أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أن بلاده توصلت إلى اتفاق مع المكسيك بشأن الهجرة، وبالتالي فإن الرسوم الجمركية المشددة التي كان يهدد بفرضها على مكسيكو "تم تعليقها إلى أجل غير مسمى". ومع إعلان ترمب فرض رسوم بنسبة 5 في المائة على كل السلع المكسيكية المستوردة بدءا من غد الإثنين، توصل مسؤولو البلدين إلى اتفاق بعد ثلاثة أيام من المفاوضات المكثفة في وزارة الخارجية الأمريكية. وبحسب "الفرنسية"، كتب ترمب في تغريدة "يسعدني أن أبلغكم بأن الولايات المتحدة توصلت إلى اتفاق موقع مع المكسيك. الرسوم الجمركية التي كان مقررا فرضها من قبل الولايات المتحدة يوم الإثنين ضد المكسيك، تم بالتالي تعليقها إلى أجل غير مسمى". وأضاف أن "المكسيك وافقت بدورها على اتخاذ تدابير قوية لوقف تدفق المهاجرين عبر المكسيك إلى حدودنا الجنوبية". وأوضح ترمب أن هذه التدابير ستؤدي إلى "خفض كبير أو القضاء على الهجرة غير القانونية القادمة من المكسيك إلى الولايات المتحدة"، مضيفا أن "تفاصيل الاتفاقية ستنشرها وزارة الخارجية قريبا". وبموجب الاتفاق، وافقت المكسيك على توسعة سياستها القاضية باستعادة المهاجرين المتحدرين من جواتيمالا والهندوراس والسلفادور، فيما تدرس الولايات المتحدة طلباتهم للجوء. وبذلك تفادت مكسيكو عرضا لطالما رفضته بأن يتم النظر في ملفات المهاجرين على أرضها قبل أن يحاولوا الوصول إلى الولايات المتحدة. وطالبت إدارة ترمب مكسيكو مرارا باتخاذ خطوات صارمة لوقف تدفق مئات آلاف المهاجرين القادمين من دول أمريكا الوسطى عبر الأراضي المكسيكية إلى الولايات المتحدة، مصرة على ضرورة أن تغلق المكسيك حدودها الجنوبية مع جواتيمالا وأن توافق على السماح لطالبي اللجوء بتسجيل طلباتهم داخل الأراضي المكسيكية. وقال الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، الذي كان يعتزم السفر لمدينة تيجوانا الحدودية لإظهار التضامن قبل دخول الرسوم الأمريكية حيز التنفيذ، إن رحلته ستكون عوضا "للاحتفال". وكتب لوبيز أوبرادور، الذي يسعى لمراعاة ترمب منذ وصوله إلى السلطة العام الماضي، في تغريدة "بفضل دعم كل المكسيكيين، بات بوسعنا تجنب الرسوم على المنتجات المكسيكية المصدرة إلى الولايات المتحدة". وربما ما دفع ترمب للإقدام على تعليق تطبيق التعريفات ما تعرضت له هذه الخطوة من انتقادات وإدانات من بينها غرفة التجارة الأمريكية، التي أدانت فرض التعريفات، وقالت إنها ربما يكون لها تأثير ضار على مصداقية الولايات المتحدة كشريك تجاري. وقال نيل برادلي من غرفة التجارة الأمريكية "إن فرض التعريفات على السلع الواردة من المكسيك، خطوة خاطئة تماما". ويواجه ترمب معارضة من داخل حزبه الجمهوري، وسط مخاوف من شطب وظائف، وزيادة في الأسعار، بل وإلحاق الضرر بالقطاع الزراعي. وهدد ترمب الأسبوع الماضي بفرض رسوم جمركية بنسبة 5 في المائة بدءا من غد الإثنين على جميع الصادرات المكسيكية إلى بلاده، مشيرا إلى أن النسبة سترتفع بمعدل خمس نقاط مئوية كل شهر وصولا إلى 25 في المائة، وستبقى عند هذا الحد إلى حين استجابة مكسيكو، التي تصدر بضائع بقيمة 350 مليار دولار سنويا إلى الولايات المتحدة، لمطالب واشنطن بشأن ضبط حركة الهجرة. وكانت هذه الرسوم في حال فرضها ستضر بالاقتصاد المكسيكي المترابط مع اقتصادي الولايات المتحدة وكندا بموجب اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا)، وقد حذر الخبراء من انكماش اقتصادي فيما قامت وكالة فيتش بتخفيض التصنيف الائتماني لهذا البلد. لكن الرسوم الجمركية، التي هدد بها ترمب أثارت معارضة قوية في شكل غير معتاد من أنصار ترمب الجمهوريين، خاصة نواب الولايات الزراعية الذين أعربوا عن خشيتهم من فقدان ثاني أكبر سوق دولية لهم. ويعتقد مارسيلو إيبرارد وزير خارجية المكسيك، الذي توجه على عجل إلى واشنطن، وظل هناك منذ تهديد ترمب بفرض رسوم جديدة، أن الجانبين توصلا إلى حل وسط. وأضاف للصحافيين أثناء مغادرته مقر وزارة الخارجية الأمريكية بعد يوم أخير من المحادثات استمر نحو 12 ساعة، أن "هذا كان توازنا عادلا لأن لديهم إجراءات ومقترحات أكثر شدة، لقد توصلنا إلى نقطة وسط". من جهته، أشاد ستيفن منوتشن وزير الخزانة الأمريكي بالاتفاق الأمريكي المكسيكي ووصفه بأنه "مهم جدا جدا". وقال منتوشن متحدثا إلى الصحافيين على هامش اجتماع وزارة المالية وحكام المصارف المركزية لدول مجموعة العشرين في اليابان "إننا في غاية الارتياح للاتفاق الذي توصلنا إليه، وبالتالي، وافق الرئيس على أننا لن نمضي قدما في الرسوم الجمركية على المكسيك". وبعد دقائق من تغريدة ترمب أعلنت الولايات المتحدة والمكسيك في بيان مشترك أن مكسيكو ستتخذ "إجراءات غير مسبوقة" لمكافحة الهجرة غير الشرعية. وجاء في البيان المشترك أن من بين الإجراءات، التي التزمت المكسيك بتنفيذها "نشر حرسها الوطني في عموم أنحاء البلاد ولا سيما عند حدودها الجنوبية"، كما ستستهدف تهريب البشر ومجموعات التهريب عموما. وأضاف أن المكسيك وافقت أيضا على أن تستقبل كل المهاجرين الذين يعبرون أراضيها إلى الولايات المتحدة طلبا للجوء، وذلك بانتظار أن تنظر المحاكم الأمريكية بطلباتهم. وأرسى الاتفاق السياسة الأمريكية، التي أثارت معارضة في كلا البلدين، إذ نص على أن تعيد واشنطن بانتظام طالبي اللجوء الذين يعبرون الحدود، إلى المكسيك التي ستقدم لهم الوظائف والرعاية الصحية والتعليم. وارتفع عدد المهاجرين المحتجزين أو الموقوفين عند الحدود إلى 144 ألفا في أيار (مايو) الماضي، أي ثلاثة أضعاف الرقم المسجل قبل عام. وعلق تشاك شومر رئيس الأقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ بسخرية على تويتر فكتب "الآن وبعد حل الأزمة، أنا متأكد أننا لن نسمع مجددا عنها في المستقبل". وتعد المكسيك واحدة من أهم الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، وكانت على مدى سنوات من بين أكبر المصدرين للولايات المتحدة والمستوردين منها، وخلال الربع الأول من العام الجاري، احتلت المكسيك المركز الأول، متجاوزة الصين وكندا في ذلك. ووفقا لبيانات وزارة التجارة والمجموعات الصناعية، تصدر المكسيك ما قيمته أربعة مليارات دولار من الطماطم والكمثرى للولايات المتحدة، كجزء من صادرات فواكه طازجة وخضراوات تقدر قيمتها بأكثر من عشرة مليارات دولار سنويا. وهناك أيضا السيارات، التي تعد خطوط إنتاجها معقدة، حيث يعبر الإنتاج منها الحدود جيئة وذهابا عدة مرات، قبل أن تكتمل عملية التصدير.
مشاركة :