السكان الأصليون لقارتي أوروبا وآسيا منحدرون من الجزيرة العربية

  • 6/11/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الجزيرة العربية شهدت أحداثاً تاريخية مما أكسب شعبها خبرات في التجارة والسياسة وإدارة العلاقات الدولية في ورقة علمية وصفت بالمثيرة والتي تكشف عن حقائق لأول مرة، يرى صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للفضاء أن الإسلام والإنسانية بدأا في الجزيرة العربية، وهو ما يؤكد أنها أرض ذات تاريخ عريق وأثرت بشكل كبير في التاريخ الإنساني؛ لأن الإسلام أراد الله تعالى له أن لا ينشأ في أرض فارغة من الحضارة والمعرفة والقيم الأخلاقية الأصيلة. وكشف سموه في ورقة علمية سطرها منذ سنوات، أن السكان الأصليين لقارتي أوروبا وآسيا منحدرون أصلاً من الجزيرة العربية، مما عزز أنها لم تكن يوماً أمة طارئة على التاريخ، ولا حديثة عهد بنعمة، أو أن أهميتنا تقتصر على ما حباها الله بها من مقومات اقتصادية. وأوضح أن اختيار الجزيرة العربية مهبطاً للوحي ومهداً لرسالة التوحيد المتمثلة في الإسلام الذي نزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم خَاتِم الأديان السماوية، ما هو إلاّ امتداد لذلك التدبير الإلهي، وأن مسار الحضارة في الجزيرة العربية مرتبط بهذا الموضوع الأهم في تاريخها، معتقداً أن كل ما وقع على أرضها من تغيرات وأحداث دينية وحضارية وإنسانية كانت -والعلم عند الله- بمثابة مقدمات وبشائر هيأت وأفضت إلى بزوغ شمس الإسلام من هذه الأرض المباركة، ومشدداً على أن العناية والاهتمام بآثار الحضارات الإنسانية على أرض الجزيرة العربية والمحافظة عليها تُعَدّ في نظره من باب العناية بتاريخ الأرض التي ولد فيها الدين الإسلامي، والحضارة العربية، في مكان قدرّ الله أن يكون مهيَّئاً عبر مراحل تاريخية متعاقبة ليشهد انطلاقة الإسلام ديناً للبشرية جمعاء، وفي لحظة تاريخية مقدرة منذ الأزل. جيلٍ واع وشدّد الأمير سلطان بن سلمان في ورقته التي وثق حيثياتها من خلال تواصله مع علماء ومختصين على امتداد العالم، على أن أرض الجزيرة العربية تقاطعت عليها طرق التجارة والتقت الحضارات عليها، وأشرقت أنوار الإسلام منها، وعلى امتداد التاريخ كان لسكان هذه المنطقة سمات أخلاقية وقيمية جعلت منهم مؤثراً في التاريخ وجزءاً مهماً من الحراك الإنساني، محذراً من خطورة تفريغ المواطن العربي من انتمائه لعقيدته وعروبته، وقيمه وارتباطه بتاريخه وحضارته وأرضه، وأن المحافظة على الأوطان لا تنحصر في بناء الأمن والدفاع عنه، بل تتجاوز ذلك إلى تنشئة جيلٍ واعٍ مثقف، يقف على أرض يعرف تاريخها، ويقدر موقعها الحضاري بين الأمم، ومكانتها في الحراك الإنساني العالمي، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، ويعرف وطنه ويعتز به، وكيف تحققت مكتسباته الوطنية والإنسانية، وأهمية المحافظة عليها وحمايتها والدفاع عنها كمنجزٍ تاريخيٍ تعاقبت. حضارة التوحيد وتطرق الأمير سلطان في ورقته بتعمق كبير حول بداية الإسلام، مبيناً بأن ما ورد في بعض المصادر الإسلامية بأن آدم عليه السلام عندما أهبطه الله إلى الأرض التقى بزوجته حواء قرب مكة، يدل على قدم تلك الأماكن، وأنها شهدت بواكير ديانة الأمة الموحِدة، مستشهداً بقول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: "إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ"، منوهاً بما ذكره بعض المفسرين أن إبراهيم عليه السلام عندما أمره الله بالتوجه إلى مكة في رحلته الثانية في القرن الثامن عشر قبل الميلاد، قام بإعادة بناء الكعبة، وأن قواعدها كانت مدفونة في ربوة صغيرة تتوسط الوادي، وأن بناءها ابتداءً كان في زمن سابق لإبراهيم عليه السلام، والدليل على ذلك قوله تعالى في القرآن الكريم عن إبراهيم عليه السلام: "رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ". وأشار سموه إلى أن سيدنا إبراهيم عليه السلام أسكن أهله "عند" البيت المحرم قبل رفع القواعد، ورحل عنهم بأمر من الله تعالى، ثم عاد إليهم بعد عقود وقد شب ابنه إسماعيل عليه السلام، حيث قال تعالى: "وَإِذْ يَرْفَع إبْرَاهِيم الْقَوَاعِد مِنْ الْبَيْت وإسماعيل"، ما يدل على أن موقع البيت أو قواعده كانت معروفة وموجودة قبل سيدنا إبراهيم، وأنه عليه السلام وابنه إسماعيل هما من رفع القواعد إلى المستوى الذي بُنيت عليه الكعبة في زمانهم، ومع إعادة بناء الكعبة أعاد إبراهيم عليه السلام بناء الحضارة في الجزيرة العربية على قواعد التوحيد، فبعد زوال حضارة عاد ثم حضارة ثمود من جزيرة العرب خلال الألف الثالث قبل الميلاد، بعث الله إبراهيم عليه السلام بعد فترة من الزمن ليعيد بناء حضارة التوحيد في الجزيرة العربية انطلاقاً من مكة المكرمة. كامل الجزيرة وأكد الأمير سلطان على أن دعوة إبراهيم عليه السلام لربه بتوفير الأمن والرخاء لسكان المكان الذي بنيت فيه الكعبة المشرفة، ونزل فيه القرآن الكريم، لم تكن خاصة بمكة المكرمة وحدها في غالب الظن -والله أعلم- وإنما شملت كامل الجزيرة العربية وما حولها كوحدة جغرافية وبشرية سَخَّرها الله لخدمة الحرمين الشريفين، واستقبال الإسلام والانطلاق به إلى أرجاء الدنيا، ولم تكن مقصورة على عصره، بل هي ممتدة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، خاصةً وأن سيدنا إبراهيم عليه السلام دعا إلى التوحيد قبل ذلك في بلاد الرافدين وبلاد الشام ومصر فشملت بذلك دعوته جميع المناطق التي انطلقت منها الحضارة الإنسانية في الشرق الأدنى القديم، كما كان عليه السلام إماماً لكل الناس في تلك المناطق، مستشهداً بقوله تعالى: "وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا". وأشار إلى إن مكة المكرمة عندما قدم إليها إبراهيم عليه السلام لإعادة بناء الكعبة، كانت وادٍ غير ذي زرع، غير أنها في العصور السابقة للتصحر الأخير قبل سبعة آلالف سنة تقريباً كانت جزءاً من الجزيرة العربية الخضراء، حيث تؤكد نتائج الأبحاث الأثرية وجود استيطان بشري كثيف حول مكة المكرمة في العصر الحجري القديم والعصر الحجري الحديث، فالبيت الحرام -أول بيت وضع للناس في الأرض-، وبعد أن أعاد إبراهيم عليه السلام بناء البيت الحرام بأمر من الله تعالى، دعا الله أن يعيد الحياة واستقرار البشر والحضارة والأمن لهذا المكان، فإبراهيم عليه السلام بعثه الله لإعادة الحياة وبناء الحضارة في الجزيرة العربية على قواعد التوحيد. استيطان حضاري وأوضح الأمير سلطان أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، بما أنه خاتم النبيين، فإن الدين الذي جاء به هو خلاصة الأديان السماوية التي أُنْزِلتْ على الرسل عليهم الصلاة والسلام ليشمل عموم البشرية، وعلى مختلف الأزمان، قال تعالى: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ"، مشيراً إلى أن وجود أول بيت لعبادة الله في الأرض في مكة المكرمة قلب جزيرة العرب، وأن يخرج الإسلام من مكة المكرمة، رغم أنه بين الحدثين أزمانٌ وعصور ليس مجرد مصادفة، فالله سبحانه وتعالى يقول: "وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ"، ولعل الله سبحانه وتعالى أراد بذلك لرسالة الإسلام أن تكتمل حيث بدأت. وذكر الأمير سلطان أن الدراسات الأثرية لعصور ما قبل التاريخ في الجزيرة العربية انطلقت متأخرة، فقد سبقتها أبحاث أثرية في شرق أفريقيا ومناطق أخرى من العالم، ومع أنها حديثة نسبياً في المملكة العربية السعودية، فإن نتائج الأبحاث والمسوحات الأثرية التي قام ويقوم بها مختصو قطاع الآثار والمتاحف بالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في المملكة تشير إلى وجود استيطان حضاري بشري في مواقع عدة في المملكة، يعود تاريخ بعضها إلى فترة العصر الحجري القديم، وهناك مواقع عدة حول مكة المكرمة من فترة العصر الحجري القديم، والعصر الحجري الحديث بفتراته المتعددة، تغطي الفترة الزمنية الممتدة من 350 ألف سنة، وحتى سبعة آلاف سنة قبل الوقت الحاضر، وهو ما يثبت أن الجزيرة العربية كانت مأهولة بالجماعات البشرية منذ فترات حضارية مبكرة، تبعاً للأدلة الأثرية المستكشفة حتى الآن، والمزيد قادم لا محالة، والله أعلم. مهارات وخبرات وأشار الأمير سلطان في خاتمة ورقته إلى أن هذا البحث نبع من منطق أن الإسلام جاء ليؤكد ويجدد التوحيد لله تعالى، وأنه دين البشرية وخاتم الأديان السماوية، وأن الله اختار أرض الجزيرة العربية وشعبها لحمل هذه الرسالة السامية، خاصةً وأنها شهدت أحداثاً مهمة عبر أطوار التاريخ، وتعاقبت عليها الحضارات، مما أكسب شعبها مهارات وخبرات متوارثة ومتجددة في الأدب والفنون والعلوم، وفي التجارة والسياسة والحرب، وإدارة العلاقات الدولية، مما يؤكد أن سكان هذه المنطقة الاستراتيجية من العالم يعيشون على أرض كرمها الله بالإسلام، وكُلِّف شعبها برسالة سامية ومسؤولية جسيمة، مكنهم في الأرض، ليكون لهم مكانة بين الأمم ودور رائد في مستقبل البشرية، كاشفاً أنه على الرغم من جاهزية هذه الورقة منذ مدة من الزمن، إلاّ أن نشرها في هذا التوقيت بعد أن راجعها عدد من المتخصصين. الأمير سلطان بن سلمان يرى أن الاهتمام بالآثار يُعَدّ من باب العناية بتاريخ الأرض الجزيرة العربية أرض ذات عراقة وأثّرت في التاريخ الإنساني

مشاركة :