يحب الطفل اللعب والحركة المستمرة، وهو ما يجعله يسبب الكثير من الضوضاء والضجيج، وبالتالي يدفع الكثير من الآباء إلى إشغاله باللعب على أحد الأجهزة الإلكترونية، أو بمشاهدة أفلام الكرتون أو الرسوم المتحركة أو اللعب على أجهزة الموبايل حتى يبقى هادئاً.ويعد بقاء الطفل وقتاً طويلاً يشاهد الرسوم المتحركة، أو اللعب على الأجهزة الذكية، إحدى المشاكل التي انتشرت في الوقت المعاصر بشكل يدعو للقلق.يجهل الكثير من الأسر، الأضرار الجسيمة من هذه العادة، وذلك بحسب الباحثين والأطباء النفسيين، وكمّ المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها الطفل جراء تعرضه لهذه الأجهزة على المستوى الصحي والنفسي، والتي ربما تصل إلى الإدمان.وأصبحت الأجهزة الإلكترونية، وخاصة اللوحية منها، تمثل ولعاً كبيراً للطفل، ومع التطور التكنولوجي الكبير وانخفاض الأسعار، صارت هذه الأجهزة في كل بيت، بل في كل يد.وتكمن خطورة هذه الأجهزة في تأثيرها على نشاط الطفل الطبيعي، كما أنها تجعله ينفصل عن واقعه، ويتعلق بها بشدة، ونتناول في هذا الموضوع الأخطار الصحية والنفسية التي يتعرض لها الطفل من إدمان الألعاب الإلكترونية، وطرق الوقاية والعلاج من هذه المشكلة. حالة سلوكية نفسية يعرف الباحثون الإدمان بأنه حالة سلوكية ونفسية يمكن أن تؤثر في الشخص، وتجعله يقوم بشيء ما، من أجل تحقيق راحته النفسية، وهو يعتاد على سلوك معين أو مادة مخدرة بشكل مرضي، وبالتالي يصبح تحت تأثيرها في كل سلوكيات حياته اليومية، ولا يستطيع التخلي عنها.وينطبق للأسف هذا التعريف على إدمان الألعاب الإلكترونية، ولا تقتصر هذه الحالة على الألعاب الموجودة على الهاتف أو الحاسب الآلي، بل إن الأمر يمتد إلى الألعاب الأونلاين، والتي ربما تكون أشد خطراً.وتتجاوز خطورة هذه النوعية إلى التكلفة المالية، حيث تحرص الشركات المنتجة لهذه الألعاب على تطوير منتجها لزيادة الإنفاق المالي، والذي في الغالب يكون موجهاً للشريحة العمرية من المراهقين والأطفال.وتعتبر هذه الشريحة الأكثر تعاملاً واستهلاكاً لهذه الألعاب، وهذا الأمر يجعل بعض المراهقين والأطفال يلجؤون للسرقة حتى يمكن لهم تلبية الرغبة في ممارسة هذه الألعاب. إحساس القوة يوجد عدد من الأسباب التي تلعب دوراً كبيراً في إدمان الألعاب الإلكترونية، حيث يشعر المصاب بحالة من النشوة والإحساس بالقوة وهو في الفضاء الإلكتروني للألعاب، وهو الأمر الذي يفتقده في حياته وواقعه.وتنجح الألعاب الإلكترونية في القضاء على الفراغ المادي والشخصي، وربما يعاني من هذه الحالة الكثيرون، وبخاصة في فترات المراهقة.ويرغب البعض في الهروب من عالمه الواقعي، بما فيه من مشاكل ومتاعب إلى عالم الألعاب الذي يمتاز بالمرح، وإنجاز أشياء لا يمكن النجاح فيها في الواقع.ويمتاز عالم الألعاب بالتجديد والتحفيز المستمر، وهو ما تتقنه الشركات المنتجة لهذه الألعاب، بالإضافة إلى إحساس الشخص بروح الفريق عند ممارسته لهذه الألعاب.وتمنح بعض الألعاب مكافآت في الواقع الفعلي، وذلك عند تحقيق البطولة، وهو الأمر الذي يلقى إعجاب وتعلق الكثيرين من الأطفال، وتمثل هذه المكافآت دافعاً لزيادة الوقت أمام هذه الألعاب. تخلص من الإزعاج يلجأ بعض الآباء نتيجة الانشغال التام في فعاليات الحياة إلى مثل هذه الألعاب حتى يتخلصوا من إزعاج الأطفال، وهو ما يدل على عدم وعي منهم بمخاطر هذه الألعاب من ناحية، ومن جانب أخر ربما يكون نوعاً من التدليل.ويمكن أن يكون سبب الإدمان، تقليد الطفل لأحد الأبوين المصاب بالفعل بإدمان هذا الأمر، ويمكن أن يكون التباهي والتفاخر بامتلاك الطفل لهذه التكنولوجيا وقدرته على التعامل معها، سبباً في الإصابة بهذه الحالة.ويعد من أبرز أسباب إدمان الألعاب الإلكترونية غياب التواصل الإيجابي بين الأسرة والطفل المصاب بهذه الحالة.وتنذر كثير من هذه الأسباب والأعراض بوجود بعض المشاكل النفسية لدى المصاب سواء أكان طفلاً أو مراهقاً أو حتى بالغاً، ولذلك يجب ملاحظتها واستشارة أحد الأخصائيين النفسيين. توتر وسعادة يرصد الآباء والمحيطون بمدمن الألعاب الإلكترونية، عدداً من الأعراض، التي تتشابه مع أعراض الإدمان، حيث يتمسك الطفل بالجهاز أو اللعبة التي يلعبها عليه، وهو يرفض من أجل ذلك الطعام والخروج من المنزل.وينتابه التوتر إذا خرج من المنزل أو سافر لمكان لا تتوافر فيه شبكة إنترنت، ويشعر بالسعادة عندما ينجح في حل الألغاز أو المناورة والانتقال إلى المستوى الأعلى.وتظهر على الطفل المصاب بهذه الحالة، أعراض القلق والتوتر والانفعال، ويظهر عليه أيضاً الاكتئاب في المراحل المتقدمة، ولذلك يكون لديه رغبة في أن يقضي وقتاً أطول في ممارسة اللعبة التي يلعبها. أضرار جسدية ونفسية يشير الباحثون إلى أن الأطفال عندما يمارسون الألعاب الإلكترونية لأكثر من 45 دقيقة يتعرضون لأضرار جسدية وصحية وأخرى نفسية وعصبية.ويعاني مدمن الألعاب الإلكترونية من آلام أسفل الظهر وفي الرقبة، مع ضعف في عضلات المثانة، وكسل عموماً في عضلات الجسم.ويشعر المصاب بهذه الحالة بإمساك مزمن، بالإضافة إلى مشاكل في العين وضعف النظر، ويعود ذلك إلى طول الفترة التي ينظر فيها المدمن إلى شاشة الحاسب الآلي أو هاتفه الذكي، وهو ما يجهد عضلات العين بصورة مستمرة.ويصاب المدمن أيضاً بالصداع ومشاكل في الأعصاب، بسبب الأشعة التي تصدر من الشاشات، والتي يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بالصداع النصفي.ويتعرض المصاب بهذه الحالة، إلى آلام في مفاصل الجسم، والسمنة نتيجة تراكم الدهون وعدم بذل أي مجهود وخصوصاً بالنسبة للأطفال. سلوكيات سلبية يتأخر المستوى الدراسي والتحصيل العلمي للطفل المصاب، وكذلك يتأثر البالغ في عمله ووظيفته، وذلك بسبب الوقت الكبير الذي يقضيه في ممارسة هذه الألعاب.ويصاب بالتوتر واضطرابات في النوم، ويمكن أن تظهر عليه علامات الإصابة بالاكتئاب، ويكتسب المدمن سواء أكان طفلاً أو بالغاً سلوكيات سلبية عديدة، وذلك مثل العدوانية والعنف.وأثبتت العديد من الدراسات أن عنف المراهقين في معظمه يعود إلى إدمان الألعاب الإلكترونية، كما يفقد مدمن الألعاب الإلكترونية إرادته أمام هذه الألعاب، وبالتالي يصبح عبداً لها.ويفقد المدمن القدرة على فتح مواضيع خارج نطاق الألعاب، ويمكن أن يصل الحال بالبعض إلى الموت، حيث يقضون من 3 إلى 4 أيام بشكل متواصل يلعبون دون نوم أو راحة أو طعام. التقرب من الطفل يشير الأطباء إلى أن القاعدة الذهبية التي تقول الوقاية خير من العلاج، هي مفتاح العلاج في مشكلة إدمان الألعاب الإلكترونية، فالأب أو الأم عندما يراقب الطفل ويقترب منه، ويكون صديقاً له بالتأكيد سينجح في حمايته من كل صور الإدمان، ولعل من أبرز أسباب وقوع الطفل أو المراهق في براثن هذه الحالة هي انشغال الوالدين، وعدم وجود تواصل مع الأسرة بشكل جيد.ويجب على الأهل تعليم الطفل أن هناك وقتاً محدداً للعبة التي أدمن عليها، وذلك بهدف تخليصه من التأثير الإدماني بصورة تدريجية، وفي المقابل تعويض وقت الفراغ الذي يعاني منه المدمن، بأنشطة أخرى تكون مفيدة مثل ممارسة الرياضة، ومن الضروري أن يقترب الأهل من المدمن بشكل كبير في هذه المرحلة.ويتجنب الأهل والدائرة المحيطة بالمصاب فكرة التعنيف أو الشدة، وذلك حتى لا يلجأ المصاب لأشكال أخرى من الإدمان أشد خطورة، ويجب أن يكون الوالدان قدوة للأطفال، وذلك بعدم استخدام الأجهزة اللوحية طوال الوقت أمامهم.ويجب كذلك عدم السماح باستخدام هذه الأجهزة قبل النوم، لأنها تؤثر على معدل النوم والنظر، وتفيد مساعدة الأطفال في تحقيق أهدافهم في الواقع في تحقيق السعادة الفعلية، وبالتالي فإنهم لن يلجؤوا للعالم الافتراضي. تلف دماغي أظهرت دراسة طبية حديثة أن أكثر من 65% من مدمني الألعاب الإلكترونية يعانون أعراضاً تشبه الإصابة بالتلف الدماغي، وبالذات فيما يتعلق بالسلوك.وأشارت تقارير سابقة إلى أن سدس مستخدمي شبكة الإنترنت تظهر عليهم أعراض إدمان اللعاب الإلكترونية، ومن أبرز هذه الأعراض تحكم الألعاب في سلوك المدمنين، وكذلك ضعف قدرتهم على ضبط النفس.وحذر عدد من الخبراء من أن الألعاب التي تعتمد على فكرة خصم النقاط أو فقدان تصنيفات معينة، تزيد من خطر إصابة الطفل والمراهق بإدمان الألعاب الإلكترونية.وعزوا ذلك إلى إجبارهم على مواصلة اللعب لأطول مدة زمنية ، وحذروا كذلك من الألعاب التي تعتمد في الانتقال بين المستويات فيها على القتل والإذلال والتعذيب، والتي تؤثر بشكل سلبي على سلوكيات الطفل وتطور شخصيته.ودعا الخبراء إلى تحديد عدد المرات التي يسمح فيها بممارسة هذه الألعاب في الأسبوع، مع توضيح خطورة مثل هذه الألعاب.
مشاركة :