المتبادلة بين الرئيسين. وضمن 12 ألف شخص اجتمعوا للمناسبة، كان قدامى المحاربين الأمريكيين الذين جلسوا في الصفوف الأولى من المنصة الرسمية، موضع إشادة كبيرة من الرئيسين وتصفيق الحضور وقوفا. وسطعت الشمس على أعلام فرنسية وأمريكية وضعت عند كل الأضرحة البالغ عددها 9387 في المقبرة المهيبة والتي سطرت فيها القبور بتناسق على عشب أخضر قبالة بحر تلون بدماء المقاتلين قبل 75 عاما. وقال الرئيس الأمريكي مشيرًا في خطابه إلى اسماء قدامى المحاربين الجالسين أمامه، «قبل 75 عاما بالضبط وعلى هذه السواحل وعند هذا الجرف، سكب عشرة آلاف رجل دماءهم وضحى آلاف بحياتهم لأجل إخوتهم وبلادهم ومن أجل استمرار الحرية». ومن فضائل يوم الذكرى والتكريم هذا لآلاف الضحايا الشباب أن يطغى مؤقتا على الخلافات السياسية العميقة بين الولايات المتحدة وحلفائها. وأكد ماكرون «أن عظمة أمريكا تتجلى أكثر حين تقاتل من أجل حرية الآخرين»، داعيا نظيره الأمريكي إلى «عدم التوقف أبدا عن تعزيز التحالف بين الشعوب الحرة». من جانبه أكد ترامب المعروف بتصريحاته الانفعالية أحيانا والذي تعبث مقاربته للعلاقات الدولية بالنظام المتعدد الطرف الذي يحكم العالم منذ الحرب العالمية الثانية، أن العلاقات الفرنسية الأمريكية «لا يمكن كسرها». وقبل مباحثات على انفراد تبادل الرئيسان العبارات الودية وأكد ترامب أن علاقته بماكرون «استثنائية». وفي كلمات قصيرة بالإنجليزية أكد ماكرون مجددا متانة «الروابط الفريدة» بين الجمهورية الفرنسية والمملكة المتحدة رغم بريكست. وقال «مهما حصل سنكون دائما جنبا إلى جنب لأن هذا هو مصيرنا المشترك». ولم تشر ماي البتة إلى مغادرتها القريبة لمنصبها في خطابها الذي أشادت فيه بـ«شجاعة» و«تفاني» 156 ألف رجل بينهم 83 ألفا من المملكة ودول كومنولث شاركوا في إنزال النورماندي. وكان قادة دول الحلفاء في الحرب العالمية الثانية (في غياب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين) قد أعطوا الأربعاء بحضور الملكة اليزابيث الثانية إشارة بدء الاحتفالات بالذكرى. وتبنت الدول الـ16 الحاضرة «إعلانا» من «أجل العمل على ألا تكون تضحيات الماضي أبدا بلا جدوى، وألا تنسى أبدا». وشكل إنزال النورماندي مرحلة أساسية في تحرير أوروبا من النازية. وهذا الإنزال هو الأهم في التاريخ لناحية عدد السفن المشاركة فيه إذ أنزلت 6939 سفينة 132700 جندي على شواطئ النورماندي. وقُتل نحو ثلاثة آلاف مدني من سكان النورماندي يومي 6 و7 يونيو، ما يوازي تقريبا عدد قتلى العسكريين الحلفاء في اليوم الأول من الإنزال.
مشاركة :