غطرسة فريدمان.. غطرسة «الصفقة»

  • 6/11/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

د. حسن مدن هناك من لا يزال يسأل عن ملامح ما أطلق عليه الأمريكان و«الإسرائيليون» أنفسهم «صفقة القرن»، كأن هذه الملامح في طي الكتمان بعد. هل هناك ما هو أشد خطورة وفظاعة من الملامح التي أُفصح عنها، واحداً وراء الآخر: نقل السفارة الأمريكية للقدس في تعبير صريح عن أن لا مكان، حسب الصفقة، لفكرة أن تكون عاصمة الدولة الفلسطينية، ليس فقط كما يطمح الفلسطينيون ويناضلون من أجله، وإنما وفق الشرعية الدولية أيضاً. تلا ذلك إعلان إدارة ترامب اعتبار ضم هضبة الجولان السورية المحتلة «شرعياً»، وأن الهضبة وفق هذا «التفويض» باتت جزءاً من دولة الاحتلال، ومرة أخرى على الضد من إرادة السوريين، وفي مقدمتهم سكان الهضبة أنفسهم، وضد الشرعية الدولية. وما كان قيد التسريب الإعلامي ربما لاختبار ردود الفعل حول وضع الضفة الغربية، أعلن على لسان السفير الأمريكي في «إسرائيل» ديفيد فريدمان، الذي تحار هل هو سفير لبلاده في دولة الاحتلال، أو الناطق الرسمي باسم حكومة بنيامين نتنياهو، حين منح «إسرائيل» صكاً بحقها في ضم المستوطنات الصهيونية في الضفة إليها. لا حاجة هنا للتذكير بحقيقة أن سرطان الاستيطان استولى على أراضٍ شاسعة جداً من الضفة الغربية، وبات عدد سكان المستوطنات يقدر بالملايين، وبالتالي فإن الحديث عن ضم جزء من أراضي الضفة ليس إلا تمويهاً على الهدف الذي ستأتي لحظة التصريح به سواء من فريدمان نفسه أو من نتنياهو أو أي رئيس آخر للحكومة «الإسرائيلية» أو حتى من دونالد ترامب نفسه، وهو اعتبار الضفة كاملة جزءاً من دولة الاحتلال. سيقول قائل: ما خفي من «الصفقة» لا يزال أعظم. ويمكننا الموافقة على هذا القول إذا لم تكن غايته التقليل من خطورة وفظاعة ما أعلن عنه حتى الآن، واتخذت، أو ستتخذ في القريب، إجراءات تنفيذه، كفرض القدس عاصمة لدولة الاحتلال، والإجهاز على فكرة قيام دولة فلسطينية مستقلة وكاملة السيادة، وجعل الاحتلال الصهيوني للجولان أمراً واقعاً، وأخيراً التصريح بما كان يجري العمل في سبيله خلال سنوات بضم الضفة الغربية من خلال سياسة الاستيطان، التي قطعت أوصال الضفة، وجعلت من المتعذر الحديث عن أي شكل من أشكال الإدارة الفلسطينية لها، ناهيك عن إقامة الدولة. غطرسة فريدمان هذه هي التعبير الجلي عما تتضمنه «صفقة القرن» المشؤومة من غطرسة، تتجاوز كل الخطوط الحمر، وتستبيح كل الحقوق الشرعية والإنسانية، للشعب الفلسطيني، مستغلة حال الضعف والهوان العربية الراهنة. madanbahrain@gmail.com

مشاركة :