فشل حزب بريكست المناهض للاتحاد الأوروبي والذي أسسه نايجل فاراج في الفوز بأول مقعد له في البرلمان البريطاني إثر هزيمته أمام حزب العمال، أكبر أحزاب المعارضة، في انتخابات فرعية حاسمة. وجاء الاقتراع في مدينة بيتربورو بشرق إنكلترا بعد أن شغر مقعد النائبة فيونا أوناسانيا، التي عزلها الناخبون، في أعقاب سجنها على خلفية الكذب بشأن مخالفة تجاوز السرعة أثناء القيادة. وجاء مرشح حزب بريكست، مايك غرين وهو مقاول محلي، في المركز الثاني مع قرابة 29 بالمئة من الأصوات، خلف مرشحة العمال ليزا فوربس. وحل حزب المحافظين في المرتبة الثالثة بحصوله على 21 بالمئة من الأصوات، يليه الليبراليون الديمقراطيون مع 12 بالمئة. وتعتبر هذه النتيجة انتكاسة لحزب بريكست، الذي أسسه فاراج المشكك بالاتحاد الأوروبي قبل بضعة أشهر، والذي تصدر الانتخابات الأوروبية في مايو، مع 31.6 بالمئة من أصوات المقترعين.وسعى الحزب للاستفادة من ذلك الزخم ومن استياء الناخبين من الحزبين الرئيسيين، المحافظين والعمال، اللذين تشاركا تاريخيا مقعد بيتربورو. وفاراج الذي دعا إلى خروج بريطانيا من الكتلة الأوروبية من دون اتفاق، قال الأسبوع الماضي أثناء حملته الانتخابية إنه يعتبر الانتخابات الفرعية “فرصة للفصل التالي في هذه القصة العظيمة”. وقالت ليزا فوربس، مرشحة حزب العمال التي فازت في الانتخابات الفرعية، إن نتائج بيتربورو تعد هزيمة لـ“سياسة الانقسام” التي ينتهجها حزب بريكست، فيما قال زعيم حزب العمال جيرمي كوربين إنها تمثل رفضا للتعامل الكارثي لحزب المحافظين مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وكانت الترجيحات تشير بشكل كبير إلى فوز حزب بريكست بالمقعد المؤيد للخروج. لكن رغم خسارته، فإن أداءه مع ذلك سيكون مصدر قلق بالنسبة للحزبين الرئيسيين. وتراجعت نسبة المقترعين للعمال بنسبة 17 بالمئة مقارنة بنتيجة 2017، لتكون أدنى نسبة تضمن الفوز لحزب في انتخابات فرعية، فيما تراجعت نسبة المقترعين للمحافظين 25 بالمئة. وقال الباحث جون كورتيس، وهو أكبر منظمي الاستفتاءات، لشبكة بي.بي.سي إن النتيجة تظهر أن البلاد الآن “في عالم سياسي مختلف”. وغادرت رئيسة الوزراء تيريزا ماي منصبها كرئيسة لحزب المحافظين الجمعة بعد إرجاء تنفيذ بريكست مرتين وإثر إخفاقها في تمرير اتفاق بريكست في البرلمان. وكانت ماي تنوي صنع التاريخ كرئيسة وزراء نجحت في إخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لكنها غادرت مهامها كرئيسة لحزب المحافظين مكسورة بسبب بريكست. وقالت المتحدثة باسم ماي للصحافيين إن رئيسة الوزراء ستركز خلال الفترة الباقية لها في المنصب على الأجندة الداخلية التي وضعتها في بؤرة اهتماماتها كرئيسة للوزراء.وفي 24 مايو، أعلنت من أمام 10 داونينغ ستريت وقد بدا عليها التأثر، تخليها عن مهامها كرئيسة لحزب المحافظين وللوزراء في السابع من يونيو، بعد أشهر أمضتها على حافة الهاوية بين تفكك حكومتها ودعوات لتقديم استقالتها. وإذا لا تزال ماي البالغة 62 عاما رسميا رئيسة للوزراء في انتظار انتخاب المحافظين خلفا لها، إلا أنها لم تعد تملك السيطرة على الملفات وخصوصا ملف بريكست الذي أفسد ولايتها. وبدت ابنة القس التي لا تتمتع بأي جاذبية خاصة لكنها كادحة في العمل، المرشح الأفضل لقيادة المملكة المتحدة، المنقسمة بعد حملات الاستفتاء، في أكثر الفترات الحساسة في تاريخها. لكن بعد ثلاث سنوات، يبقى البلد الذي كان من المفترض أن يغادر الاتحاد الأوروبي في 29 مارس، مقسوما، مع برلمان غير قادر على التوافق حول العلاقات المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي، وقاعدة شعبية منقسمة. ويقول الباحث من جامعة سوري سيمون آشروود إن مهمة تفكيك روابط مع الاتحاد الأوروبي عمرها أكثر من 40 عاما ليست بالأمر السهل. ويضيف أن “أي شخص في مكانها كان سيواجه صعوبات كبرى”، موضحا أن ماي من جهتها “لم تقدّم المقاربة الأفضل” باختيارها الاعتماد فقط على حزبها، وخصوصا الجناح الأكثر تشددا فيه الذي يريد قطع كل الروابط مع الاتحاد الأوروبي. ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة كوين ماري في لندن تيم بايل أن خطأ ماي هو “رفضها للواقعية”، بعدم قبولها أي “مقاربة عابرة لحزبها”، خصوصا بعد إخفاقها في انتخابات عام 2017 التشريعية التي قررت تنفيذها مدفوعة باستطلاعات رأي إيجابية، وكلّفتها غالبيتها المطلقة.
مشاركة :