تعيش الأسرة التي يقع الطلاق بين طرفيها أزمة حقيقية، فعلى الرغم من أن الأطفال هم المتأثرون الأكثر أهمية في القضية، يبقى الطليقان ضحيتين لحالة عدم الثقة ومحاولات الإساءة للطرف الآخر. الاعتقاد أن أيا من طرفي الطلاق منتصر باطل في أساسه، فكلا الطرفين خاسر. هما في واقع الأمر فشلا في احتواء الاختلاف الذي يميز كل بيئات وبيوت العالم. ولو أنني ألقي باللائمة في أغلب حالات الطلاق على الرجل، إلا أن المرأة شريك في العملية وعليها من الوزر كم كبير بسبب عدم قدرتها على الوصول إلى اتفاق أو محاولة تصحيح وضع سيئ، خصوصا أن أغلب فتياتنا اليوم متعلمات وعلى درجة عالية من الثقافة. المعاناة النفسية والاجتماعية التي يتعرض لها الأطفال وهم يعبرون سنوات حياتهم تزداد عندما يسود العناد ورفض الآخر بين الأب والأم. ليس هناك أسوأ من أن يشعر الطفل بأن أبويه يكرهان بعضهما، بل إن الضغوط التي يمارسها كل طرف على الطفل لإثبات أن الطفل يميل إليه أكثر، يمكن أن تشكل شخصية غير سوية، تعيش على الكذب لتحقيق المآرب. أسوأ من هذا وذاك أن يرى الطفل أبويه في المحاكم يتبادلان التهم ويلقي كل منهما باللائمة على الآخر، لتتحول حياة الطفل إلى جحيم وهو يكتشف أن القضية التي يتنازع عليها أبواه هي الإنفاق على احتياجاته اليومية، وهي من مسؤولية الأب التي لا جدال فيها. كان الوضع لسنين خلت مزريا. فقد عانت الأمهات ــ وما زال بعضهن يعانين ــ هذه الإشكالية التي كانت الغلبة فيها دوما للرجل الذي يميل معه بعض مسؤولي المحاكم، أو تميل معه إجراءات المقاضاة الطويلة التي يفصل بين كل جلستين منها دهر، ومسافة لا تستطيع بعض الزوجات أن يقطعنها دون عناء ومساءلات وكلام من هنا وهناك. لهذا بقدر ما استغربت مبلغ النفقة الذي قررته إحدى المحاكم على زوج لمصلحة طفلته، وهو لا يتجاوز 400 ريال، ولا أعلم ما يمكن أن تفعله 400 ريال في هذا الزمان، إلا أنني سعدت بقرار الحجز على أملاك الأب المتهرب من النفقة، ومنعه من السفر، وإيقاف كل تعاملاته الحكومية، حتى يسدد المستحق عليه. كل ذلك بعد كفاح الأم أكثر من سنتين.
مشاركة :