قال تقرير لمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) حول أفضل السياسات لإدارة منظومة الطاقة، إن طفرة المعروض النفطي القادمة من أمريكا الشمالية تثير كثيرا من القلق والمخاوف على البيئة في كل دول العالم، ما دفع الإدارة الأمريكية إلى تكثيف الجهود للسيطرة على التلوث الناتج عن أنشطة الإنتاج الجديد. وأشار التقرير إلى أن التوسع في إنتاج النفط الصخري الضيق وسوائل الغاز الطبيعي غير التقليدية والغاز الصخري يثير حاليا قلق المجتمع الدولي بسبب اعتماد هذه المصادر على التكسير الهيدروليكي لأن له عديدا من التأثيرات المحتملة السلبية على الأراضي والموارد المائية، ونوعية الهواء وكذلك المجتمعات السكانية وملاك الأراضي بشكل عام. وأضاف التقرير أن كثيرا من الدول الكبرى المنتجة لهذا النوع من الخام تقوم بعملية مراجعة واسعة للقوانين واللوائح المنظمة لإنتاج النفط والغاز من أجل الرد على هذه المخاوف البيئية. وأشار التقرير إلى أن الضوابط البيئية التي تضيق على عملية إنتاج النفط والغاز من المصادر غير التقليدية لن تؤثر في المرحلة الراهنة على مستويات إنتاج النفط والغاز في أمريكا الشمالية ولن تؤدي إلى تراجع حاد في هذا الإنتاج سواء على مستوى النفط والغاز الصخريين أو سوائل الغاز الطبيعي بما يعني استمرار تدفقات الإنتاج من الولايات المتحدة وكندا ومساهمتهم الكبيرة في إمدادات الطاقة في العالم. وأكد التقرير أن استمرار تطور خطوط الأنابيب في الولايات المتحدة وكندا حيث تعددت شبكات خطوط الأنابيب الواسعة إلى جانب وجود خيارات بديلة جيدة مثل منظومة السكك الحديدية المتطورة وهو ما يعني أن البنية التحتية للنقل تساعد على استمرار الإنتاج ونموه في أمريكا الشمالية. وبحسب التقرير فإن الجدل ما زال مثارا في الولايات المتحدة حول إمكانية انهاء حظر تصدير النفط الخام الأمريكي إلى الخارج وهو الأمر الذي يمكن أن يؤثر كثيرا في السوق حيث سيكون للصادرات الأمريكية تأثير واسع على أسعار الطاقة المحلية وعلى تجارة النفط العالمية. وقال التقرير إن جميع الدول المنتجة وأيضا المستهلكة مطالبة بمراجعة مستمرة لأثر سياسات الطاقة التي تتبناها في التنمية واختيار أفضل المناهج الدولية مع ضرورة تحديث هذه السياسات بشكل مستمر كل عام، مضيفاً أن هناك ضرورة مهمة لرصد المتغيرات والسياسات الجديدة وإعادة تقييم التأثير الناتج عنها وتبني سياسات في مجال الطاقة تعتمد على المرونة خاصة ما يتعلق بالخطط طويلة المدى. وشدد التقرير على أهمية العمل على الحد من نشاطات المضاربة ودراسة أثر المتغيرات السياسية وأفضل السيناريوهات للتعامل مع هذه المتغيرات مع تبني سياسات جديدة تهدف دوما إلى تحسين الكفاءة في استخدامات الطاقة على المدى الطويل بالاستفادة من التطورات التكنولوجية المتلاحقة واستبعاد السياسات غير الفعالة في إدارة أنظمة الطاقة. ولفت التقرير إلى أنه في الولايات المتحدة قرر الرئيس باراك أوباما في شباط (فبراير) عام 2014 بدء مرحلة جديدة من منظومة اعتماد الشركات الضخمة على تقليل متوسط استهلاك الوقود وفق معايير اقتصادية جديدة وهذا المشروع سيكتمل في الربع الأول من عام 2016. وأشار إلى توسع الولايات المتحدة في الاعتماد على سياسات الكفاءة في استخدام الطاقة منذ عام 2011 حين أصدرت الحكومة الأمريكية اللائحة النهائية لغازات الاحتباس الحراري (غازات الدفيئة). وأوضح أن الضوابط الأمريكية تعمل على الحد من الانبعاثات الناتجة من استخدامات الطاقة بأشكالها المختلفة إلى جانب زيادة معايير الكفاءة في استهلاك الوقود على المديين المتوسط والبعيد مع تفعيل ضوابط حماية البيئة وضمان الانبعاثات النظيفة للمركبات الخفيفة وفق نموذج أعدته للعمل في هذا المجال على مدار أربع سنوات من عام 2014 إلى عام 2018. ومن جانبه، يقول لـ"الاقتصادية"، أوسكار آنديسنر مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية، أن تبنى سياسات رشيدة في إدارة منظومة الطاقة أمر عاجل لكل دول العالم لأن كفاءة استخدام الطاقة تعتبر عنصرا رئيسا في التنمية الصناعية والاقتصادية بشكل عام. وأضاف آنديسنر أن الحفاظ على البيئة أصبح أمراً لا يحتمل النقاش بسبب التغييرات المناخية المهمة التي تهدد سكان العالم، مشيرا إلى أن النفط الخام مصدر رئيس ومهم للطاقة وسيظل محوراً للتنمية لسنوات طويلة، ولكن يجب أن نستعين بالتكنولوجيا المتطورة للوصول إلى أفضل مستويات الكفاءة في الأداء بما يوازن بين التنمية والحفاظ على البيئة. وأوضح لـ"الاقتصادية"، أحمد الصادي المختص النفطي، أن طفرة الإنتاج الصخري والعديد من مصادر الطاقة غير التقليدية حملت الكثير من التهديدات للبيئة ومن ثم يجب سرعة معالجتها خاصة المتعلقة بتكسير الصخور وتهديد القشرة الأرضية. وأضاف الصادي أن اللهث وراء زيادة المعروض لتلبية احتياجات الطفرة الصناعية في الولايات المتحدة ولمواجهة المنافسة مع الإنتاج الصناعي الأسيوي لا بد ألا يمنع الأمريكيين عن تقييم أخطار الإنتاج الجديد، خاصة فيما يتعلق بالبيئة كما أنه إنتاج عالي التكلفة ومن الصعب استمراره في ضوء استمرار انخفاض أسعار النفط العالمية. وفيما يخص الأسعار، هبطت العقود الآجلة للنفط أمس وسط تكهنات بالتوصل إلى اتفاق في اللحظات الأخيرة حول برنامج إيران النووي وهو ما يتيح لطهران ضخ مزيد من الخام في الأسواق العالمية. وبحسب "رويترز"، فقد تم تمديد المحادثات بين إيران وست قوى عالمية لتسوية النزاع حول برنامج طهران النووي بعد انقضاء الموعد النهائي المقرر أمس الأول مع اقتراب الطرفين من التوصل إلى اتفاق لكن لا تزال هناك خلافات حول تفاصيل مهمة ومن بينها رفع عقوبات الأمم المتحدة. وقال وزير الخارجية الصيني وانج يي إنه تحقق "تقدم ملموس بشأن قضايا محورية" في المحادثات مع إيران، وذكر سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي أنه تم التوصل إلى اتفاق أولي يشمل جميع الجوانب الرئيسة لكن دبلوماسيا نفى في وقت لاحق التوصل إلى اتفاق طالبا عدم الكشف عن هويته. وانخفض خام القياس العالمي مزيج برنت تسليم أيار (مايو) 31 سنتا إلى 54.80 دولار للبرميل بعدما تراجع 1.18 دولار عند التسوية أمس. وهبط العقد ثمانية في المائة على مدى الأسبوع السابق وسط توقعات باتفاق نووي، وتراجع الخام الأمريكي تسليم أيار (مايو) 33 سنتا إلى 47.27 دولار للبرميل بعدما هبط 1.08 دولار عند التسوية.
مشاركة :