هاجمت صحف إيرانية محافظة، الثلاثاء، موقف الاتحاد الأوروبي من اتفاق العام 2015 النووي الذي انسحبت منه واشنطن، واتهمت وزير الخارجية الألماني هايكو ماس بإظهار مزيج من العجز والغطرسة خلال المحادثات التي أجراها في طهران أول أمس. ومنذ انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق في مايو العام الماضي، أكد الاتحاد الأوروبي مراراً على التزامه بالاتفاق وتعهد بمكافأة إيران على امتثالها له عبر تخفيف العقوبات المفروضة عليها كما ينص الاتفاق. وتسبب فشل الاتحاد الأوروبي في إيجاد آلية فعّالة تسمح لشركاته بمواصلة التعامل تجاريًا مع الجمهورية الإسلامية عقب إعادة فرض العقوبات الأميركية، بخيبة أمل متزايدة بالنسبة لطهران. وأثارت انتقادات الاتحاد الأوروبي الشديدة الشهر الماضي لقرار إيران الرد عبر إعلانها عن نيتها التخلي عن بعض التزاماتها الواردة في الاتفاق المزيد من الغضب في الجمهورية الإسلامية. ونشرت صحيفة “غوان” الإيرانية المحافظة المتشددة على صفحتها الأولى رسما كاريكاتيريا يظهر ماس مرتديا ربطة يد عليها صليب معكوف وشارب كشارب هتلر وهو يؤدي التحية النازية. وأرفقت الرسم بمقال جاء فيه “تتجلى رواسب النازية والفاشية العفنة في روح أوروبا الأضعف في التاريخ”. وأضافت أن الاتحاد الأوروبي “أرسل مندوبه إلى إيران ليقول إنه لا يمكن لأوروبا أن تطبق أي شيء دون الموافقة الأميركية لكن لا يمكنها كذلك القبول برفض إيران تطبيق بعض التزاماتها”. وذكّرت صحيفة “كيهان” المحافظة كذلك بتورط شركات ألمانية في تقديم مواد استخدمها نظام الرئيس العراقي السابق صدّام حسين لتطوير أسلحة دمار شامل استخدمت في الحرب بين إيران والعراق (1980-88)، وفق الصحيفة. وقالت “كان على ألمانيا بصفتها واحدة من أبرز مزودي صدّام بأسلحة الدمار الشامل أن تعتذر لإيران وتعيد النظر في سياستها بدلاً من التعبير عن قلقها حيال قدرات إيران الدفاعية”. ومنذ العام 2015، واصلت إيران تطوير واختبار صواريخ باليستية تصر على أن هدفها دفاعي بحت ولا تخالف بنود الاتفاق النووي، لكن الاتحاد الأوروبي كرر الانتقادات الأميركية للاختبارات ودعا إيران لضبط النفس. أما صحيفة “رسالت” المحافظة فسخرت من تعهدات أوروبا المتكررة بإنقاذ الاتفاق النووي مشيرة إلى أنه “لا يمكن للعاجزين تحقيق المعجزات”. واشنطن تهدف بشكل أساسي إلى إنهاء دعم إيران للإرهاب والميليشيات الحليفة لها في المنطقة، وفرض قيود على برامجها الصاروخية واختتم وزير الخارجية الألماني هايكو ماس محادثاته مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف الاثنين في طهران، دون التوصل إلى نتائج محددة في إطار مساعي الحفاظ على الاتفاق النووي. ودون عروض جديدة لضمان فوائد اقتصادية لإيران تمكنها من الالتفاف على العقوبات الأميركية. ووعد ماس نظيره الإيراني باستمرار عمل ألمانيا على الإيفاء بالتزاماتها في الاتفاق النووي المثير للجدل، وقال “لن نصنع المعجزات هنا، لكن سنسعى بكل قوتنا لبذل كافة الجهود لتجنب الإخفاق”. وذكر ظريف أنه دون إنهاء العقوبات الأميركية لا يمكن أن يكون هناك حل، وقال “كل التوترات الحالية في المنطقة تعود إلى الحرب الاقتصادية للسيد دونالد ترامب ضد إيران”، مطالبا ألمانيا وباقي الشركاء الآخرين في الاتفاق النووي بالعمل من أجل تحقيق هذا الهدف. وترفض إيران الى حد الآن التفاوض مع الولايات المتحدة بشأن اتفاق نووي جديد يتضمن برنامجها الصاروخي الباليستي الذي تعتبره واشنطن مزعزعا لاستقرار المنطقة، لكن تقارير غريبة ترجح أن تذعن طهران في نهاية المطاف للمطالب الأميركية تحت وطأة قسوة العقوبات. ورجّح تقرير أميركي أن تقبل إيران التفاوض مع الولايات المتحدة بشأن اتفاق نووي جديد، في ظل تعرضها لعقوبات أثّرت بشكل كبير على اقتصادها، فيما عجزت أوروبا حتى الآن عن مساعدة طهران في الالتفاف على العقوبات الأميركية. ويرى مسؤولون أميركيون أن “إدارة الرئيس دونالد ترامب تفضل حلا سياسيا مع طهران على أساس أن التجارب السابقة أظهرت أن الدخول في حرب أسهل بكثير من الخروج منها، فالحرب ستكون باهظة الثمن للطرفين”. وقالت مصادر دبلوماسية إن “واشنطن تهدف بشكل أساسي إلى إنهاء دعم إيران للإرهاب والميليشيات الحليفة لها في المنطقة، وفرض قيود على برامجها الصاروخية، والتفاوض بشأن اتفاق نووي جديد يحل مكان اتفاق عام 2015 الموقع بين طهران و6 دول كبرى، والذي انسحب منه ترامب العام الماضي”.
مشاركة :