انخفض الإنتاج الصناعي والصادرات الألمانية بشدة في نيسان (أبريل)، ما يسلط الضوء على استمرار تأثر أكبر اقتصاد في أوروبا بالنزاعات التجارية والضبابية، التي تحيط بانفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، بعد يوم من إشارة البنك المركزي الأوروبي لمخاوف بشأن نمو منطقة اليورو. وبحسب "رويترز"، تشير البيانات الصادرة أمس من مكتب الإحصاءات إلى أن نمو الناتج المحلي الألماني سيتباطأ أو حتى يتوقف في الربع الحالي، وخفض البنك المركزي الألماني (بوندسبنك) توقعاته للنمو لعام 2019 بالكامل، التي بلغت في كانون الأول (ديسمبر) 1.6 في المائة، إلى 0.6 في المائة فقط. وانخفض الناتج الصناعي 1.9 في المائة على أساس شهري، وهو أكبر انخفاض منذ آب (أغسطس) 2015، بعد تراجع حاد في إنتاج السلع الاستثمارية والوسيطة، وتوقع خبراء اقتصاديون هبوطا نسبته 0.4 في المائة. وانخفضت الصادرات 3.7 في المائة، وهو أيضا أكبر تراجع منذ آب (أغسطس) 2015، وتفادى الاقتصاد الألماني بالكاد ركودا في الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2018، ليتوقف عن النمو بعد أن سجل انكماشا في الربع الثالث، ونما بوتيرة متواضعة نسبتها 0.4 في المائة في الفترة من كانون الثاني (يناير) إلى آذار (مارس). وقال البنك المركزي الألماني في بيان "الاتجاه الضعيف الكامن المرتبط بالدورة الاقتصادية من المرجح أن يستمر في الربعين الثاني والثالث من 2019 بعد انخفاض طفيف في الربع الثاني، من المرجح أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي مجددا في وقت ما من الربع الثالث". وسجل قطاع الصناعات التحويلية الألماني ركودا في معظم العام الجاري، إذ إن النزاعات التجارية، التي لم تحل بين الولايات المتحدة وكل من الصين والاتحاد الأوروبي، وكذلك تأثير إرجاء مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي أثرا سلبا على الصادرات. واستبعد البنك المركزي الأوروبي زيادة أسعار الفائدة في العام القادم وحتى فتح الباب أمام احتمال خفض أسعار الفائدة أو شراء مزيد من السندات، ليعزو ذلك إلى التأثير السلبي الناجم عن النزاعات التجارية وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على منطقة اليورو. وذكر البنك المركزي الألماني أن الاستهلاك المحلي يساعد في دعم أكبر اقتصاد في أوروبا، ولكن الصناعة الألمانية تعاني آثار ضعف الصادرات. وقال رئيس البنك ينس فيدمان "بمجرد انتعاش الطلب الخارجي مرة أخرى، فإن نمو الاقتصاد الألماني سيستند إلى قاعدة أوسع مرة أخرى"، ويعمل البنك على افتراض أن الصادرات ستنتعش تدريجيا خلال النصف الثاني من العام. وتنبأ البنك أن يصل معدل النمو الاقتصادي في عام 2020 إلى 1.2 في المائة، في تراجع عن نسبة 1.6 في المائة، التي كان قد تنبأ بها في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. من جهة أخرى، وافق البرلمان الألماني (بوندستاج) أمس على مشروع قانون لتسهيل جذب العمالة الماهرة من الخارج. ووافق على القانون 369 نائبا، بينما بلغت الأصوات المعارضة 257 صوتا، وأوضح هورست زيهوفر وزير الداخلية الألماني المنتمي للحزب المسيحي الاجتماعي البافاري "من بين كل قوانين ميثاق الهجرة أرى أن قانون جذب العمالة الماهرة هو الأكثر ضرورة وأهمية"، موضحا أنه يتعين تقليل فترات انتظار منح التأشيرات، التي تستغرق عادة شهورا حتى تظهر فعالية القانون الجديد. ويهدف القانون إلى تمهيد الطريق لاستقدام عاملين مؤهلين من دول خارج الاتحاد الأوروبي إلى ألمانيا، وإزالة قيود عن قطاعات وظيفية تعاني نقصا في العمالة، مثل قيد مراجعة الأولوية، الذي يتم فيه فحص ما إذا كان هناك ألمان أو مواطنون آخرون من الاتحاد الأوروبي يصلحون لهذه الفرص. ويسمح القانون بمنح إقامة لمدة ستة أشهر للبحث عن عمل بالنسبة للأجانب الذين يجيدون الألمانية ولديهم مؤهلات كافية. ويعتقد لارس كاستلوسي خبير شؤون الهجرة في الحزب الاشتراكي الديمقراطي: "ألمانيا بحاجة إلى الهجرة"، فيما تحدث ماتياس ميدلبرج، خبير الشؤون الداخلية في التحالف المسيحي، عن توفير قواعد عملية لجذب العمالة الماهرة، بينما حذر حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي من إغراق الأجور عبر العمالة المهاجرة. ويرى الحزب الديمقراطي الحر أن القانون الجديد لا يلبي المتطلبات إلى حد كبير، حيث ذكر خبير سوق العمل في الحزب يوهانيس فوجل أن الحكومة الألمانية تتوقع قدوم 25 ألف عامل أجنبي سنويا، بينما من الضروري مضاعفة هذا العدد عدة مرات لتغطية العجز في العمالة الماهرة، واتهم ممثلون عن حزب "اليسار" الحكومة بتصنيف الأفراد، وفقا لفائدتهم الاقتصادية فحسب.
مشاركة :