لا شك أن كل مجتمع في هذا العالم لديه كثير من التحديات، والمجتمعات الغنية لا تخلو من وجود من يحتاج إلى المساعدة سواء كانت في شكل صدقة أو إعانة أو إقراض أو بأي شكل من أشكال التضامن الاجتماعي، وهذه المسألة كان بها فجوة في المجتمع فرغم كثرة الجمعيات الخيرية التقليدية وتنوع أنشطتها إلا أن النتائج لأدائها محدودة مقارنة بالدعم خصوصا فيما يتعلق بالحالات الخاصة بالمجتمع فأغلب أفراد المجتمع ممن لديهم حاجة مالية يلجأون إلى الجهات الحكومية مثل الضمان الاجتماعي وغيره، أما المؤسسات الاجتماعية ففاعليتها ضعيفة رغم عدم التشكيك إطلاقا في حرص القائمين عليها وإخلاصهم على وجه العموم إلا أن إدارة تلك المؤسسات تفتقر إلى كثير من التطوير والتحسين، ولعل المبادرات المميزة التي تمت لاحقا خصوصا ما يتعلق بـ"جود الإسكان" التي تعتني بحالات متعددة من المواطنين الذين يواجهون صعوبات فيما يتعلق بالسكن وليست لديهم ملاءة كافية من دخل ثابت أو أصول ليتمكنوا من الحصول على تمويل من المؤسسات المالية، وفي ظل العزم الحكومي على توفير فرص لجميع أفراد المجتمع ليتحقق لهم السكن والاستقرار ظهرت مبادرة "جود الإسكان" ليتمكن كل مواطن من الحصول على الفرصة التي تناسب ظروفه للحصول على سكن. مبادرة "فُرجت" تعد من المبادرات النوعية والمميزة التي تعكس بشكل كبير الحرص على فاعلية البرامج المجتمعية والحكومية فيما يتعلق بمعالجة حالات الحاجة لدى بعض أفراد المجتمع، إذ إن الموقوفين في قضايا مالية تعد من الحالات التي يمكن أن ينتج منها آثار إيجابية أكبر من مسألة دفع المال للمستحق وإبراز جانب التكافل الاجتماعي في المملكة، فهي تزيد مستوى المصداقية والرضا والاطمئنان فيما يتعلق بصرف أموال الصدقات والزكاة، كما أنها تجعل الفرد شريكا وتابعا لأثر ما يدفعه من المال للحالات التي تحتاج إلى ذلك كما أن الشخص المحتاج أيضا يرى تضامن المجتمع مع أشخاص لا يعرفهم، ما يوجد بيئة فيها كثير من الألفة والتضامن بين أفراده. ولعل الأهم من هذا وذاك أن هذه الفئة في واقع الحال منتجة وتعمل وتعول أسرا تعتمد عليها جزئيا أو كليا في الدخل، فمعالجة تلك الحالة ستنعكس على الأسرة بصورة كبيرة، كما أنه سيكون لها دور في انخراط هؤلاء الأفراد في النشاط الاقتصادي مرة أخرى ما يجعلهم منتجين وقد يؤثرون بنفع فئات أخرى محتاجة، كما أن كثيرا من تلك الحالات المدينة كان ناشئا عن أخطاء، وانخراطهم في هذه المرحلة سيكون بعد أن تعلموا منها. من المبادرات التي تقوم عليها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية مسألة استقبال المعلومات من المواطنين عن الأسر المتعففة التي تجد حرجا كبيرا في السؤال وطلب المال أو الإعانة من الآخرين وهذا قد يسد فجوة كبيرة فيما يتعلق بالتعرف على الحالات المحتاجة إلى الدعم من المواطنين. هذه المبادرات تجعل المجتمع أمام حقيقة مهمة وهي أنه لا يمكن القبول اليوم بأن يتم دفع المال أو التبرعات إلى غير المستحق أو مجهول الحال، إذ إن الحالات التي تحتاج إلى المساعدة أصبحت المعلومة عنها متاحة للجميع من المصادر الأكثر موثوقية في المجتمع وطريقة المساعدة مباشرة، حيث لا يكون هناك وسيط وهذا يخفف من تكلفة دفع مبالغ يذهب جزء منها في مهام إدارية وتكاليف أخرى. ولذلك فإن دفع الأموال إلى جهات غير مستحقة بل قد تكون مشبوهة فإنها لا تعفي صاحبها من المسؤولية خصوصا إذا نشأت عن ذلك جرائم في ظل وجود القنوات المباشرة والمتيسر الوصول إليها لدفع الصدقات أو الزكاة أو الإعانة أيا كانت. من المهم مشاركة المؤسسات من القطاع الخاص خصوصا البنوك والشركات الكبرى التي لديها برامج اجتماعية كي تسهم في مثل هذه المشاريع بشكل فاعل، خصوصا أن أثرها كبير في المجتمع وهو ما تتطلع إليه تلك المؤسسات لوضع برامج اجتماعية بهدف الإسهام في تنمية المجتمع. فالخلاصة أن البرامج والمبادرات الاجتماعية التي أطلقت أخيرا خصوصا «فُرجت» و«جود الإسكان» تعد من البرامج النوعية التي تخدم مجموعة من أفراد المجتمع بشكل مباشر وبما يحفظ للمحتاج كرامته، كما أن لها دورا في تعزيز التضامن والتكافل بين أفراد المجتمع وتقطع الطريق أمام استغلال البعض هذا الفراغ للسؤال وأخذ صدقات الناس دون وجه حق.
مشاركة :