كشفت وسائل إعلام أميركية أن الحكومة الصينية استدعت مؤخرا مسؤولين في شركات كبرى للتكنولوجيا لتحذيرهم من عواقب وقف مبيعات تقنياتهم للشركات الصينية. ويبدو أن هذا التحرك يأتي في إطار تلويح بكين بوضع قائمة سوداء للشركات وفرض قيود عليها، ردا على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الشهر الماضي إدراج مجموعة هواوي الصينية للاتصالات على لائحة الشركات المشبوهة التي يحظر بيعها تكنولوجيا. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن الحكومة الصينية استدعت الأسبوع الماضي رؤساء مجموعات عديدة بينها الأميركيتين ديل ومايكروسوفت والكورية الجنوبية سامسونغ لتحذيرهم من أن أي تقليص لنشاطاتها في الصين يمكن أن يؤدي إلى إجراءات انتقامية.وأوضحت أن بكين عقدت اجتماعات مماثلة لشركة أس.كي هاينكس الكورية الجنوبية وشركة آرم البريطانية لتصميم الرقائق الإلكترونية المملوكة لصندوق رؤية سوفتبنك، والتي أوقفت توريد تقنياتها لهواوي الشهر الماضي. وتحبس شركات أميركية كبرى أنفاسها بسبب انكشافها الشديد على الصين، مثل شركة أبل، التي تجمع جميع أجهزتها في الصين. ويظهر حجم المخاوف في انحدار أسهمها بالتزامن مع تصعيد الحرب التجارية. وأوضحت نيويورك تايمز أن بكين أبلغت الشركات الأميركية بأن قرار واشنطن منع تقاسم التكنولوجيا بين شركات أميركية وصينية “أدى إلى اضطراب الشبكة العالمية للإمدادات وأن الشركات التي تطبق تلك السياسة يمكن أن تواجه عواقب”. ونسبت إلى مصدر في مايكروسوفت قوله إن اجتماع الشركة مع المسؤولين الصينيين لم يتضمن تهديدا مباشرا لكنهم أوضحوا للشركة أن الامتثال للحظر الأميركي سيقود على الأرجح إلى تعقيدات لكل أطراف القطاع. وأضاف أن بكين طلبت من مايكروسوفت عدم الاتيان بأي تحرك متسرع ودون دراسة جيدة وذلك قبل فهم الوضع بالكامل، في مؤشر واضح على تهديد مبطن، رغم اللهجة المخففة. ويرى محللون أن الإجراء الأميركي ضد هواوي، والتحركات الصينية المضادة يمثلان تصعيدا خطيرا على حافة الهاوية، ولا يستبعدون التوصل لاتفاق قبل تنفيذ تلك التهديدات، خاصة أن واشنطن أجلت عقوبات هواوي لثلاثة أشهر. ويهدد إجراء واشنطن، الذي استند إلى مزاعم بتهديد هواوي للأمن القومي الأميركي، مستقبل المجموعة الصينية التي تحتاج إلى مكونات وبرامج أميركية الصنع لمنتجاتها. وكانت شركة فيسبوك قد أعلنت يوم الجمعة أنها ستحرم هواوي من تطبيقاتها الرائجة في مجال التواصل الاجتماعي في إطار الالتزام بمنع تصدير التكنولوجيا الأميركية للشركة الصينية.وكانت غوغل قد أعلنت عن تقييد وصول هواوي إلى برنامج التشغيل أندرويد وتطبيقاتها الأساسية، الأمر الذي يهدد بانهيار مبيعات هواتف هواوي الذكية، رغم إعلانها أنها تملك نظام تشغيل بديل يمكن أن تطرحه في الخريف المقبل. وتترقب شركات التكنولوجيا الأميركية بقلق شديد اللائحة الصينية للكيانات الأجنبية “التي لا يعتمد عليها” والتي تهدد استثمارات كبيرة في الصين. ولوحت بكين بأسلحة أخرى مثل الحد من إمدادات المعادن النادرة، التي تعتمد عليها صناعات التكنولوجيا المتقدمة، والتي لا تملك الولايات المتحدة بديلا لها، حيث تأتي 80 بالمئة من وارداتها من الصين. وقال مصدر في شركة تكنولوجيا أميركية استدعت السلطات الأميركية مسؤوليها إن اللهجة كانت “أهدأ كثيرا” من المتوقع. وأضاف رافضا ذكر اسمه أو اسم شركته، أن الاجتماع “لم يأت على ذكر هواوي أو أي تحذير. فقط طلب البقاء في الصين وتأكيد أن المفاوضات مفيدة للطرفين”. وتابع أن “الصين مازالت بحاجة للتكنولوجيا الأميركية وأن تحقيق الاكتفاء الذاتي يستغرق وقتا، ولا يمكن أن يطردونا إلا بعد ذلك”.
مشاركة :