تنشط معرفات لكبار الشعراء على مر العصور, شعراء أفضوا إلى ما أفضوا إليه وتركوا بصمتهم عبر التاريخ. فنجد المتنبي معرفا نفسه "نصيبك في منامك من خيال"، بينما يعرف البردوني لنفسه بـ"كاهن الحرف"، ويعرف محمود درويش لنفسه بـ"سَنَكْتُب منْ أَجِلْ ألّا نَمُوت، سَنَكْتُب مِنْ أَجِل أَحْلامنَا"، ويعرف الجواهري نفسه بأنه شاعر العرب الأكبر ويسأل "لماذا أشترك مع الآخرين وأنا أستطيع قلب النظام بلساني وشعري"، بينما قدّم نزار نفسه بـ"شِعْري أنا قلبي ويظلمني، من لا يرى قلبي على الوَرَقِ". واستطاعت تلك المعرفات استقطاب مئات الألوف من المتابعين من خلال موقع التواصل الاجتماعي تويتر، يتابعهم عليّة القوم من مثقفين وأدباء وإعلاميين ورياضيين، ويتعدى الأمر ذلك كله إلى السياسيين المتوترين. وعبر رصد "الاقتصادية" لتلك المعرفات وجدت أن أغلبها يقف خلفها أشخاص من محبي أولئك الشعراء فيما يقف أبناء البعض منهم خلف معرفات آبائهم مثلا كمُعرِّف بدر شاكر السياب الذي يقف خلفه ابنه غيلان محاولاً إحياء إرث والده العظيم. ويسيطر الشاعر السوري نزار قباني على المشهد التويتري بأكثر من ثلاثة معرفات تستقطب أكثر من 600 ألف متابع، ويتنوع متابعوه من مختلف الجنسيات العربية، ومن كبار الشعراء الأحياء، نظرا لنشاط المعرفات الثلاثة، وتنوع طرحها ونشر جميع نصوص الشاعر الراحل وما يتعلق به. ويليه في ذلك نشاط معرِّف الشاعر اليمني عبدالله البردوني فيما تعتمد بقية المعرفات على نشر نصوص معينة دون التعمق في شرح أبيات الشعر لبقية الشعراء مثلما تفعل المعرفات السابقة. من جانبه، قال الدكتور عيسى بن صلاح الرجبي الأستاذ المشارك في قسم الأدب والبلاغة والنقد في الجامعة الإسلامية أن تخليد ذكرى أولئك الأدباء والقامات الفكرية عبر تويتر والفيس بوك والمدونات الإلكترونية خطوة إيجابية كونها تعرِّف الأجيال الحالية واللاحقة بالمشاريع النهضوية والفكرية لهؤلاء الأدباء عبر وسائل الأدب الرقمي الأوسع انتشاراً؛ شريطة التوثيق الرسمي لها عبر إدارة تويتر إما من ورثة الأديب والمفكر أو من أصدقائه من مجالسيه وتلاميذه وعشَّاق فنِّه كونهم الأقرب لمجريات عصره وأحداث حياته أو من الهيئات الرسمية الثقافية التي يتبع لها الأديب أو المفكر. وحذر من فتح المجال على مصراعيه دون توثيق، ما يؤدي للإساءة لهذه العقليات ولأدبهم وتراثهم بنشر ما لا يصح نسبته لهم مما تبرؤوا منه، أو بالإساءة لهم عبر الانتقاء المقصود لهفواتهم الأدبية وزلاتهم الفكريَّة في نتاجهم المعرفي – ولكل جواد كبوة – قصداً لتجريح مكانتهم الأدبية.
مشاركة :