محرر الشؤون الدولية – حذرت إيران، امس، المجموعة الدولية من تداعيات «الحرب الاقتصادية» ضدها، مشيرة الى انه لا يمكن توقع أن يكون الذين أطلقوها «في أمان». جاء ذلك خلال زيارة وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الى طهران لبحث الملف النووي وسط توتر بين الولايات المتحدة والجمهورية الاسلامية، وقبل وصول رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي الى ايران غدا في اطار تنشيط دبلوماسية خلف الكواليس التي تحبذها القيادة الايرانية لخفض التوتر في المنطقة. وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في مؤتمر صحافي مع نظيره الألماني في طهران «لا يمكن التوقع بأن تكون الحرب الاقتصادية جارية ضد الشعب الإيراني فيما يكون الذين أطلقوا هذه الحرب ويدعمونها في أمان». وأضاف أن «التوتر الجديد في المنطقة هو نتيجة الحرب الاقتصادية ضد ايران». من جهته، قال ماس إن بريطانيا وفرنسا وألمانيا متمسكة بالحفاظ على التزاماتها بموجب الاتفاق النووي الإيراني، مضيفا أن من المهم مواصلة الحوار لتجنب التصعيد العسكري. واضاف «نريد أن نفي بالتزاماتنا.. لا يمكننا صنع معجزات لكننا سنحاول تجنب فشل الاتفاق». وقال ماس «الوضع في المنطقة متوتر للغاية وخطير بشدة.. أي تصعيد خطير للتوترات القائمة يمكن أن يؤدي لتصعيد عسكري». وكان ماس حض في وقت سابق ايران على احترام الاتفاق النووي المبرم بينها وبين القوى الكبرى وعلى «الحفاظ على الحوار» مع أوروبا. ومنذ الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، لا تزال ألمانيا إلى جانب فرنسا والمملكة المتحدة وروسيا والصين، واحدة من الدول الأطراف في هذا الاتفاق. وبموجب بنود الاتفاق، تعهدت إيران بعدم السعي لحيازة القنبلة الذرية، ووافقت على تقليص برنامجها النووي بشكل كبير، مقابل رفع جزء من العقوبات الاقتصادية الدولية التي تخنق اقتصادها. «التزامات» لكن بعد انسحاب واشنطن، هددت إيران في مايو بالخروج تدريجيا من هذا الاتفاق ما لم يساعدها شركاؤها، لاسيما الأوروبيون منهم، في الالتفاف على العقوبات الأميركية. وأمهلت الجمهورية الإسلامية الأوروبيين والصينيين والروس شهرين «لتفعيل التزاماتهم، خصوصاً في قطاعي النفط والمصارف». وتجعل العقوبات الأميركية عمليا أبسط معاملة دولية مع مصرف إيراني مستحيلةً، وتهدف تدابير اتخذتها واشنطن مؤخراً إلى منع إيران نهائياً من تصدير نفطها الذي يعدّ أول مصدر لإيرادات الدولة. وفي حال لم تحصل إيران على استجابة مرضية من جانب شركائها بحلول الثامن من يوليو، هدّدت إيران بوقف بعض التزاماتها ضمن الاتفاق بشأن «مستوى تخصيب اليورانيوم» وباستئناف مشروعها بناء مفاعل للمياه الثقيلة في آراك (وسط) الذي أوقف العمل به تطبيقاً لاتفاق فيينا». وفي حين أن الشركات الأوروبية الكبيرة مُنعت من إقامة أدنى علاقة تجارية مع إيران جراء الطابع العابر للحدود للعقوبات الأميركية، بدا الاتحاد الأوروبي حتى الآن عاجزاً عن جعل إيران تستفيد من المنافع الاقتصادية التي كانت تتوقع الحصول عليها بموجب الاتفاق. وأطلقت باريس وبرلين ولندن في مطلع العام «أداة دعم المبادلات التجارية» (انستكس) تهدف إلى الالتفاف على العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على ايران، إلا أنها لم تُستتبع بأي تعامل ملموس حتى الآن. واعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي أن الأوروبيين «لم يرغبوا أو لم يتمكنوا من الوفاء بالتزاماتهم، وهو أمر مؤسف للغاية». رئيس الوزراء الياباني ويتوجه رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي الى ايران هذا الاسبوع في مهمة دبلوماسية حساسة يأمل خلالها أن يقوم بوساطة لخفض التوتر بين ايران والولايات المتحدة. وسيلتقي الرئيس الايراني حسن روحاني والمرشد الاعلى علي خامنئي. لكن مسؤولين حكوميين أوضحوا ان آبي لا يزور طهران حاملا لائحة مطالب او رسالة من واشنطن، وانما الفكرة هي تقديم اليابان كجانب محايد يمكن للطرفين الحديث اليه. ويقول محللون ايرانيون ان هناك حالة نادرة من الاجماع داخل ايران بين مختلف التيارات السياسية على «عدم جدوى المفاوضات في الظروف الحالية»، وعليه من غير المتوقع أن يجامل الإيرانيون الزائر الياباني في قضية بهذه الحساسية. فالمطالب الإيرانية بحسب المحللون لا تنحصر في نفي واشنطن عزمها على إسقاط النظام أو شن حرب ضده، أو إسقاط شروط وزير الخارجية الأميركي بومبيو الاثني عشر ، بل تجب عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي وتعهداتها الملتزمة بها، ورفع العقوبات المفروضة على إيران، وتعويضها عن الخسائر التي ترتبت عليها، والاعتذار للشعب الإيراني. ويتفق معظم المحللين الإيرانيين على استبعاد نجاح وساطة شينزو آبي أو غيره، لكنهم يبدون استعدادهم لسماع ما يعرضه الوسطاء، لتظهر إيران دولة تتعامل بدبلوماسية، ولكن وفقا لشروطها وليس الشروط الأميركية. وبالعموم تفضل السياسة الخارجية الإيرانية الدبلوماسية خلف الكواليس على الدبلوماسية المعلنة، ولا تعلن خطواتها الدبلوماسية إلا بعد أن تضمن نجاح المفاوضات السرية. تعزيزات عسكرية في غضون ذلك، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن قائد القوات المركزية الأميركية في الشرق الأوسط، فرانك ماكنزي، قد يوصي بعودة الوجود الأميركي العسكري المكثف إلى منطقة الشرق الأوسط. وقال قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط إنه خلص إلى أن نشر حاملة الطائرات أبراهام لينكولن في شمال بحر العرب وغيرها من المعدات ساعد في تقليص الإيرانية التهديدات. وعلى متن حاملة الطائرات إبراهام لينكولن نقلت وكالة أسوشيتدبرس عن ماكنزي قوله: «لو لم تكن الولايات المتحدة قد عززت مؤخرا وجودها العسكري لكان هجوم قد وقع الآن». ونقلت وول ستريت جورنال عن الجنرال ماكنزي، أن التعزيز السريع للولايات المتحدة في الوقت الراهن قد عمل على تقليص التهديد الإيراني، لكنه عاد ليقول إن المخاطر التي تشكلها طهران لا تزال حقيقية، وقد يكون الهجوم وشيكا. ويفكر الجنرال ماكنزي في توسيع القدرات العسكرية لضمان امتلاك الولايات المتحدة قوة ردع «موثوقة وطويلة الأجل في المنطقة». وستكون مثل هذه الخطوة بمنزلة انعكاس كبير في الموقف العسكري الأميركي، الذي ابتعد عن الشرق الأوسط في إطار استراتيجية الأمن القومي لإدارة ترامب التي تولي اهتماما بالمخاطر الناتجة عن التنافس مع روسيا والصين. وفي هذا الإطار أشار الجنرال ماكنزي وآخرون إلى أنه بينما يدعمون استراتيجية الدفاع الوطني، فإن التهديد الذي تشكله إيران قد يستحق تعديلات، وفق ما نقلت وول ستريت جورنال.
مشاركة :