وفَّى زوجان جزائريان بعهد قطعاه يوم زفافهما، بأن يقوما كل عام بتحفيظ فتاة واحدة على الأقل القرآن الكريم؛ حيث نجحا بالفعل في تخريج 14 فتاة، خلال 10 سنوات، من مدرسة تحفيظ تابعة لأحد المساجد بولاية بسكرة. واحتفت وسائل إعلام جزائرية، بإنجاز الزوجين المقيمين بمنطقة أولاد جلال غربي بسكرة، معتبرة أنهما يمثلان «ظاهرة قد تكون فريدة من نوعها، في مجال تحفيظ وتعليم القرآن الكريم». وقالت صحيفة «الشروق» اليومية، إن «هذين الزوجين الكريمين، كرسا حياتهما لخدمة القرآن، وتعاهدا منذ زواجهما سنة 2008، على تخريج حافظة للقرآن على الأقل كل سنة، وهو ما تحقق لهما طوال عشر سنوات من العمل المتواصل خدمة لكتاب الله». ونقلت الصحيفة عن إمام مسجد مبارك الميلي شرقي مدينة أولاد جلال، محمد نعيمي، قوله: «إن هذه التجربة بدأت سنة 2008 تحديدًا، عندما عُيّن إمامًا للمسجد وبدأ تقديم دروس لتعليم القرآن الكريم لفائدة أبناء الحي، بدعم وتشجيع من المواطنين»، مضيفًا: «في هذه السنة، أنعم الله عليّ بزوجة كريمة هي السيدة فيروز جربوعي، التي تمكنت في ظرف قياسي من تحفيظها القرآن الكريم، لتبدأ بعدها رحلتنا سويًا في مجال تعليم القرآن وتحفيظه للفتيات تحديدًا». وعن ثمرة جهودهما طوال السنوات الماضية، أكد نعيمي أنه وزوجته استطاعا بحمد الله وعونه، أن يهديا المدينة طالبة حافظة للقرآن على الأقل كل سنة، مضيفًا أنه إلى اليوم تخرَّج على يديهما 14 طالبة من حفظة القرآن، منهن ثلاث طالبات العام الماضي وطالبة واحدة هذه السنة، ناهيك عن الحافظات لأجزاء كبيرة قد تصل إلى 50 حزبًا وما دون ذلك في كل سنة. وحسب نعيمي، فإنه وزوجته يعتمدان طريقة سهلة مبسطة ومحفزة في تحفيظ القرآن، وهي كما قال طريقة تعتمد على المنهج القديم والتقليدي المعتمد من الشيوخ القدامى، والمتمثلة في اللوحة الخشبية والقلم المصنوع من اليراع والصمغ، إضافة إلى اعتماد التكرار كطريقة للتحفيظ وتثبيت الحفظ، وهذه الطريقة رغم كونها قديمة وتقليدية، إلا أنها ناجعة وأتت ثمارها كاملة؛ بدليل عدد حفظة القرآن كاملًا في كل سنة. أما عن التحفيزات، فقال نعيمي، إنها «ثمينة جدًا بقدر الاستطاعة طبعًا. ولو أن حافظ القرآن لا يمكن أن نفيه حقه وقدره بكنوز الدنيا كلها»، مضيفًا أنه وزوجته وفي كل سنة يحرصان على تأمين ما تيسَّر من الذهب لإهدائه لحافظات القرآن، وهذه الهدايا قد تكون من المحسنين والداعمين لمدرسة تحفيظ القرآن بمسجد مبارك الميلي، وقد تكون من المال الخاص للزوجين، إذا لم يتيسر الدعم من المحسنين، هذا فضلا عن تحفيزات أخرى تتمثل في رحلات للتعارف والترفيه وتغيير الجو نحو المدارس القرآنية عبر الوطن. وأوضح نعيمي، أن النتائج التي تحققها المدرسة شجعت وتشجع الأولياء على إرسال بناتهم للتعلّم مجانًا في هذه المدرسة، باعتبارها الوحيدة التي تعلم القرآن على مدار شهور السنة، وليس في الصيف فقط، وهذا الأمر يساعد الأولياء والطلبة، ويساعد الزوجين القائمين على هذا العمل العظيم. وتابع قائلًا: «نحن بحمد الله نملك مشروعًا طموحًا جدًا؛ حيث نتطلع إلى توسيع المدرسة الحالية من خلال إنجاز أقسام إضافية، ولكن المشكل المالي هو الذي يمنعنا من ذلك. ولو توافرت المساعدات ودعم المحسنين لأنجزنا مدرسة كبيرة تتسع للمئات، والأجر والفائدة ستعود على الجميع». وذكر النعيمي أن حياته مع زوجته لا تخرج عن القرآن وتعليمه وتحفيظه، مؤكدًا أن هذه النعمة هي التي تنير طريقه وزوجته، وتبعث في حياتهما المتعة والراحة اللتين لا تقدران بثمن.
مشاركة :