يبدأ رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، زيارة لإيران الأربعاء المقبل، حيث يُتوقع أن يحاول إقناع الرئيس الإيراني، حسن روحاني، والزعماء الإيرانيين الآخرين بالتوصل إلى حل سلمي للتوترات المتصاعدة مع الولايات المتحدة بشأن الاتفاق النووي. وتتمتع اليابان بوضع متفرد بين حلفاء الولايات المتحدة لارتباطها بعلاقات وثيقة طويلة الأمد مع إيران وهو ما يجعل آبي وسيطا مثاليا. وستكون الزيارة التي تستمر ثلاثة أيام الأولى التي يقوم بها رئيس وزراء ياباني منذ 41 عاما. وقال مسؤول في وزارة الخارجية اليابانية “اليابان هي الدولة الوحيدة التي يمكن للجانبين أن يتحدثا معها بصراحة”، مشيرا إلى أن وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، قام بزيارة مفاجئة إلى اليابان في منتصف مايو الماضي قبل زيارة رسمية قام بها دونالد ترامب. وتريد إيران حفظ ماء وجهها قبل الرضوخ للمطالب الأميركية بشأن مفاوضات دون شروط مسبقة وذلك بإدراج برنامجها الباليستي ضمن المباحثات، عبر وساطات دولية تخرجها في ثوب المنتصر على الحزم الأميركي في مواجهة تهديدات الولايات المتحدة. وهاجم وزير الخارجية الإيراني، حلفاء بلاده الأوروبيين، معتبرا أنهم فشلوا في الإيفاء بتعهداتهم الاقتصادية تجاه طهران، ما يعكس أن إيران فقدت أي أمل في دور أوروبي مؤثر يساعدها في مواجهة العقوبات الأميركية. جُل ما يمكن لآبي تحقيقه هو إقناع إيران والولايات المتحدة باستئناف المحادثات المباشرة ربما في دولة ثالثة واعتبر محمد جواد ظريف الأحد، عشية زيارة نظيره الألماني هايكو ماس إلى طهران، أن دول الاتحاد الأوروبي “ليست في وضع يسمح لها بانتقاد إيران”. وقال ظريف لمجموعة من الصحافيين الإيرانيين “من المؤكد أن الأوروبيين ليسوا في وضع يسمح لهم بانتقاد إيران، حتى في القضايا التي لا علاقة لها بالاتفاق النووي الإيراني الذي أبرم في فيينا عام 2015”. وأضاف أن سياسات أوروبا والغرب “لم تكن لها أي نتيجة أخرى في منطقتنا سوى إحداث أضرار”. وتوترت العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران منذ انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من اتفاق نووي مع طهران وافقت بموجبه على الحد من أنشطة برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها. كما لوحت الولايات المتحدة باحتمال المواجهة العسكرية فأرسلت قواتا إضافية إلى المنطقة للتصدي للتهديدات الإيرانية. وخلال زيارة لليابان الشهر الماضي رحب ترامب بمساعدة آبي في التعامل مع إيران وهو ما يسلط الضوء على “العلاقات الطيبة جدا” بين طوكيو وطهران. وقال ترامب في ذلك الحين “أعتقد حقا أن إيران تريد الحوار وإذا كانوا يريدون الحوار فنحن نريد الحوار أيضا”. ومن جانبها تحرص اليابان على استقرار الشرق الأوسط لأنها تستورد معظم احتياجاتها من النفط من المنطقة وإن كانت توقفت عن شراء النفط الإيراني هذا العام بسبب العقوبات الأميركية. وجُل ما يمكن لآبي تحقيقه هو إقناع إيران والولايات المتحدة باستئناف المحادثات المباشرة ربما في دولة ثالثة، فيما يقول خبراء إن الجانبين ربما يسعيان للخروج من المواجهة بطريقة تحفظ ماء الوجه. وذكر مومويا كوندو الباحث في معهد الشرق الأوسط في اليابان أن آبي يمكن على سبيل المثال أن يدعو الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى حضور قمة مجموعة العشرين التي تستضيفها اليابان في نهاية يونيو. وقال كوندو “ينظر إلى اليابان في الشرق الأوسط على أنها دولة تربط الولايات المتحدة ببقية العالم”.ويقول موتوهيرو أونو النائب المعارض والدبلوماسي السابق الذي خدم في عدة دول بالشرق الأوسط إنه إذا تعذر ذلك، يمكن لآبي أن ينقل رسالة من إيران إلى الولايات المتحدة ربما خلال قمة مجموعة العشرين. واليابان ليست طرفا في الاتفاق النووي الإيراني الذي وقعته طهران مع روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة وبالتالي لن يكون آبي قادرا على تناوله بشكل مباشر. ونالت اليابان تأييد روسيا لمحاولة تخفيف التوتر مع إيران عندما عقد وزراء الخارجية والدفاع في البلدين محادثات رباعية في طوكيو الأسبوع الماضي. وارتبطت اليابان في العموم بعلاقات إيجابية مع إيران ترجع إلى نحو 70 عاما محورها النفط. وتوقفت اليابان عن استيراد النفط الإيراني التزاما بمهلة لتفادي التعرض لعقوبات أميركية الشهر الماضي وإن كانت سعت إلى استمرار تدفق الواردات. وقال دبلوماسي أميركي لرويترز مؤخرا إن اليابان تريد أن يظل خيار النفط الإيراني متاحا لحمايتها من احتمال توقف الإمدادات من السعودية أو الإمارات. وليس لدى آبي الكثير ليخسره. فحتى إذا لم يتمكن من تحقيق انفراجة سينظر إليه على أنه زعيم دولي يسعى لتحقيق السلام. وأما إذا نجحت الزيارة فسيكسبه ذلك وضعا جيدا قبل انتخابات مجلس المستشارين (المجلس الأعلى في البرلمان) هذا الصيف وقد يشجعه ذلك على الدعوة إلى إجراء انتخابات عامة مبكرة في نفس الوقت. ولم يحالف آبي النجاح في جهوده للتوصل إلى اتفاق مع روسيا بشأن جزر متنازع عليها أو حل خلاف مع كوريا الشمالية يتعلق بمواطنين يابانيين مخطوفين، وهما قضيتان كان يأمل حسمهما لتعزيز إرثه السياسي.
مشاركة :