سليمة لبال – كشفت «لوفيغارو ماغازين» الفرنسية عن توتر العلاقات بين فرنسا وإيطاليا، حتى أن التوتر أوشك على التحول إلى أزمة دبلوماسية خلال الأسابيع الماضية، بسبب جبن البارميزان. تُرى ما قصة هذا التوتر وما علاقته بالجبن الذي تتزين به عادة أطباق الباستا والمعكرونة التي تشتهر بها إيطاليا؟ أثارت وصفة اسباغيتي الكاربونارا بالكريمة الطازجة، التي نشرها موقع Demotivaseur الفرنسي في مارس 2016 توتراً بين فرنسا وإيطاليا، واليوم من المتوقع وفق «لوفيغارو ماغازين» أن يثير جبن البارميزان أزمة بين البلدين، بعد أن نشرت صحف إيطالية أنباء عن اعتزام المجموعة الفرنسية لاكتاليس الاستحواذ على العلامة الإيطالية نيوفا كاستيلي، التي تنتج جبن بارميجيانو ريجيانو. و«نيوفا كاستيلي» هي إحدى أكبر الشركات المصدرة لجبن البارميزان في إيطاليا. ويعتقد الايطاليون أن إتمام الصفقة بمنزلة فضيحة، لذلك وعدت الحكومة الشعبوية بالقيام بكل ما يمكن لمنع عملية الاستحواذ. ووصفت يومية كويرير ديلا سيرا الإيطالية، صفقة البيع المتوقعة بسرقة البارميزان من إيطاليا، وفق ما نشرته صحيفة لوباريزيان الفرنسية. فخر الصناعة الإيطالية وأشارت الصحف الإيطالية إلى أن رقم أعمال مجموعة نيوفا كاستيلي التي تأسست عام 1892 يصل الى 460 مليون يورو، وتوظّف 1000 عامل، بينما تصل أرباحها إلى 37 مليون يورو، وهي متخصصة في صناعة جبن بارميجيانو ريجيانو المعروف باسم البارميزان وجبن الغونغونزولا والموزاريلا. ويملك صندوق الاستثمار البريطاني شارترهاوس 80 في المئة من رأسمال العلامة الإيطالية التي تملك مصانع في فرنسا والمملكة المتحدة والمانيا واسبانيا والبرتغال وبولندا وروسيا والولايات المتحدة. اما مجموعة لاكتاليس الرائدة في انتاج الحليب عالميا، فتسيطر على ثلث سوق الحليب والاجبان في ايطاليا، وتمكنت خلال السنوات الماضية من الاستحواذ على ماركات ايطالية عدة بينها غالباني وأنفارنيزي وكاديرمارتوري وفاليتالا وبارمالات، في حين تمكنت مجموعات فرنسية أخرى من الاستحواذ على علامات فاخرة أخرى كانت ايطالية مثل غوتشي ولورو بيانا وفاندي. حرب على مواقع التواصل وتتصاعد يوماً بعد يوم حدة التلاسن بين الفرنسيين والإيطاليين على خلفية البارميزان، حيث لم يتوانَ الايطاليون عن وصف الفرنسيين بـ«القراصنة» و«لصوص» المطبخ الايطالي، في حين تجند انصار حركة النجوم الخمس للدفاع عن البراميزان. ونقلت صحيفة 20 مينوت عن وزير الزراعة الإيطالي جيان ماركو سونتينياو قوله إن الحكومة الايطالية ستبذل كل ما في وسعها لحماية المنتج الإيطالي من هجمة الشركات المتعددة الجنسيات الاجنبية. وأضاف «البارميجيانو ريجيانو هو احد المنتجات التي تمثل الصناعة الايطالية، إنه مفخرة لنا وما يميز مطبخنا». ما البراميجيانو؟ وقالت الخبيرة الفرنسية أليساندرا بيريني المختصة في الأجبان، التي سبق أن أصدرت كتابا في 2014 عن البارميجيانو، في مقابلة مع «لوفيغارو ماغازين» إن البارميجيانو ريجيانو هو النسخة الاصلية للجبن، وهو أحد أقدم الأجبان في العالم، وتشير الوثائق المتوافرة إلى أن انتاجه يعود إلى العصور الوسطى. ويحافظ البارميجيانو ريجيانو الذي يعرف باسم البارميزان على ذوقه وشكله حتى بعد مرور 3 او اربع سنوات على صناعته. ووفق بيريني، فقد ابتكر رجال الدين تقنية جديدة لانتاج جبن يمكن الاحتفاظ به لمدة طويلة، بسبب كميات الحليب الكبيرة التي كانت تدرها أبقار جبال ايطاليا. ويطلق على الجبن اسم براميجيانو الأصلي بعد مرور 12 شهرا على صناعته، ولا يجري تسويقه الا بعد مرور 20 او 24 شهراً. وتتغذّى الابقار من نوع ريجيانا على التبن والاعشاب الجافة، ولهذا السبب يحتوي جبن الباراميجيانو على كالسيوم اكثر وعدد اقل من الاضافات، كما يمكن لمن يعانون حساسية اللاكتوز تناوله من دون خطر. ويعد دفتر شرط صناعة الباراميجيانو الأكثر صرامة في صناعة الجبن وفق بيريني، حيث يمنع مثلاً استخدام حليب بقرة تخضع لعلاج بالأدوية، واما الحليب المستعمل فيحلب مساءً، ثم يترك طول الليل لتستخلص منه الكريمة في الصباح لصناعة الزبد، في حين يستخدم معلق الحليب في صناعة الجبن، إذ يسخن ثم يصفى في قطع قماش، ليوضع في قالب بلاستيكي ثم خليط من الماء والملح لمدة 20 يوماً، وبعد ذلك يوضع ليجف فوق قطع خشبية. وتعد مدة صناعة الجبن طويلة جداً ما يفسر ارتفاع سعره وحرص الإيطاليين على الحفاظ على تراثهم.