على ذمة جريدة الشرق الأوسط، فإن رجلا مصريا استأنف حكما بدفع نفقة لمطلقته وطفلهما الرضيع، وكانت محكمة ابتدائية قد قضت بأن الأم تستحق 50 جنيها (نحو ثلاثة دولارات) بدل رضاعة وفوقها 70 جنيها (نحو 7 دولارات) بدل حضانة، وطالب الرجل محكمة الاستئناف بإلغاء بدل الرضاعة! ليه يا بيه؟ مش البيبي بتاعك برضو بيرضع؟ آآآ يا حضرة القاضي بيرضع .. بس صناعي!! صناعي إزاي يعني؟ يعني بيرضع م البزازة يعني الإزازة (القزازة) ودي تعتبر خدمة ومش رضاعة، وبالتالي كلفتها مشمولة في بدل الحضانة .. دا غير إني شايف ان بدل الحضانة كتير.. ده أنا اتجوزت واحدة تانية وورايا مصاريف، لأننا ناويين نخلِّف (ننجب ذرية) وقال قاضي محكمة الاستئناف في سره: بلاش كلام فارغ، بالذمة أنت بني آدم؛ وتستحق تكون أب؟ ثم قال بصوت مرتفع: تم رفض الاستئناف شكلا وموضوعا وروح ربنا يسهل عليك، وحتدفع بدل الرضاعة والحضانة. لو شهدت جلسة المحكمة تلك لدعوت أيضا للرجل: ربنا يسهل عليك! ولكن بمعنى ان يصيبه بإسهال حاد يهد حيله ويسبب له الجفاف لأنه نشف ريق مطلقته والقضاة ليحرم طفله من مبلغ تافه (نحو عشرة دولارات) يعينه على الحد الأدنى من النمو، وبالمناسبة يا جماعة لا بد ان نتذكر أن هناك الملايين من الناس في الدول العربية الذين قد يكون الدولار الواحد مسألة حياة او موت بالنسبة لهم، ولكن حتى لو افترضنا أن صاحبنا هذا فعلا محدود الدخل و«غلبان»، فمن حقنا أن نسأله: لماذا تتزوج مرة أخرى وأنت عاجز عن دفع جزء ضئيل من كلفة إعاشة طفل خرج من صلبك؟ وعلى كل حال يستحيل ان أتعاطف مع شخص يبخل بالحد الأدنى من المال لولده أو بنته، بل أعتقد ان الإنسان الراشد يكون سخيا مع عياله إذا طلق أمهم لأنه يحرص على أن يضمن لهم على الأقل المتطلبات المادية، من باب السعي لتعويض غيابه عنهم بتوفير المال الضروري لإعاشتهم. عموما فإنني لا أحترم الرجال والنساء الذين يتطلقون ويتفننون في جرجرة بعضهم بعضا في المحاكم؛ طبعا المحاكم لا بد منها في حالات «شائكة»، ولكنها ينبغي ان تكون الاستثناء.. ولا أفهم كيف يرضى رجل يستحق مسمى «رجل» لنفسه أن تنتزع منه مطلقته نفقة إعاشة عياله بحكم قضائي. وقد أفهم أن يحدث طلاق بعد أقل من سنة من الزواج وينتهي بمحاكم وشتائم و.........، ولكنني لا أفهم كيف يعيش شخصان 20 أو 10 أو حتى 5 سنوات، ثم تتحول «العشرة» بينهما الى حرب ضروس ويسعى كل واحد لخراب بيت الآخر، أو التشهير به وإشانة سمعته، ولكنني استدرك وأقول إنني أفهم ان الطلاق قد يحدث في أي مرحلة بغض النظر عن سنوات الزواج.. فهناك من يتطلقون بعد زواج يدوم ثلاثين سنة، ويكون للطلاق ما يبرره أخلاقيا وقانونيا وشرعا، والإنسان يتغير بمرور الزمن وتلك التغيرات قد لا يحتملها الطرف الثاني لأنها تتلف الأعصاب وتحطم المعنويات، ويصبح تحمل السلوكيات الناجمة عنها فوق طاقة الإنسان.. ولكن المهم عندي هو ان يكون الفراق بمعروف. لا معنى لكلام تافه من نوع: أنا ضيعت عمري مع شخص تافه وناقص مثلك يا مقطع يا معفن يا قليل الأصل!! هيييه سبحان الله اللي زيك يتشرف بأنه يكون زوجة «سابقا» لواحد مثلي. يحكى عن الشيخ الحكيم فرح ولد تكتوك الذي عاش في منطقة سنار بأواسط السودان في نهايات القرن التاسع عشر، أن بنتا له هجرت بيت الزوجية وجاءت لتقيم عنده، وفي ذات ساعة طلب منها ان تأتيه بالإبريق، لأنه ذاهب الى «الخلاء» لتلبية نداء الطبيعة، فجاءته بإبريق جديد اشترته له، ولكنه قال لها إنه يفضل إبريقه القديم فلبت طلبه، وعادت فورا إلى بيت زوجها، فسألوها عن سر الإبريق الذي جعلها تعود الى بيت الزوجية، فشرحت الأمر: أراد بطلب إبريقه القديم أن يقول لها إنه الإبريق الذي سبق له أن كشف عورته أمامه مرارا، وأنه لا يريد ان يكشفها أمام إبريق «غريب/ جديد».!
مشاركة :