نبّهت دراسة سعودية متخصصة إلى السلبيات والمخاطر الاجتماعية المحتملة على الأسرة السعودية، والتي قد تنجم عن استعمال شبكات الإنترنت والتواصل الاجتماعي المختلفة، منها الطلاق والخيانة الزوجية، خاصةً في ظل انتشار برامج التواصل الاجتماعي مؤخرًا بشكل كبير؛ مما أثر على حياة الأزواج والأبناء، ومطاردة شبكات التواصل الاجتماعي لأفراد الأسرة السعودية في كل مكان، حتى في غرف النوم، ونقلها الأمراض الاجتماعية الوافدة إليهم. وتظهر الدراسة أن الإقبال على استخدام شبكات التواصل الاجتماعي يزداد داخل المجتمع السعودي بشكل خاص؛ إذ احتلت السعودية المرتبة الخامسة عربيًّا، فيما تظهر أرقام رسمية محلية أن إجمالي عدد مستخدمي الشبكة العنكبوتية في السعودية تجاوز مؤخرًا (15) مليون مستخدم. وتشير الدراسة التي أعدتها الباحثة وفاء بنت ناصر العجمي- المحاضرة في قسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- إلى أن شبكات التواصل تتسبب بالكثير من السلبيات على الأسرة السعودية، والتي من أبرزها تقليص العلاقات الاجتماعية والتسبب بحالات الطلاق والخيانة الزوجية. كما تشير نتائج الدراسة التي سيتم عرضها ضمن جلسات الملتقى السابع لجمعيات الزواج ورعاية الأسرة في المملكة، وتنظمه جمعية (وئام) في 5 إبريل المقبل في الدمام، بمشاركة خبراء وأخصائيين، أن إدمان استخدام شبكات التواصل أدى إلى سهولة الانجراف خلف الملهيات؛ مما يزيد من معدل الانحرافات الأخلاقية، وقدرة الأبناء على الإفلات من الرقابة الأسرية، فضلًا عن خطر لجوء الأبناء إلى لغة الاختصار، أو الكتابة بما يُعرف في عالم الإنترنت بلغة عربيزي التي تجمع بين الحروف اللاتينية والكتابة بالعربية، بما يؤثر على ملكات التعبير باللغة العربية؛ حيث يدعي الشباب أنه أسهل من التعبير العربي أو الإنجليزي. وتحذر الدراسة كذلك من مخاطر شيوع الفضائح من خلال كشف أسرار الآخرين، وما يترتب على ذلك من هدم البيوت، وسهولة تعلم الجريمة (نظرية المخالطة الفارقة)، فقد يراقب الوالدان التقليديان نوعية صحبة ابنهما، ولكن كيف يفعلان ذلك مع الإنترنت؛ إذ إن مراقبة الشبكات وحدها لا تكفي. كما أن من المخاطر سهولة تفشي الغيبة والنميمة كأمراض اجتماعية، وتسهيل تفشي الرذيلة والعلاقات الجنسية المحرمة، والاغترار بوجود مودة وحميمية زائفة قد يؤدي بالشخص إلى التضحية بالعلاقات الحقيقية مع الأشخاص من حوله، ويقود ذلك إلى خسارة الأسرة. وتشير الدراسة أيضًا إلى أن شبكات التواصل الاجتماعي تسهم في فك عرى الترابط بين الأبناء والآباء، فينشأ الابن في ضوء قيم اجتماعية خاصة في ضوء ما يتعرض له خلال تجواله في تلك الشبكات من قيم ذات تأثير ضاغط، بهدف إعادة تشكيله تبعًا لها بما يُعرف في مصطلح علم النفس بتأثير الجماعة المرجعية (Reference group)؛ مما يؤدي إلى محو تأثير (الأسرة) الجماعة الأولية عليه، ومما يفقده الترابط مع مجتمعه المحيط به، ويعرضه للعزلة والنفور، ومن ثم التوتر والقلق. وعلى صعيد المؤسسات الإعلامية، أوصت الدراسة بإنتاج برامج هادفة، ذات طابع تربوي أخلاقي، تعالج مشاكل الأبناء، وتطور برامج الاتصال المباشر مع الشباب؛ للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي، في قالب أكثر جاذبية وتشويق، والعمل على إبراز هوية الأمة الثقافية وشخصيتها الذاتية، من خلال تشريع قوانين تحاسب الشركات التجارية في حالات مخالفة القيم والتقاليد بالمجتمع. ويتصاعد الاهتمام نحو ملتقى (الأسرة السعودية 1445)، الذي يستشرف المستقبل عن طريق عديد من المؤشرات والدراسات الاسترشادية، إذ قال مدير وحدة المسؤولية الاجتماعية في (سبكيم)- علي العرق: إن لجنة المسؤولية الاجتماعية التي تشرف عليها الإدارة العليا أدركت أهمية الملتقى وانعكاس أطروحاته على كافة شرائح المجتمع من خلال ما سيتم تقديمه، مشيرًا إلى أن المساهمة في برامج حماية المجتمع تتخذ في برامج (سبكيم) أولوية متقدمة عن غيرها من البرامج نتيجة الوعي الكامل بأهمية أمن الأسرة الذي يمس ويطال أمن المجتمع بوجه عام، مطالبًا في الآن ذاته بتضافر جهود كافة القطاعات، ومنها القطاع الخاص في دعم المؤسسات المعنية بالأسرة ومراكز الأبحاث المتخصصة في الشأن الاجتماعي، مشددًا على أهمية استثمار العلوم والبحوث المتخصصة في صون المجتمع ومواجهة التحديات الحالية والمستقبلية. وقال عضو اللجنة العلمية لملتقى (الأسرة السعودية 1445) الأستاذ الدكتور عبدالواحد المزروع: لابد من تبني مفهوم الأمن الشامل الذي يهتم بتوفير البيئة الآمنة للأسرة، داعيًا المؤسسات المعنية بوزارة الداخلية والشرطة إلى مراقبة شبكات الاتصال الاجتماعي، وتوفير الحماية الأمنية لمن يتعرضون إلى الاستغلال عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة الأطفال والمراهقين والفتيات، وإصدار قوانين تحمي أفراد المجتمع، إضافة إلى تفعيل نظام الجرائم المعلوماتية.
مشاركة :